ليلى قمر / ديريك
بداهة ولمجرد التطرق لهكذا عنوان لابد من أن يتخاطر إلى الذهن ذلك المثل الكردي القائل ( śêr śêre çi Jine çi mêre ) وبالفعل فهذا المثل تاريخيا قد أعطى – لا بل جسد في مفهومها المساواة الحقيقية لقيم البسالة وبالتالي التضحية العملية، هذه التضحية التي يتوجب على ارضيتها النظر وبذات القيمة والمعيار وفتح كل السبل والآفاق أمام المرأة لتقوم بمهامها ودونما تدخل او ضوابط سواء منها المجتمعية او كانعكاس للتصورات الخاطئة منها او الموضوعة في ازمتها، وعليه وفي واقع المرأة الكردية، وكما سبق و ذكرتها في مواضيع متعددة، فمنذ العصور القديمة جدا إلى ايامنا هذه نلاحظ كما من الإرث لقامات نسوية كثيرة شاركن في مهام عديدة بدءا من قيادة انتفاضات او مشاركة في المعارك والحروب، فمنذ أواخر القرن ١٩ وحسب موقع الديوان ورحلة البحث عن الحقيقة تاريخ ١٦ / ١٢ / ٢٠١٧ ومقال بعنوان : ( نساء التاريخ الكردي القريب ..
مالا تعرفه عن بطولات المرأة الكردية من أواخر القرن ١٩ وحتى منتصف القرن العشرين ) فسنلاحظ وببساطة شديدة وعلى الرغم من العادات والتقاليد التي تراكمت لأسباب متعددة وابرزها كانعكاس للموروث الديني، إلا أن النساء الكرديات وكرد فعل حقيقي على الواقع المذري لشعبهن من جهة، وكمشاركة فعلية حتى في العمليات العسكرية مثلما فعلت بسة خانم زوجة قائد ثورة ديرسم الشيخ سيد رضا والتي عرف عنها الحكمة في قيادة المقاومة اعتمدت فيها على قوتها الشخصية اولا وإيمانها الشديد بقضيتها العادلة ولتتحول مآثرها إلى ملحمة وطنية، سجلت خلالها مع مجموعة من النساء كن معها بطولات كبيرة .. ( … وقد أظهرت بسة خانم شجاعة .. وبراعة في استخدام السلاح وقتال العدو .. واستبسلت وبشجاعة نادرة … وقد قال فيها ورفيقاتها الصحفي بارباروس بايكارا … في كتابه عن انتفاضة ديرسم: “لقد تسلقت الجبال الوعرة مع حفنة من النساء، وقاتلت العدو ببسالة، لدرجة أن العدو ظنّ أن مقابله جيش جرار”. لم تأبه للقصف الجوي أثناء قتالها الأخير، وعندما انتهت طلقات الرصاص لديها، بدأت ترمي الجنود الأتراك بالحجارة. وعندما رأت أنها ستقع أسيرة بيدهم، بدأت تصرخ بصوت جهور: “لن تستطيعوا الإمساك بي وأسري، فرَمَت بنفسها من المنحدر الشاهق … ) .
وبرز هناك أيضا بطلة مقدامة اسمها ظريفة خانم، والتي تعد من أبرز رموز المقاومة النسائية الكردية، وبرزت كثاني امرأة مقاومة وبطلة اشتهرت في ديرسم ، وهي زوجة الشيخ علي شير، وكانت مقاتلة باسلة، لايفارقها السلاح، وعلاقتها مع زوجها كانت أقرب إلى الصداقة . فبقيا يقاتلان معاً حتى آخر رمق. وعندما أصابت رصاصة العدو زوجها، استمرت ظريفة خانم تقاوم بعنف ووجهت سلاحها إلى الجنود، واستمرت تقاتل حتى استسهدت … ويجدر بنا هنا استذكار السيدة كولناز خانم أيضا، أخت عزت بيك أحد قادة انتفاضة آغري، التي عرف عنها جرأتها القتالية وحكمتها أيضاً…. )، إن النسوة المقاومات هؤلاء ساهمن وبقوة وكصنو للرجال واستزدن أيضا وتحملن المسؤوليات والمهام الجسام مثلهم وأكثر.. هذا الأمر الذي تكرر في كل الثورات والانتفاضات الكردية وقد سبق أن استعرضنا لادوار بعضهن مثل القديرة مينا زوجة القاضي محمد الشهيد *
وليتكرر المشهد، ويتوائم مع تغيير اشكال النضال وطرائقه أيضا، ومع تنوع اساليب النضال النسوي حيث قمن باختراق كثير من الحواجز ومعه أيضا الإنخراط في الحراك المجتمعي والتشارك في انشاء منتديات الصالونات متعددة التوجهات وسنوجز ادناه وباختصار شديد بعض الأمثلة :
– الاميرة روشن بدرخان : هذه الاميرة المشبعة اصلا بروحية الانتماء الكردستاني، ولن اسهب كثيرا هنا في عرض سيرتها التي تشرفت بإعداد موضوع موسع عنها سينشر قريبا في الجريدة المركزية لحزب يكيتي الكردستاني / سوريا . نعم ! فكلنا يعلم الجهود التي بذلتها الاميرة روشن بدرخان في تثقيف ذاتها .. فقد كانت تجيد خمسة لغات عدا لغتها الكردية الأم .. وساهمت بدور بارز في النضال القومي، وبنت لاجل ذلك علاقات دبلوماسية .. ودعمت نشاطات زوجها الأمير جلادت بدرخان … وكانت من مؤسسي جمعية “العلم والدعم الكردي” التي تشكلت في حلب عام 1956. وكانت من الكتّاب الرئيسيين في مجلة “هاوار” الصادرة باللغة الكردية، وواحد من المحررين فيها. وأكثر ما عُرفت به هو مشاركتها في “مؤتمر مناهضة الكولونيالية” الذي انعقد في اليونان عام 1957.. ) .
وفي كردستاني العراق وإيران ظهرت شخصيات نسوية كردية بارزة لهن وزنهن في كردستان العراق، وكمثال فقد : ( … اشتهرت في منطقة شهرزور السيدة عديلة خانم، زوجة رئيس عشيرة جاف، التي فاقت شهرتها على شهرة زوجها في الحكمة والذكاء . وحكمت العشيرة أكثر من ١٥ سنة في ظروف قاسية السوداوية، عشية وأثناء وبعد الحرب العالمية الأولى . وبرز ايضا في ذات الفترة اسم السيدة حافظة خان، أخت الشيخ محمود البرزنجي، التي اشتهرت أيضا بحكمتها وحنكتها السياسية . وكذلك النقيبة حسبة خان ابنة ملك كردستان محمود الحفيد، وكذلك
النقيبة حبسة خان، ابنة النقيب معروف البرزنجي، وابنة عم محمود البرزنجي، مَلك كردستان العراق حينها، وزوجة الشيخ قادر الحفيد؛ وقد عُرفت بعطائها الزاخر وثقافتها العالية ومساندتها القوية لنساء كردستان… ) ( و”النقيب” لقب لازَمَها بسبب أبيها، لأنه كان ممثلاً برتبة “نقيب” لسادات منطقة شيخان. وقد عملت على حل الكثير من مشاكل النساء الاجتماعية والاقتصادية، وحاولت تخليصهن من الظلم والقسوة الرجولية التي كنّ يتعرضن لها. فتحوّل منزلها إلى مركز اجتماعي ومدرسة خاصة تتعلم فيها النساء شتى أنواع المعارف وأسس الخُلُق الرفيع في المجتمع من جهة، وتتشرب بالروح الوطنية والوعي الخاص بحقوق المرأة من جهة ثانية .. وقد أشرفت .. حبسة النقيب على تأسيس أول جمعية نسوية في أواخر حزيران من عام 1930 تحت اسم “جمعية نساء الكرد”. فكانت تلك أول جمعية نسائية تدافع عن حقوق المرأة على صعيد الشرق الأوسط. كما كان موقفها مشرفاً أثناء انتفاضة الشيخ محمود الحفيد، فتعرضت للكثير من المصاعب بعد انتكاسة الانتفاضة. فوجهت رسائل ونداءات إلى أحرار العالم للوقوف مع حقوق وتطلعات شعبها الكردي المظلوم . ولعل أهم رسالة دونتها هي تلك التي أرسلتها إلى عصبة الأمم عام 1930 بشأن تلبية المطالب القومية للشعب الكردي والاعتراف بحقهم في تقرير المصير .
ولعل قصة نضال الشهيدة ليلى قاسم، والتي شرفني والداي كما غالبية المولادات بعد استشهادها بتخليد اسمها واطلاقها على مولوداتهن، فهي أول شهيدة بشمركة، هذه الشابة الطالبة التي كانت تدرس علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة بغداد .. كانت قد سعت مع رفاقها الأربعة على اختطاف طائرة لتسليط الضوء على قضية شعبهم واعتقلتهم أجهزة قمع النظام البعثي وحكمت باعدامهم ونفذوا قرارهم الإجرامي في أيار ١٩٧٤ .
– وفي كردستان ايران ظهرت السيدة المناضلة مينا قاضي زوجة الشهيد قاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد ( هناك استعراض موسع سبق أن كتبته ونشرت رت كمقال مفصل في عدة مواقع كردية هذه السيدة هي زوجة رئيس جمهورية مهاباد الشهيد قاضي محمد، وكنت قد نوهت حينها بأنها أسست الاتحاد النسائي الديمقراطي” عام 1945 وترأسته. كما تحملت الكثير من المهام الصعبة في عهد الجمهورية، وبذلت جهوداً حثيثة كي تأخذ النساء أماكنهن بفعالية ضمن الجمهورية. إضافة إلى ذلك، فقد اهتمت بالتشاطر والتكافل النسائي قائلة: “على النساء أن يتشاطرن مشاكلهن، كي يتمكنّ من إيجاد الحلول لها . وقد ألقت الكثير من المحاضرات عن حقوق المرأة، وترجمت أقوالها على أرض الواقع . وعملت على إصدار مجلة “هلالة” بالتعاون مع كوليزار شكاكي (من أقارب سمكو شكاكي قائد إحدى الانتفاضات الكردية في روجهلات) بهدف تثقيف وتوعية المرأة، بالإضافة إلى أنشطتها التعليمية الخاصة بالنساء . هذا وظلت السلطات الإيرانية تعتقلها وتعرضها لأشد أنواع التعذيب حتى عندما كانت في السبعين من عمرها . نعم هي بنت نغده ( نسبةً إلى مدينة نغده في شرق كردستان ) كانت من النساء النافذات في عهد جمهورية مهاباد. وهو لقبها الذي طغى على اسمها الحقيقي، فصار هويتها الرئيسية لدى الشعب الكردي . وقد عُرِفت ببسالتها وذكائها ونضالها الدؤوب منذ أن كانت شابة يافعة، مما أثار غضب السلطات الإيرانية التي اعتقلتها وعرَّضتها لأشد أنواع التعذيب الوحشي، إذ ربطتها بالسلاسل الحديدية لشهور عديدة وفقأت عيناها ثم قامت بإعدامها عام 1947. وهنا ارى من الضرورة ذكر اسم مستورة أردلاني، الشاعرة الكردية الصغيرة . التي اهتمت بالفن والأدب في عصر كان من المعيب جدا على المرأة أن تلتفت إلى هكذا مواضيع، إلا أنها تحدّت كل العراقيل والعوائق المجتمعية، وحاولت عكس آلام شعبها عن طريق الشعر والأدب الثوري . كما أرّخَت مسار عشيرة أردلان الشهيرة منذ صعودها وحتى سقوطها، وقد جمعت كل نتاجاتها الأدبية والتاريخية في كتاب باسم “تاريخ كردستان”. ولم تنسَ مستورة تثقيف أندادها، فحوّلت بيتها إلى مدرسة لتعليم وتثقيف أقرانها، وخاصة من الفتيات، قائلة لهم “عليكم بالعلم والمعرفة، كي تتمكنوا من تأريخ آلام ومحطات شعبكم، لتستعين بها الأجيال القادمة وتستنبط منها الدروس والعبر”.
وأخيرا : قبل اختتام هذا الجزء من الاستعراض .. يجب التذكير بنسوة تبوأن زعامة عشائرهن أيضا وساهمن بمجالات كثيرة مبتكرة .. ولسعة الموضوع وتعدد الرائدات فيها سنكتفي بهذا القدر كتوطئة لواقع المرأة الكردستانية ودورها السياسي والثقافي والمجتمعي في عصرنا عصر المعلوماتية الحالي . وسيبقى دائما هناك للموضوع بقية
…
يتبع
* الموضوع إعداد وقد تم التنويه على المرتكز الأساس في متن الموضع لذا اقتضى التنويه
* حفيدات مينا قاضي محمد سيدة مهاباد الأولى حينما – الضلع الناقص- الناقص – توقظ براكين الغضب / موقع ولاتي مه :