بين أحضان جدّي وأريكة جدّتي.!

عنايت ديكو

في بطون الليالي والشتاءات الباردة التي اختزلت جلّ طفولتنا، وقبل نصف قرنٍ زماني من اليوم، كنا صغاراً ، وفي الجلسات العائلية أحياناً، كنا نسترق السمع من أطراف وجنبات الحديث العائلي الصاخب، فكان جدّي يحتل العرش ويقص علينا الحكايا والمآثر والبطولات وقصص الحب والجمال بالقرب من موقدة النار الهائجة ” PIXARE “، بينما أبي كان منشغلاً في أدوات صيدهِ وزوّادته الجبلية، وببارودته التي كان يعشقها ويعتبرها من الكرامات العائلية والجمعية، وأمي كانت منهمكة في نسج وحياكة مزيّنات سرج الفرس الأسمر الگوگارچيني. 
أما نحن … فكنّا نلعب ونبادل الودّ مع القطة المنزلية البديعة والوديعة، وأحياناً أيضاً كنا نستمتع بالغناء الملحمي وبالدندنة المستترة من ردهات الشوق عند الوالدة.!
وفجأة يقول جدّي : حذاراً يا أولادي … فالشجرة هي مثل الأولاد والبنون … فكل شجرة زيتونٍ هي بمثابة ولد بحالهِ … فيسود الصمت المعتاد بعد سردية الجدّ العظيم … وأنا أضع النظر الحادّ في عيون والدي … فيُكرّرها جدّي عبارته ثانيةً … أجل، فكلّ شجرة هنا، سقيناها بالرّوح وبالدماء، فأياكم … ثم إياكم الافراط بها، أو اقتلاعها أو تكسيرها أو لطمها أو حرقها… فهي شجرة الحياة وبنيان الجنّة… إنها شجرة “الزيتون المقدسة “.!
واليوم … أسأل نفسي و أسألكم … فكيف تتجرأ هذه العصابات اليوم، على قطع أوصال هذه المقدسات في كورداغ .!
عفرين أكبر من أكبركم 
…………………

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…