ليلى قمر / ديريك
مع الايام واعتبارا من سنة 1975 اخذت الساحة السورية تمور تحت كمون نار وان كانت جذوتها تمتد الى مرحلة الاربعينيات ، وذلك الصراع الخفي بداية بين التيار القومي وحركات اسلامية وصلت الى درجات حدية حينها ، إلا ان اشدها عداءا ومنهجة هي ما اخذت تتصاعد بعد انقلاب حافظ اسد ، والذي سعى منذ بدايات استيلاءه على السلطة الى احداث متغيرات بنيوية في كافة المراكز الحساسة لشد قبضته على النظام ، واعتمد في ذلك على الطائفة العلوية وفتح باب الكليات العسكرية والشرطية امامهم حسب زعم التيار الراديكالي الإسلامي ، وإن كان الامر لا يخلو في الواقع بمنح النظام افضلية التكافؤ لطائفته ، وبالفعل اهذ يطفو على السطح نوع من التنازع والذي ساهم في توسعة الشرخ المذهبي وعلى إثرها استطاع حزب الإخوان المسلمين اللعب على هذا الوتر والذي اهذ بدوره يزيد في تقسيم وفكفكة الشارع السوري ، وسياسيا : كان النظام قد ارهق غالبية الاحزاب السياسية وحوطها في دائرة مشاكلها وصراعاتها التنظيمية ، وترافق طردا في تكثيف الإعتقالات وتوسيع دائرة القوى المستهدفة ، وايضا سخرت ادوات النظام جهدا كبيرا داخل المنظمة العسكرية ،
فبين الفينة والاخرى كان يقتل ضابط مشهور بحادث سير حتى اصبحت هكذا حوادث مسار سخرية الشارع السوري ، وتضاعفت حملات الإعتقالات واستهداف النشاطات الشبابية ، وباختصار يمكننا القول بان النظام استطاع تشطير بنية المجتمع السوري بالعرض والطول ، وفي الجانب الآخر ، وتحديدا جماعة الاخوان المسلمين ، واما إصرار حافظ اسد وعلانية فتح المجال للهيمنة العلوية على قطاع الجيش كضمان له ولنظامه ، واعتمد كإجراء لتطبيق ذلك على فتح ابواب التطوع في قطاع الجيش للطائفة العلوية وتقديم الإمتيازات لهم كما واولوية / افضلية القبول ، وقد ساهمت مواقف وممارسات الجيش السوري في لبنان بعد دخوله اليها ( وسنفرد له قسم خاص ) وباختصار ، فقد انقاد النظام سواء بمشيئته او حتى لو كان بالفعل قد استدرج الى ذلك لممارسات طائفية ، واخذت ملامح الشرخ المذهبي تتبلور وذلك في طورين : العلوي وقد مثله النظام ووفر لذلك كل اساليب القوة والهيمنة وبالتالي فتج المسالك والمجالات للهيمنة على كل القطاعات الحيوية من جيش وامن وتعليم ، قابله تهميش ممنهج وعلى ارضية ذلك لوحظ في احايين كثيرة ذلك التمايز ، والذي ارتكز عليها الراديكاليون وخاصة الاخوان المسلمين ، والذين استطاعوا ركوب موجة المذهب السني واشتغلوا عليها كثيرا . إذن وفي اختزال وتكثيف هنا ، فبعد انقلاب عام 1970 في سوريا بقيادة وزير الدفاع حافظ الأسد وهو من الطائفة العلوية ، ورغبة منه في التشبث بالسلطة عبر الهيمنة على الجيش ، ولهذا فقد خطط لزيادة نسبة الضباط العلويين في الجيش السوري ، ووضع برنامجا سريعا لتسريح عدد كبير من الضباط السنة ، وركز مو اجل ذلك على أجهزة المخابرات وسلاحي الطيران والمدفعية . وفي العودة الى الصدام الاول بين حزب البعث والإخوان المسلمين في سوريا بعد فترة وجيزة من الانقلاب البعثي عام 1963 وسيطرته على نظام الحكم في سوريا ، وكانت الجماعات الإسلامية السياسيّة وأبرزها الإخوان المسلمين تُمثّل اقوى معارضة للنظام ، مما أدى بالنظام الى تجريم جماعة الإخوان المسلمين عام 1964ومن ثم إلى تطرفها ، ففي عامي 1964 و 1965 انتشرت الإضرابات والمظاهرات الشعبيّة في جميع أنحاء المدن الرئيسية في سوريا وخاصة في حماة لكنّ الجيش تمكّن من القضاء عليها بالقوّة . لقد كانت مدينة حماة معقلًا للتيار المحافظ وللإخوان المسلمين ولطالما شكّك حزب البعث في ولائها للدولة .
ومع إعلان حافظ اسد عن الدستور الجديد فب 31 كانون الثاني/ يناير من عام 1973 ، وعلى اثرها اندلعت أزمة وطنية ؛ حيث وعلى عكس الدساتير السابقة لم يَشترط هذا الدستور أن يكون رئيس سوريا مسلمًا الامر الذي أدى إلى « مظاهرات شرسة » في حماة وحمص وحلب نظمتها جماعة الإخوان المسلمين ووصفوا الأسد بأنه عدو الله ودعوا إلى الجهاد ضد حُكمِه ، وتطور الامر الى ابعد من ذلك
بعد دخول الجيش السوري الى لبنان في عام 1976 ، حيث تم استهداف عددٌ من الضباط والموظفين الحكوميين السوريين البارزين فضلاً عن عددٍ من المدنيين . ومعظمهم كانوا من الطائفة العلوية مما اوحى بان المهاجمين لهم مخطط مُعيّن وبالرغمِ من ذلك لم تتمكّن لا الدولة ولا جهاز الاستخبارات من تحديدِ الذي يقفُ وراء عمليات القتل والاغتيال تلك ، وإن ووُجّهت أصابعُ الاتهام نحوَ الإخوان المسلمين الذين كانوا يعادون العلويين ويعتبرونهم من غير المسلمين. في تلك الفترة سرت شائعات وتكهنات تُفيد بأن حكومة صدام حسين في العراق قد قدّمت الدعم اللوجستي والعسكري للإخوان المسلمين في سوريا .
….
يتبع