تقرير سياسي غير دوري لتيار مستقبل كردستان سوريا – ايلول 2022

(قراءة مختصرة في المشهد السوري)
استهلال :
بعد لقاء القمة الثلاثي في طهران بين بوتين- اردوغان- رئيسي، وبين بوتين – اردوغان في سوتشي، والغاء الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية، خيمت اجواء من عدم التفاؤل على مناطق النفوذ في سوريا سياسياً واقتصادياً، نتيجة انسداد افاق الحل السياسي، حيث توقفت اجتماعات اللجنة الدستورية بعد رفض روسيا استمرارها في جنيف، والطلب من النظام لعقدها في عاصمة اخرى تحت ذريعة صعوبة الاجراءات المتخذة من قبل الحكومة السويسرية تجاه حضور المبعوث الروسي. ترافق ذلك مع الاستهداف  الاسرائيلي المتكرر لبعض المواقع  والمنشآت الايرانية في سوريا  كما حصل في مصياف، ومطاري دمشق وحلب الاربعاء الماضي، وبعض الاماكن الاخرى في تصعيد يؤكد على عدم القبول بالتمركز الايراني في سوريا، وعملياته في نقل الاسلحة المتطورة من ايران الى الميليشيات الايرانية في سوريا وحزب الله اللبناني.
اللجوء والنزوح :
تشكل ازمة اللجوء، والنزوح اكثر الملفات صعوبةَ وتعقيداً وتشابكاَ في القضية السورية، وخاصة اللاجئون في تركيا حيث يعانون ضغطاً اعلامياً واجتماعياً وقانونياً نتيجة التجاذب السياسي بين الحكومة التركية والمعارضة، واستثمار قضية اللاجئين في السباق الانتخابي المزمع اجراءه في حزيران  القادم، الامر الذي يضاعف من معاناة اللاجئين السوريين في تركيا بسبب ارتفاع اسعار ايجارات المنازل، وانخفاض الدخل الشهري،  وتدني اجور العمل، وفي الدول الاخرى ايضاً كلبنان والاردن فان اللاجئين السورين ليسوا بأحسن حال فقد طالب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بإعادة اللاجئين الى سوريا دون انتظار الحل السياسي، وفي الاردن اشتكى رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز من ان بلاده ” تواجه تحديات اقتصادية وامنية بسبب استقبالها لمئات الالاف من اللاجئين السوريين “.
ان ظاهرة الهجرة أو الهروب من الواقع السوري باتت تتصاعد بشكل كبير في الايام الاخيرة من كافة انحاء سوريا، وخاصة من المناطق الكردية، ولازال السبب الكامن وراء هذه الظاهرة هو استمرار الازمة السورية، وعدم وجود اي أفق للحل السياسي، في الوقت الذي لا تُقّدِمْ فيه الدول المتنفذة اية حلول للأوضاع المأساوية التي يعيشها السوريون، ويبدو بأن هناك شبكات منظمة هدفها جمع الاموال، وتفريغ المناطق الكردية من سكانها الاصليين تنفيذاً لأجندات محلية واقليمية، كما أن سلطات الامر الواقع تساهم هي الاخرى في زيادة تأزم الاوضاع الاقتصادية، في ظل التهديدات التركية المحتملة  في اقتحام المناطق الكردية والقصف المتبادل على طرفي الحدود،  واستمرار حزب الاتحاد الديمقراطي في سياساته  الاقصائية والاستئثارية ، وعدم ايجاد حلول للقضايا المتفاقمة، وخاصة  الغلاء والبطالة والهجرة والخدمات، وتوفير حياة امنة وكريمة  …!
مناطق سيطرة قسد :
تتواصل معاناة السوريين في هذه المناطق جراء سياسة ” الادارة الذاتية ” عبر فرض الاتاوات واحتكار المواد الاساسية وضآلة الخدمات، وغياب الخطط التنموية – رغم الرعاية الامريكية – في ظل انخفاض الرواتب والاجور، وقلة محاصيل الموسم  الزراعي، حيث أثّرت على الفلاحين  تأثيرا كبيراً جراء الظروف المناخية، وانقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع اسعار المحروقات، وصعوبة الحصول عليها مما فاقم من سوء الاوضاع، وصعوبة الحصول على رغيف الخبز، وامكانية فقدانه..!،  اضف الى ذلك تأكل القدرة الشرائية، وتدني مستوى الخدمات، وارتفاع الاسعار، وغياب فرص العمل، وانتشار البطالة، والتسول .!
فقد شهدت اسواق المنطقة مؤخرا ركوداً اقتصادياً كبيرا، وخاصة في حركة بيع وشراء العقارات، وفي سوق العمل بسبب سوء الوضع الاقتصادي، وعدم استقرار الاوضاع الامنية، والتهديدات التركية بالقيام بعملية عسكرية محتملة ، يضاف الى كل ذلك ارتفاع اسعار البنزين والمازوت، وفرض اتاوات بقيمة عشرة الاف ليرة سورية على كل الية متوسطة لقاء تسجيلها للحصول على 50 ليتر مازوت اسبوعيا، وقد عكست هذه الاجراءات تذمراً واستياء شعبياً بين سكان  المنطقة  .
الانتهاكات في المناطق الكردية (عفرين – سري كانيه- كري سبي ) :
تتواصل انتهاكات الفصائل الموالية لتركيا وجرائمها بحق اهالي هذه المناطق حيث لم تكتفي بالبشر والحجر بل وصلت الى حد قطع الاشجار الحراجية في منطقة عفرين تحت انظار القوات التركية المتواجدة هناك، يأتي كل ذلك بغية القضاء على الغطاء النباتي بشكل ممنهج، وبيع الاشجار كحطب للتدفئة لقاء مبالغ مالية تعود عائداتها الى جيوب قادة هذه الفصائل، وهذه الجريمة تضاف الى سلسلة الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها المجموعات الموالية لتركيا بحق المدنيين وممتلكاتهم، والاستيلاء عليها بقوة السلاح فضلا عن الاتجار بها، وفرض الاتاوات والاستيلاء على اشجار الزيتون، وتوجيه التهم الى الاهالي بحجة التعامل مع ادارة ب ي د السابقة بغية تحصيل فديات مالية منهم، وهي جرائم قد ترتقي الى مستوى جرائم ضد الانسانية تصريحات وزير الخارجية مولود جاويش اوغلو :

فجرت تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو التأكيد على ان “السلام الدائم يتطلب اجراء مصالحة او اتفاق بين المعارضة والنظام اضافة الى القضاء على الارهابيين دون تمييز ” غضباً شعبياً انعكس في احتجاجات واسعة  ضد فكرة المصالحة  شملت كل مناطق الشمال السوري في تأكيد على رفض المصالحة مع نظام الاسد، وتمسكها بالانتقال السياسي وفق القرار الدولي 2254، فتركيا تبحث عن مخرج لازمتها بعد فشلها في تنفيذ العملية العسكرية التي وعدت بها الشارع التركي بإقامة منطقة امنة، وتوطين مليون لاجئ سوري فيها – بسبب معارضة – كل من روسيا وايران والولايات المتحدة الامريكية ، رغم ان عودة العلاقات الدبلوماسية  بين تركيا والنظام السوري لا زال الحديث عنها مبكراً، وخاصة في ظل حصول مفاجآت او تحولات غير منظورة تَحُوُل دون اجرائها ..!
ان ما دفع تركيا الى الحديث – عن – فكرة المصالحة – هو البحث عن مصالحها الاساسية، و الرد على التحديات التي تطلقها عملية غياب التسوية السياسية  الشاملة، بضمان مصالح جميع الاطراف، فمصالح تركيا لا تقتصر على مسألة تأمين الحدود السورية التركية وانما تتجاوز ذلك الى المشاركة في النظام السياسي السوري القادم .
الموقف الدولي من القضية السورية :
بعد الانتهاء من  الاجتماعات التي جرت في جنيف بين ممثلي المجموعة المصغرة وتركيا والعراق وجامعة الدول العربية وبعض الدول الاخرى صدر بيان مشترك من الدول المجتمعة  بتاريخ 31  أاب 2022 تم التأكيد فيه على الالتزام بالتوصل الى حل سياسي للازمة السورية يتوافق مع قرار مجلس الامن الدولي 2254 بما في ذلك الدعم المتواصل لتنفيذ وقف اطلاق النار الفوري على مستوى البلاد والمحافظة عليه، واجراء انتخابات حرة ونزيهة، ووضع حد للاعتقال التعسفي، واطلاق سراح كافة المعتقلين ظلماً وضرورة انشاء ظروف امنة تسمح بعودة اللاجئين والنازحين بشكل امن وطوعي، ورفض الحل العسكري، والالتزام بمهمة التحالف الدولي بهزيمة داعش، وبالمعركة ضد الارهاب بكافة اشكاله .
كما اكد البيان على الدعم المتواصل للمبعوث الدولي الى سوريا السيد غير بيدرسون، والى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، واهمية مواصلة توفير المساعدات الانسانية المنقذة للحياة والانعاش المبكر في مختلف انحاء سوريا بما فيها توسيع الية توفير المساعدات عبر الحدود بموجب قرار مجلس الامن الدولي 2642 .
مؤتمر المجلس الوطني الكردي :
لا زالت الاستعدادات جارية على قدم وساق للتحضير لعقد المؤتمر الرابع  – رغم كل الانتقادات – فقد تم الانتهاء من اجراء انتخابات المستقلين المشاركين في المؤتمر والتي تحددت نسبتهم بـ 51% من المؤتمرين اضافة الى الشباب والمرأة، وتحضير مسودات النظام الاساسي والوثائق السياسية المتعلقة بالمؤتمر بانتظار اللحظة السياسية المناسبة لانعقاد المؤتمر في اقرب وقت .
رهان الجميع هو التغيير في الشروط الحالية، وامتلاك الارادة والقرار، وما سينتج عن المؤتمر من وثائق وقرارات، واعادة تفعيل دوره في القضية السورية عامة، والكردية خاصة، فالمطلوب هو بذل الجهد الضروري لحل التناقضات التي تمزق الصف الكردي، وتفكيك اَلْعُقَدْ التي تقف في طريق هذا التعاون على اساس العمل الجماعي ، والروح الوطنية الخالصة، والتحرر من القيود، وإعادة النظر بالاستراتيجيات السابقة  بما فيه تجاوز الاساليب القديمة في العمل، وبما يحقق مصالح الشعب الكردي في سوريا، وقضايا الحرية والمواطنة  والديمقراطية وحقوق الانسان .
قامشلو 3-9-2022
تيار مستقبل كردستان سوريا 
الهيئة التنفيذية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…