منع عملية الابتزاز لإرهاب الملالي!

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

تعرف كل الحكومات، كما يعرف كل المشرعين والسياسيين والمثقفين وكل شعوب العالم بأن النظام الحاكم في إيران نظاما إرهابيا، نظاما متلونا يظهر نفسه بألف وجه، ولا يعير إنتباها لأي قانون في العالم، نظام القصف والتفجير والإرهاب والتهديد والإغتيالات وخطف الرهائن، نظام الرشاوى والإغواء والشيطنة، نظام بهذا الوصف والحال، وفي الوقت ذاته يمارس نهج المساومة والإسترضاء والإبتزاز، نظام لم ولن يتخلى أبدا عن طبيعته وسياسته وبرامجه ومشاريعه اللاإنسانية، وكان موضوع مشروع إنتاج القنبلة الذرية من أكبر مشاريعه والذي لا يزال قائما حتى الآن، والآن وبعد مضي عقدين من الزمن لا يزال النقاش حول كيفية إيقافه مطروحا على مائدة المفاوضات، وكان هذا المشهد المؤلم قائما بينما يقوم صاحب الراية وصاحب أول عملية فضح لمشاريع ولاية الفقيه النووية ألا وقد كانت هي المقاومة الإيرانية التي لا يمكن إنكارها أوتجاهلها ولا يمكن إنكارها.
ويا له من مشهد عجيب ومثيرٍ للضحك فوق التصور  أن يكون التوافق والتعايش الزائف لهذا النظام أداةً للمفاوضات مسترضيا مهادني الغرب إلى جانبه ليغمضوا أعينهم عمدا عن جرائم هذا النظام الإجرامي، وليجعل الشعب والمقاومة الإيرانيين ضحايا لأطماعه.
واستنادا على عدد كبير من الأدلة والوثائق التي لا يمكن إنكارها، قام نظام ولاية فقيه الملالي بالتوازي مع الإعتقال والسجن والتعذيب والإعدام وقتل ومجازر الإبادة الجماعية لمعارضيه داخل إيران، قام باستخدام عملائه لتحويل المسار الحقيقي للانتفاضات الشعبية ومن بينهم عملاء للدكتاتورية السابقة، كما قام بإنفاق ميزانيات عالية جدا من الأموال وتوظيف وسائل إعلام إقليمية وعالمية متعددة الأوجه، وتحولت سفارات النظام إلى مراكز إرهابية معادية تنشط ضد المعارضين.
ومثال اليوم كمصداقٍ على هذا الواقع المرير هو لعبة الحكومة البلجيكية على أرض الإرهابيين، وأسد الله أسدي الدبلوماسي الإرهابي لنظام الملالي المحكوم عليه في محكمة بلجيكية بالسجن عشرين عاما بتهمة محاولة تفجير التجمع السنوي للمقاومة الإيرانية في باريس عام 2018، وقد وقع هذا الدبلوماسي الإرهابي في قبضة العدالة بهذا البلد، وبناءا على الاتفاق بين الحكومة البلجيكية والنظام الحاكم في إيران يمكنه أي الدبلوماسي الإرهابي الإنتقال إلى إيران كبلد منشأ لقضاء مدة عقوبته فيها، وإن هذه لممارسة خطيرة ومخزية، ذلك لأن إيران هي الدولة التي قررت في مجلس الأمن الأعلى للنظام الحاكم في إيران القيام بتفجير تجمع الإيرانيين!
نعم، فالحقيقة المرة هي أن النظام الحاكم في إيران يستخدم سفاراته من أجل انجاز أعماله الإرهابية ومن خلال ذلك يرسل الإرهابيين خارج حدود إيران للقيام بأعمال إرهابية، وفي حالة النجاح يتم استغلاله بطريقة مواتية (!) ، وعندما يتم القبض عليه ويقع بيد العدالة فإنه سيتصرف بطريقة أخرى (وهنا يأتي في شكل اتفاق) لإنقاذ الإرهابيين المرسلين وإرجاعهم ليكونوا على مقربة منه، ولا يسمحون لعدالة دولة ما بأن تبقى “مستقلة”
نعم ، إيران في ظل سلطة حكم الملالي هي المركز الرئيسي للإرهابيين وأكبر مصرف للإرهاب في العالم، وبالحقيقة أن مثل هكذا إتفاقيات في العصر الحالي المسمى بعصر الإتصال تُعتبر إتفاقيات مخزية ومتواطئة مع الإرهابيين!
وإنها لواحدة من علامات تغيير العصر ، فعندما يتم الإعلان عن مثل هذه الصفقة والاتفاق المشين وتنفيذها على الملأ، عندها تتردد أصداء هذا الاحتجاج والإدانة في المجتمع الدولي، وتدخل الأطراف في مثل هذه الاتفاقات في “صدمة” كما الأشخاص الذين يتعرضون لصاعقة كهربائية، ويأتي صوتا صادحا من ضمير الإنسانية المعاصرة ليدين أي مساومة واتفاق على حساب  مصالح الشعب والمقاومة الإيرانيين رافضا وقوع العدالة في أيدي الأوغاد والإرهابيين!
ولن يقدم اليوم المجتمع الدولي، ومن قبله المجتمع الكبير للمعارضة الإيرانية المعتمدة على الشعب والمقاومة الإيرانيين أي حل وسط مع النظام الإرهابي المتحكم بإيران، وسيستخدم جميع حقوقه لتطهير المجتمع الدولي من الإرهاب ذلك  لأن لديهم “ألم مشترك”، ويريد النظام منذ أن تولى السلطة إلى الآن، ويوما بعد يوم، وخطوة بخطوة ومنذ أن وطأت قدماه على الطريق أن يأخذ مصير العالم كرهينة.
واليوم يرى الجميع رؤى العين أنه لولم تكن المقاومة الإيرانية إلى أي مدى كان يمكن للنظام الإرهابي الحاكم في إيران أن حقق أهدافه الشريرة في هذا المسار الخطي، ولم يأتي من قبيل الصدفة أن يعتبر نظام الملالي بأن نظيره الوحيد “المقاومة الإيرانية” ، وسواء شاء أم أبى أم أضطر فقد أعلن على الملأ مرارا وسمى البديل الحقيقي والديمقراطي الوحيد ألا وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، القوة التي أغلقت الطريق أمام تقدم هذا النظام في جميع المجالات، وأصبحت أمل الشعب الإيراني أكثر من أي وقت مضى، وأتت بطيف واسع من المجتمع الدولي الداعم لها إلى داخل المشهد والحدث!
كلمة أخيرة،
كانت هناك حرب تاريخية خفية في أعماق كل قضية تتعلق بإيران، وهي الآن أكثر وضوحا ألا وهي معركة الشعب والمقاومة الإيرانية ضد نظام ولاية الفقيه المتسلط على إيران، ويعرف قادة النظام قبل الجميع هذه الحقيقة جيدا، ولهذا السبب وفي أي زمان ومكان قاموا بتركيز أنشطتهم الإرهابية والإجرامية على المقاومة الإيرانية، والشعب والمقاومة الذين دمروا نظام ولاية الفقيه داخل إيران سيكونون بالتأكيد قادرين على إغلاق طريق المراضاة والمهادنة مع هذا النظام خارج إيران أيضا!
ومثلما تم اعتقال ومعاقبة أسد الله أسدي من قبل نفس هذه المقاومة سيكون فشل هذا الاتفاق وغلق طريق المهادنة والمراضاة  مع هذا النظام على يد هذه المقاومة أيضا، ولا تشككوا في انتصار الشعب على الديكتاتوريين والارهابيين، فالنصر مؤكدا وحليفا لهؤلاء الناس!
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…