الائتلاف الوطني السوري ودعاية الخروج من تركيا قبل رأس السنة

د. محمود عباس

نشرت إحدى المصادر الإعلامية الروسية دعاية على أن تركيا أعطت مهلة عدة شهور، لتجد قوى الائتلاف الوطني السوري، ملجأ أخر لها غير تركيا، استثنت منهم الحاصلين على الجنسية التركية. وذلك على خلفية فتح أبواب التطبيع مع النظام السوري المجرم، بعدما كانت تحاربها وتصفها بالسلطة الإجرامية حتى قبل فترة، ظهر هذا الانحراف الحاد في سياسة أردوغان ليس حبا بنظام بشار الأسد بقدر ما هو كرها بالسوريين المهاجرين ومن ضمنهم قوى الائتلاف، وإرضاء لروسيا المتأففة من دعم تركيا للأنظمة الإسلامية التكفيرية في المناطق السورية التي تحتلها عن طريقهم.
والسؤال، فيما إذا كان الخبر صحيحا:
 أين يجب أن تتجه قيادة الائتلاف؟
 وما هو الأفضل لها؟
1- ستتجه إلى دولة قطر، فهي الوحيدة المتوقعة أن تقبلهم، وتستمر في دفع رواتبهم، كما دفعت رواتب بعض أطراف المنظمات التكفيرية العابثة في عفرين قبل شهرين، يوم قطعت عنهم تركيا الرواتب لتقاعسها عن تنفيذ بعض إملاءاتها. وهناك ستصبح منظمة شبه ميتة، وبعد فترة ستلفظهم بدورها، وبالتالي سيقبلون شروط تركيا بالرضوخ لنظام بشار الأسد مع تغطيتها بحوارات واهية واتفاقية خلبيه. وسيظهر حينها سؤال يخص الطرف الكوردي المشارك، أي المجلس الوطني الكوردي: هل سيستمر معها في مسيرتها المتوقعة؟ وإن تمت ما هي الآمال المعقودة على تحالفهم؛ تحت الهيمنة القطرية، باستثناء الرواتب؟ وهل ستقبل شروط تركيا؟ هل ستخسر ما تبقى لديها من الشارع الكوردي؟
2- إذا لم تسيطر عليها العنصرية العروبية، وتعاملت مع الظروف من البعد الوطني السوري، وتخلت عن المصالح الشخصية وحيث الرواتب، والعيش في الشقق الهادئة، وتحررت من الإملاءات التركية، فالأفضل لها ولقادم سوريا، فتح أبواب الحوار مع الإدارة الذاتية، الطرف الكوردي الذي يرجح البعد الوطني على القومي، حتى ولو كانت مبنية على منهجية طوباوية بالنسبة للشعب الكوردي، الشعب الذي دفع ثمن تلك الإيديولوجية الكثير، لكنها أفضل الحلول للمجتمع السوري بشكل عام، وللمكون العربي قبل الكوردي بشكل خاص.
  فعلى أسس تلك المنهجية، بإمكانها أن تتفق مع قوى الإدارة، خاصة وأن البنية الديموغرافية العربية أصبحت الغالبة في المنطقة الكوردية. وبإمكانها أن تخلق معها وبوجود المجلس الوطني الكوردي معارضة نزيهة، وقد يتمكنوا من إقناع القوى المعنية بإزالة المعارضة التكفيرية، وتحرير عفرين والمناطق الأخرى من الاحتلال التركي، ومن ثم إسقاط النظام الحالي وخلق النظام الوطني الفيدرالي كبديل. وكتابة دستور عصري، يتم فيه الحفاظ على حقوق جميع مكونات المجتمع السوري، ومن ضمنهم حق الشعب الكوردي كقومية ثانية بنظام فيدرالي ضمن جغرافية محددة، أي فيدرالية كوردستانية ضمن سوريا الإتحادية. 
من غير المتوقع أن تتمكن قوى الإدارة الذاتية بتحجيم دورها، ومن ثم تهميشها، وتسخيرها كقوى تابعة، مثلما فعلته مع أغلبية الحراك الكوردي، ومحاربتها للمجلس الوطني الكوردي، فلها ركيزتها الديمغرافية العربية، ربما تنحاز إليها في حال تحررها من الإملاءات الخارجية.  
3- التحديات ستكون صارخة، وستحارب من القوى الإقليمية، من قبل تركيا وقطر وسلطة بشار الأسد، عمليا من قبل معظم الأطراف الإقليمية المعنية بالقضية السورية، من جهتين: أولا على أنها تخلت عن ساحة المعارضة العربية، والثانية على أنها تحالفت مع القوة الكوردية المتهمة بالإرهاب من جهة وبأنها تتجه نحو تقسيم سوريا، وأنها الإسرائيل الثانية، قد تخف الهجمة في حال فتح المجال للمجلس الوطني الكوردي بالعمل ضمن ساحتها الكوردية بديمقراطية. ولا يستبعد أن تخلق تركيا مع قطر معارضة بديلة لتقوم بمهام التطبيع والحوارات مع النظام، إلى جانب منظمات عسكرية مهمتها: محاربة التحالف العربي الكوردي. وستحافظ بها على مبررات احتلالها للمناطق الكوردية والسورية. وتظل ولية أمر السوريين المهاجرين والمعارضين للسلطة، فعن طريق الأولى ستستمر بالضغط على الدول الأوروبية. وبالثانية ستبين للعالم الإسلامي السني على أنها حامية المسلمين. كما وسيستخدم أردوغان الحالتين، مع دعاية إعادة المهاجرين السوريين، ضد معارضة الداخل، آملا إعادة الاعتبار لحزب العدالة والتنمية؛ الخاسرة مراكزها يوم بعد آخر.
4- على الأرجح ستكون لروسيا وأمريكا مواقف من حدوث احتمالية كهذه. ويبقى السؤال: على الأرجح ستتلقى الدعم الدولي الكافي، لتصبح ركيزة لتغيير نظام بشار الأسد. لا يستبعد أن تظهر معارضة روسية لأن مصالحها قد تظل مرجحة مع النظام الحالي، ففي حال حدوثها ستكون لصالح أمريكا.
الولايات المتحدة الأمريكية
14/9/2022م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عقدت ممثلية المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS) بإقليم كوردستان اجتماعها الاعتيادي يوم الأحد، 26 آذار 2025، في أربيل، لاختيار قيادة جديدة. استُهل الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت إجلالًا لأرواح شهداء الكورد وكوردستان، وشهداء الثورة السورية، وعلى رأسهم القائد التاريخي ملا مصطفى البارزاني والمناضل إدريس البارزاني. وبحضور كامل الأعضاء، جرت مناقشات مستفيضة أعقبها فتح باب الترشيح، حيث تم انتخاب السيدة أسماهان…

إبراهيم اليوسف تعرض الكرد، عبر العقود الماضية، لحملات متكررة من التشويه والتشكيك في انتمائهم، ووصلت إلى حد اتهامهم بالأسرلة، بعد الثورة الكردية في بداية الستينيات من القرن الماضي في كردستان العراق، وفي مطلع التسعينيات، وكأنهم مطالبون وحدهم بتقديم فروض الولاء والطاعة لشعوب المنطقة، دون أن يتم منحهم الحد الأدنى من حقوقهم القومية. وما يثير السخرية أن هذه الاتهامات…

د. محمود عباس في عام 1980، وفي ختام كرّاسي التحليلي (الكورد وثورة الخميني)، دوّنتُ بحروف الغضب والخذلان، عن كيف سُحقت اليد الكوردية الممدودة إلى الجمهورية الإسلامية الوليدة، لا بخطاب فكري، بل بسيفٍ مشرّع باسم الدين. واليوم، بعد أكثر من أربعة عقود، يعود ذات المشهد – لكن على مسرحٍ سوري – بوجوهٍ مختلفة، وشعارات متغيرة، وأدوات شبيهة. يا حكومة…

– المبادئ: وأنا أدلي بشهادتي عمّا جرى في يوم الجمعة/ الثاني عشر من شهر آذار عام 2004م وفي الأيام التي تلتها، (بعد مضى 20 عاماً عليها)، أودُّ بداية أنْ أنوّه بالآتي: حينها كُنت مُدرِّساً لمادة التربية الفنية التشكيلية، وعضو اللجنة النقابية في شعبة مدينة قامشلي لنقابة المعلمين، وسبق لي (شخصياً) أنْ كُنتُ لاعب كرة قدمٍ ضمن التشكيلة الأساسية لنادي…