وليد حاج عبدالقادر / دبي
خاص لموقع ولاتي مه
في ذكرى الشهيد المهندس زرادشت اسماعيل عبدالمجيد
كان يصغرني بأربعة أعوام جمعتنا تلك البلدة التي بصمت عشقها بسريالية أبدية بنكهة بوتان التي ما خفت عشقنا لها مطلقا، لابل غدت ديريك هي بوتان وبوتان هي ديريك، لم يكن فارق السن مطلقا حاجزا او فاصل لما تجمعنا به من صلات عائلية وقرابة الى حد ان الأسماء كانت تتساقط في الدائرة الأوسع فنتسمى ب – zarokên cizeriya – اولاد الجزيرية، ومع الأيام والسنين كبرنا وكبر معنا الهم القومي سيما ان ديريك كانت المعبر والنقطة الأهم في التلاقي مع جزئي كوردستان، وبعض من بيوتاتنا أضحت نقاط مرور لوجستية هامة لزوار اعلاميين وكتاب ومثقفين من جنسيات عديدة، فكانت الأسماء تتداول في بيوتاتنا وبيننا وان كنا بعد صبية،
وبالرغم من توجه العم الراحل حج اسماعيل نحو ما كنا نسميه – اليمين – ووالدي صوب المعارضة ومن ثم امتداد الشرخ صوب الموقف من الثورة الكوردية بعد الانقسام الذي حدث هناك، وموقف اليمين مع السيد ابراهيم احمد وجلال الطالباني واليسار مع قيادة مصطفى البرزاني، ظللنا نحن الصبية نردد أغاني تمجد كوردستان والقضية ونستمع بعمق لما كان يدندن به الاخوين لالش وزردشت ونتجادل أحيانا نحن الأكبر منهما سنا عن جدليات الثورة والموقف الخاطئ وذلك مما كنا نتلقطه كتلاطيش من احاديث محالس بيوتاتنا .. مضت فينا الأيام والمفاهيم الخاصة اخذت تتبلور قليلا، وبقينا على خطوطنا المتفرعة ولكنها المنحنية لتلتقي كانت برباط خلناه دائما سيبقى طوقا جمعيا وبالفعل كانت تشدنا الى حلقات وئامها دائما في احزاننا وأفراحنا التي ما خلت مطلقا من بعض منغصات النقاش الوقتي فنقتعد سفرة الطعام سوية او ذات البيوتات ننام فيها ليلتنا .. اتذكر آخر لقاء لي كان مع الشهيد زرادشت لربما كان اواسط الثمانينيات في عرس واحد من ابناء عمتي – أخواله -، ذلك اللقاء الذي دام طويلا في بيتهم وبعيدا عن العرس وتعشينا انا وهو ورغم إصراره ان نبقى الليلة هناك، اعتذرت ورجعت الى العرس .. كنت اتابعه عن بعد ودائم الاستفسار عن وضعه كلما التقيت احدا من الأقرباء في القامشلي او حتى الحسكة وفي زياراتي لديريك .. علمت بأنه غادر ولكن الى اين ؟ لا ادري ؟ كنت اتوقع لابل متأكدا بأنه يكتب، لابل كتب باللغة الكوردية وشجعته بقوة ان يخوض مجال ذلك .. وصلتني تحايا منه بعد خروجي من المعتقل .. كنت بدبي حينما وصلني نبأ استشهاده .. زرادشت : جميعهم يعرفون كم كنا مختلفين ولكنهم كلهم يدركون ايضا كم كنا، نعم انا وانت نعشقها كوردستان، ويشهد علي ضميري وبعض من أصدقائنا المشتركين – منهم ممن تعرفت عليهم بدبي وهم رفاقك كانوا ومن عفرين – كم من مرة زحفت بي الذاكرة الى محراب ذخيرتك الغنية بالمرادفات والمصطلحات باللغة الكوردية، وسأظل أتذكر ونحن على باب داركم استودعك وحينها قلت لك : لو تفرغت للتدوين والكتابة والله ستبدع أكثر و …نلت وسام الشهادة نتذكرك وسنبقى نستذكرك كوميض يتجدد
المجد لك الشهيد المهندس زرادشت اسماعيل عبد المجيد
في ذكراك ويوم شهادتك مثل هذااليوم سنة ١٩٩٨
طوبى لك ولكل شهداء كوردستان
…..
أظنه كان سنة ٢٠٠١ وان لا اتذكر الشهر، اتصل معي الأخ عبدالرحمن من شركة حلبجة وهو من مدينة حلبجة ايضا، وقال : عندنا شاب من مريوان – كردستان ايران – وهو مصاب بشلل اثر حادث وعلى كرسي متحرك، وهو على موعد في المانيا لاجراء عملية جراحية المشفى مقدرين امل نجاحها بدرجة كبيرة وهو بحاجة الى مساعدة .. انطلقت مع سائقي الى شركتهم، وبالفغل هم كانوا قد اعطوه مافيه النصيب .. سألت عبد الرحمن عن المبلغ المتبقي وحددها لي .. انتقيت عدة شركات كردية من كردستان العراق وايران وايضا صديق من نصيبين وانطلقنا اليهم وهو معنا وسائقي الباكستاني يجرجر دراجته، وبالفعل ماخاب احد مسعانا .. عدنا به الى مكتبي وقلت له اجمع ما لديك واحسب كم ينقصك .. قال لي : انه سيذهب الى قطر ايضا فهناك اقرباء له هناك وعدوه ايضا بمساعدة .. قلت له : امامك الهاتف اتصل معهم وبدل ان تسافر الى قطر ومصاريف وتعب السفر دعهم يحولونها لك باسمك وستستلمها من الصراف بجانبنا .. قال : اريد ان اسافر اليهم وسيكون ذلك افضل .. تناولنا الغذاء وأوصلناه لمطار دبي وطلبت منه الاتصال حين العودة بأية ساعة تكن .. صباح اليوم التالي اتصل من مطار دبي .. ارسلت زاهد – سائقي اليه وعادا .. استفسرت منه عن الوضع فإذا المبلغ غطى – يادوب -بطاقة السفر .. كان قد بقي عدة شركات ما كنا قد اتصلنا معهم .. تكلمت مع عبدالرحمن وشرحت له الموقف .. قال : ساتصل معك بعد قليل .. وبالفعل اتصل معي قائلا : كاك وليد ليكن الباقي بيننا وبينكم .. في ذات الوقت كان صالح ابو بروسك قد دخل المكتب واخذ يتبادل الحديث مع م . خ و السيد ولات خ عن الشاب على كرسيه المتحرك ولما شرحوا له الوضع ناوله هو ايضا حسب امكاناته حينها واتممنا له الباقي وتغذينا ثانية واوصلناه الى شركة حلبجة .. و .. القصة كلها لم تنته هنا .. بعد فترة اتصل عبدالرحمن معي وقال : كاك وليد ! تتذكر قصة كاك … ؟ قلت : نعم .. خير .. انشاءالله نجحت عمليته .. قال : القصة ليست هنا ؟ تتذكر انو نحنا اتصلنا معك وانت وسائقك و موظفك م . خ تعبتم كثيرا وجمعنا له من عدة شركات واكملنا الباقي مننا ومنك والسيد ؟! .. قبل قليل كان عندنا ويبدو انه سمع بقصة ذلك الشاب وقال لنا وهو يسرد من خياله القصة بأن الشاب كان يحتاج الى ثلاثة آلاف دولار واعطاه ولم يتنازل لطلب المساعدة من احد ؟ .. قلت له : انا قادم لعندك .. بالفعل وصلت شركة حلبجة ومن هناك اتصلت مع الشخص، وبعد دردشة تقصدت وقلت : هناك شخص بحاجة لمساعدة سنرسله لعندك .. قال لا والله لا ترسله .. قلت : هو مصاب ومشلول ويسير على كرسي متحرك وقد جمعنا له مالا قبل فترة واجرى العملية الاولى وهو بصدد المرحلة الثانية .. كل هذا والحوار يسمعه عبدالرحمن ومدير الشركة .. رد محدثي : انتم قمتم بواجبكم اكملوها . وهنا وهو يتذكر وان كان لا يتذكر فأنا استطيع بحدة كلامي ان اذكره ثانية قلت له : ألا تخجل من الكذب ؟ .. إذن لماذا تكلمت في شركة حلبجة ما لم تفعله ؟ ساتصل مع الشخص في المانيا وانا هنا الآن ومعي عبدالرحمن و … وساعطي رقمك لذات الشخص .. لا لا .. هو قادم بذاته هنا .. و … فهمكم كفاية .. والسؤال هنا : ما الوصف اللائق لهكذا بشر ..
…
للحديث بقية