البحر استقبل اللاجئين دون فيزا ولا جواز سفر

خالد بهلوي

الهجرة لم تتوقف لوجود الساعين لحياة افضل لكن في احداث الشرق الاوسط ازدادت بشكل مخيف: بدأت عام 2015 عندما سمحت اوروبا بدخول قوافل اللاجئين ووفرت لهم قطارات اوصلتهم الى أوروبا ثم أغلق هذا الباب واتفقوا مع تركيا لمنع تدفق اللاجئين الى أوروبا .
هذا المنع ضاعف من نشاط وطمع وجشع عصابات المهربين الذين يكذبون على المواطن المعتر ويوعدوه بوصول آمن الى أوروبا مقابل آلاف الدولارات: والشباب مضطرين ان يصدقوا ويدفعوا ما يملكونه وما جلبوه معهم بعد ان باعوا بيوتهم وسياراتهم واملاكهم على امل الوصول الى أوروبا .حيث أصبح حلم كل شاب يبحث عن الأمان وعن المستقبل الآمن بعيدا عن الخطف او سوق للخدمة  او الإهانة اليومية امام طوابير الخبز والغاز والمازوت .
ومع طرق الهجرة المحفوفة بالمخاطر من ضياع وفقدان والموت عطشا بالغابات: او غرقا في البحار: ناهيك عن عصابات يترصد لهم ويسلبونهم ما يمتلكون من أموال :الاعيب المهربين الذين أصبحوا كالحيتان همهم تشليح الناس دون رحمة ولا شفقة  قبل الوصول الى هدفهم . منهم عاد بصندوق خشب ومنهم ابتلعه حيتان البحر او حيتان البر ومنهم بيع وتاجروا بأعضائه:  
مؤسف ما أصاب هؤلاء الشباب الذين يركبون المخاطر ويتحدون الأعاصير وامواج البحار ووحوش الغابات ليتخلصوا من ظلم وفقر وجوع ومعاناة كانوا يتلقونها بشكل يومي. يحلمون بمستقبل وبمستوى من التعليم وحياة هادئة يتوفر فيها الكهرباء والماء والدواء والخبز والمازوت والغاز .  
على شواطئ البحار مجموعات تتدافع لركوب بلم يرتدون بدله برتقالية يعتقدون انها ستنجيهم من الغرق: بلم  يحكي قصة آلاف المهاجرين الذين فروا من ويلات الحروب أو طغيان الاستبداد، أو جحيم الإهانة والفقر والبطالة .   
هذا البلم الضعيف المحال للتقاعد يجبر على حمل عشرون شخصا فوق قدرته وطاقاته الاستيعابية ولكل راكب حلم وهدف وضعه امامه فور وصوله الى أوروبا: احدهم  وعد والديه بأرسال مبالغ  ليسترد بيته الذي باعه : واخر  وعد اخوه المريض بأرسال مبلغ من المال كل شهر لشراء ادوية واجور معالجه من ذلك المرض الخبيث : واخر وعد خطيبته بلم الشمل فور وصوله ووعدها بحياة زوجيه سعيدة  وشهر عسل في أوروبا.   
اخر تعهد لأخوة ان يساعده ليدخل الجامعة وليصبح طبيبا ومهندسا : والبعض وعد اخته بهاتف حديث : لكن كل هذه الاحلام والوعود غاصت في البحار وانتهت مع ميلان البلم وغرقه  في بحر لا اسم له: 
 لكنه عادل لأنه لم يطلب من ركاب القارب فيزا ولا جواز سفر: حتى حيتان البحر كان ارحم من حيتان البشر لانه لم يسال ولم يقبض من الضحية مبلغ من المال حتى يبتلعه .  وابتلعت معهم كل احلام ووعود وامنيات من كان ينتظرهم.  وبرغم كل هذه المخاطر تتزايد اعداد الضحايا فأن عدد المهاجرين واللاجئين الشرعيين وغير الشرعيين في العالم ما يقارب 240 مليون.  
معظمهم اتلف أوراقه الثبوتية حتى لا يتعرف عليه خفر السواحل فيعيدوه الى بلده الام عند القبض عليه قبل الوصول الى بر الأمان.
حشود ومجموعات كبيرة تهرب من واقع أليم أو من فقر مدقع او هربا من البراميل المتفجرة وزوار الفجر هربا من الموت المفاجئ والاختفاء القسري والتعذيب في السجون ساعين إلى حياة رغيدة، ومستقبل جديد، ورزق وفير.
الامر لا يتوقف على الشباب والاطفال القُصر فقط، بل شمل الفتيات والنساء وكبار السن يتواجدون ضمن حالات الغرقى والمنكوبين والناجين، بل والمقبوض عليهم من المهاجرين        
الهجرة لم تقتصر الى أوروبا، بل وصلت وتوزعت في كل انحاء العالم بدءا من الدول العربية المجاورة وتركيا انتهاءا بكندا وأستراليا وايرلندا ووووو 
هكذا تضخمت ظاهرة الهجرة متجاوزين الحدود لتصبح ظاهرة هروب وفرار من واقع أليم مليء بالصراعات والخوف، و من فقر وأحوال معيشيه صعبة سيئة، يدفعهم للمغامرة بحياتهم فوق قوارب تتأرجح بهم فوق أمواج البحر، او بين غابات تلعب فيها الوحوش الضارية على امل الوصول الى أوروبا، حيث النجاة والأمن  والأمان في نظرهم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…