في دحض نظرية الخط الثالث كردياً…!

اكرم حسين 
لن ادخل في اية سجالات او مقدمات نظرية او استعرض بعض الآراء التي اشتغلت ، ولا زالت تشتغل على هذا الاتجاه في عودة الى التاريخ او المجتمعات الدولتية كنقاط استناد لمقارنة هذه النماذج مع واقعنا الكردي المركب في بنيته الاقتصادية والاجتماعية ، وتغييبه عن أنماط السياسة الحديثة ، واستمرار البنى ، والصيغ الحزبية ، والتقليدية التي لا زالت تؤكد انتمائها الى مرحلة ما قبل العولمة ، وعدم الفكاك منها ، وغياب التجارب الاصلاحية والتجديدية ، والكيان الكردي المستقل .فكل ما تقدمه وتقوم به هذه الاحزاب والقوى هو اللعب في مساحات هامشية في ظل عدم التأثير وغض السلطات الحاكمة العين عنها لعدم خطورتها وجديتها ، أياً تكن هذه السلطات ….!
يقع اصحاب نظرية اعادة بناء الحركة الكردية وبناء الخط الثالث تحت تأثير الأيديولوجيا الماضوية ، والرغبات الذاتوية في ايجاد دور او مكان في ساحة الصراعات المحلية والاقليمية والتبرؤ من الفشل …! دون ان يدركوا صعوبة تحقيق ذلك لعدد من الأسباب منها اختلال موازين القوى ، وتشابك المصالح وتعويمها مما يعني الانتظار حتى نهاية العمر في تكرار التجارب الفاشلة …!.
ليشرح لنا اصحاب هذه المقولات الدوغمائية ، وغيرها من الطروحات السفسطائية ماذا يقصدون بالخط الديمقراطي المستقل ؟ ومن هي القوى المؤهلة لإنتاج هذا الخط ؟ وكيف ستكون الاستقلالية في الوقت الذي يبحثون فيه عن ظهير ؟ وهل هناك امكانية انتاج خط ديمقراطي في بيئة استبداديه غير ديمقراطية او بقيادة شخصيات غير ديمقراطية ؟ وهل هناك ديمقراطية حقيقية في ظل الاستبداد ؟ وما السبيل الى تحقيق الحقوق القومية الكردية في سوريا في ظل المعطيات والشروط الحالية ؟ واين نحن من ازدواجية الانتماء ؟ ولمن تكون الاولوية ؟ وكيف تكون المواءمة بين نضال الكرد القومي الكردي والوطني السوري ؟.
اسئلة لم تستطع ان تضع لها الحركة الكردية السورية اجابات واضحة ، ومحددة خلال مسيرتها الطويلة ، والان نحن امام مفترق طرق ، من اجل ايجاد اجوبة واقعية وعملية لهذه الاسئلة وغيرها ، وحل التناقض الاساسي في بنية الوعي والفكر السياسي الكردي السوري …!
لا يوجد خط اول وثان وثالث في الحركة الكردية السورية . فكل الخطوط المطروحة هي عبارة عن اوهام او ظلال لمشاريع خارجية استبيئت عبر استطالاتها لتنفيذ أجندة محددة ، ورعاية مصالح متناقضة او استخدام كرد سوريا كساحة صراع لتصفية الحسابات مع قوى محلية او اقليمية .
في سوريا لا يوجد سوى خط واحد هو خط الكردايتي في تمفصله مع الوطنية السورية ، رغم الدم والمشاريع الشوفينية والعنصرية ، وهذا الخط ينطلق من خصوصية الشخصية الكردية السورية عبر امتلاكها لقرارها المستقل نسبيا على الصعيدين القومي والوطني بعيدا عن المواجهة الخارجية . فكردستان سوريا ساحة طرفية غير رئيسية بالنسبة لموقعها من اجزاء كردستان الاخرى .مما يستدعي التنسيق وتلقي الدعم مع المحافظة على الاستقلال النسبي وخصوصية الساحة الكردية السورية وتعقيداتها على كامل الجغرافيا السورية .
من العبث ان نطالب بالاستقلال الكلي او قطع العلاقة مع الأشقاء الكردستانيين لانه غير ممكن واقعيا حتى لو اردنا ذلك . فهو ينزع من ايدي كرد سوريا اهم اوراقهم .
ان اصحاب نظرية الاستقلال التام والعودة الى دمشق يستهدفون من وراء ذلك الى اغلاق الباب ووضع كرد سوريا في بناء لا ابواب فيه ولا شبابيك ، وبالتالي اضعاف القضية الكردية في سوريا 
ما نطمح اليه ونسعى من اجله هو بلورة تيار كردي سوري ينطلق من الخصوصية الكردية السورية ويتفاعل مع قضاياها ومشكلاتها دون ان يقع في موقع العداء مع البارزانية او الاوجلانية لا بل على هذا التيار ان يستفيد من امكانياتهما ودعمهما – في كل الاوقات – حيثما تطلب الامر .
ان هذه الاستفادة لا تعني عدم الانتقاد اوغض النظر عن التدخلات الحاصلة او التماهي معها كون كرد سوريا قصرا او غير مؤهلين لقيادة انفسهم فلديهم – اي كرد سوريا – من الخبرة والتجربة والوعي ما يؤهلهم الى ادارة شؤنهم وتطوير علاقاتهم الايجابية مع الجميع دون اية تدخلات .
اذاً كل الذين يدعون الى تأسيس الخط الثالث او يتحدثون عن خطوط بين كرد سوريا منفصلون كليا عن الواقع العياني العنيد او تائهون في احلام دونكيشوتية لا تختلف عن محاولات تلك القوى في اكتساب الشرعية الوطنية ، ونقدهم لا يتعدى سوى الجانب الشكلاني في الخروج من حالة الضعف و الوهن السياسي ….!
من هنا هل يدرك أصحاب هذه النظريات الخنفشارية حقيقة العلاقات والوقائع ، وموازين القوى بينها وبين القوى القائمة من طرفي “الاستقطاب “؟ وما هو الهامش المتاح لهم للعمل سوى التضليل والتعمية على حقيقة العجز ؟ وما هي الوسائل وادوات تنفيذ عقد المؤتمر الكردي الجامع وبناء الحركة الكردية السورية ؟ الم يتعلم هؤلاء من تجربة ودروس كل هذه السنوات التي دفع شعبنا الكردي ثمنها ….!
ما المانع من عقد المؤتمر الكردي الجامع والانتظار كل هذه السنوات ؟ هل بمجرد عقد هذا المؤتمر ستحل كافة القضايا والمشكلات المتأصلة في بنية الاحزاب والحركات الكردية ؟.كيف يمكن استنهاض الحركة الكردية السورية ، وتوحيد قواها ورؤاها في ظروف الواقع الحالي ؟
هنا تكمن المعضلة وجوهر المشكلة….!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…