ثورة (ژينا أميني) تتخطى حدود إيران

عبدالعزيز قاسم 

يبدو أن انتفاضة شعب إيران وشرقي كردستان وبلوشستان ضد النظام المجرم والمستبد في إيران دخلت مرحلة جديدة وحاسمة بعد تزايد الاحتجاجات في شوارع إيران ضد وحشية النظام على أثر استشهاد الفتاة الكردية (ژینا أميني)، إضافة إلى احتجاجات ومظاهرات الجالية الايرانية والكردية في الشتات وخاصة في اوروبا وامريكا وبريطانيا وكندا .. الخ. 
أنّ ما يحدث الآن هو بالأساس كنتيجة لتدهور الوضع المعيشي في إيران و لسياسة القمع التي ما تزال مستمرة منذ 43 عامًا وما رافقتها من جرائم “القتل والإعدام” بحق مطالبي الحرية والشعب الايراني عامةً و الكردي خاصةً، وتدخله المفرط في شؤون دول المنطقة ، ودعم العديد من التنظيمات الإرهابية في سوريا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين، والمستمرة على اقليم كوردستان والمتزامنة مع الحدث الإيراني اليوم وبالصواريخ البالستية والدرونات المفخخة هذه المرة . 
من الواضح والمعلوم أن النظام الإيراني ليس لديه أي رد على مطالب الشعب الإيراني سوى القتل والجريمة واتهام المعارضين له بالتبعية لأمريكا وإسرائيل ، وهو ما يتجلى في تصريحات خامنئي ورئيسي وكبار المسؤولين في النظام الإيراني، منذ 43 عامًا ومن ناحية  وكما هو ملاحظ أنّ النظام يتعامل بمكر وخبث مع الانتفاضة مناطقياً، فها هو يتعامل مع المتظاهرين من العرقيات الفارسية والآزرية وحتى العربية بشكل مغاير في تعامله وبعنف أكثر مع المنتفضين الكرد والبلوش !وحتى ضد أقليم كردستان العراق، والهدف :هو شق صفوف معارضيه و لكسب ود ودعم بعض الدول المعادية  لتطلعات شعوب إيران  مثل الباكستان وافغانستان المعاديتين للشعب البلوشي وكذلك الدول المحتلة لكردستان.
ومن ناحية أخرى ومن الملاحظ أنّه ومع تزايد واتساع رقعة الانتفاضة فليس من المستبعد أن يقدم النظام الإيراني “تنازلات كبيرة” حول ملف برنامجه النووي لأوروبا والولايات المتحدة ، وتقديم ضمانات أمنية لإسرائيل، وهنا تأتي موافقة حزب الله على ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان في نفس هذا السياق. 
في رأيي ان القول الفصلُ والكلمة الأخيرة ستكون للشعب الإيراني  في ما يتعلق برحيل هذا النظام او ديمومته وهذا مرتبط  لدرجة كبيرة على استمرارية  وديمومة الانتفاضة الراهنة، وبالاضافة الى ان الحسابات الاقليمية والدولية السابقة لم تعد كما كانت بعد الحرب الروسية-الاوكرانية، وأن هناك وجهات نظر مختلفة في الولايات المتحدة حول برنامج إيران النووي وجدل واسع بين الجمهوريين والديمقراطيين على الملف النووي، خاصةً وأن الصفقة النووية ستحفز مباشرةً وكرافعة مالية الاقتصاد الإيراني وبالتالي سيعزز من تنامي نفوذ إيران أقليمياً و دولياً ولكن بالمقابل قد  نجد حسابات جديدة لم تكن متوقعة  مع استمرار الانتفاضة وتصميم وارادة الشعب الايراني في تغيير المعادلات الدولية والإقليمية لصالح الانتفاضة وأيضًا  قد تتخطى الانتفاضة حدود إيران وتنحو  كانتفاضة إقليمية واسعة النطاق بمشاركة الشعب الكردي بأكمله والعراقي والسوري واللبناني ضد وحشية هذا النظام المستبد وميليشياته الإرهابية، وهذا غير مستبعد و كما هو ملاحظ ويؤكد الرأي هي استمرارية  الاحتجاجات المناوئة لأتباع طهران و منذ تشرين الاول 2019 والمستمرة في بغداد وجنوب العراق و إلى اليوم، وكذلك احتجاج اللبنانين لشل نفوذ مليشيات حزب الله  لمؤسسات الدولة وأركانها ولهذا من غير المستبعد أن تتخطى هذه الانتفاضة حدود إيران وتصبح انتفاضة “إقليمية” عارمة ضد هذا النظام المارق دولياً وبالتأكيد فإن انهياره سيعود بالسلام والحرية لكافة شعوب ايران وستكون عاملا لأمن واستقرار وتنمية المنطقة برمتها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…