إيران ليست بؤرةً للديكتاتورية! (2)

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

هناك تيار وهمي ولا أساس له في الواقع في إيران يسمى بـ “مناصرة الملكية!”  ويعلم الجميع جيدًا، وخاصة الإيرانيين أنه إذا كان التيار المسمى بـ “مناصرة الملكية” تيارًا جادًا لكنّا قد شهدنا ما يلي: 
أولًا: أثرًا لأنشطته ووجودًا لتشكيلاته داخل إيران أو خارجها خلال العقود الـ 4 الماضية!
ثانيًا: قيام ديكتاتورية الملالي باعتقال واحد أو أكثر من أعضائه والزج بهم في السجون وتعذيبهم وإعدامهم! ومن بينهم مَن يرددون مثل هذه الشعارات!
ثالثًا: في انحياز واضح، أدانت ديكتاتورية الملالي الديكتاتورية السابقة واحترمت حقوق ومطالب الشعب الإيراني والتيارات السياسية المعارضة للديكتاتورية، وكانت تعلن عن منبر شعبي وطني لمستقبل إيران!
رابعًا: مرة أخرى، في اصطفاف واضح مع مقاومة الشعب الإيراني، كانت ديكتاتورية الملالي تخطو خطوة إلى الأمام!
بيد أن حقيقة الديكتاتورية وفلولها شيء آخر. وإذا كان هناك تيار يسمى بـ “مناصرة الملكية” على أرض الواقع ويشارك في ساحة المعركة لمواجهة الديكتاتورية، وكان تيارًا جادًا، فلماذا يصرخ رافعي شعار “طيب الله ثراك يا رضا شاه”، رغم أنه متوفي وتمت الإطاحة بابنه أيضًا وهرب وتوفى، وأصبح حفيده المطرود المقيم خارج البلاد أيضًا متعاطفًا مع الديكتاتورية؟ 
 خصائص النظام الدكتاتوري!
لا يوجد فرق كبير بين نظام ديكتاتوري أو عدة أنظمة ديكتاتورية في أرض معينة! وإيران مثال على مثل هذه الأرض مع العديد من أوجه التشابه بين ديكتاتوريات الشاه وديكتاتورية الملالي. فعلى سبيل المثال نجد أن 
كلتا الديكتاتوريتين تعيشان على رؤوس أموال الشعب الإيراني وأصوله المغتصبة، ولا تفكران في شيء سوى المحافظة على انتزاع السلطة عنوة من أبناء الوطن. وهذا هو السبب في أنهما غير شرعيتين، ومعاديتين للشعب.
فكلتاهما لصتان، وطاغيتان، ومتعطشتان للدماء، وتعملان ضد مصالح الشعب الإيراني، وتتَّبعان سياسة مجتمع الحزب الواحد.
وكلتاهما عدوتان للحرية الفردية والاجتماعية، حيث تقومان باعتقال الأحرار والزج بهم في السجون وتعذيبهم وإعدامهم. 
وكلتاهما عدوتان للأقليات في المجتمع ولم تعترفا رسميًا بحقوق أي شخص أو تيار معارض أو أقلية!
وكلتاهما كانتا ولا تزالان مستبدتين ومستأسدتين، وتفرضان رغباتهما على المجتمع بالإكراه. ففيما يتعلق بالنساء، على سبيل المثال، ترتدي إحداهن الحجاب بالقوة، وتنزع الأخرى الحجاب بالقوة.
وكلتاهما لا تتنافسان على مصالح كل منهما الأخرى. وإذا كان الشاه هو المسيطر في الماضي، وكان نظام الملالي هو المنهزم، نجد أن الأخير هو المسيطر اعتبارًا من عام 1979 والشاه هو المنهزم. والجدير بالذكر أن الصراع بين الديكتاتوريين ليس لا يمت لمصالح الشعب بصلة فحسب، بل على العكس من ذلك، يتعلق الأمر بانتزاع السلطة ليس إلا. لهذا يقول الإيرانيون: “إن إيران ليست بؤرة للديكتاتورية ولا ينبغي أن تكون كذلك”.
والحقيقة هي أن كلتا الديكتاتوريتين مكملتان لبعضهما البعض وليستا متنافستين. كما أنهما تتسارعان للمساعدة في نهب أبناء الوطن وقتلهم، وفي ظل الحكم الديكتاتوري لديهما مصالح مشتركة مناهضة للشعب …إلخ.
الوعي المُلح!
يمكننا القول بكل شجاعة إن المقاومة الإيرانية تعمل بوعي في هذا الصدد، ودائمًا ما تركز على النضال ضد الدكتاتورية الحاكمة. كما يكمن سر تقدم المقاومة الإيرانية وما حققته من نجاحات؛ في هذه الحقيقة. ويستوجب هذا الوعي التمسك بمبدأ “لا للديكتاتورية”. كما أن شعار “لا للشاه ولا للملالي” يسير في نفس المضمار. وفي الوقت الذي تركز فيه المقاومة الإيرانية على “الديكتاتورية الحاكمة”، فإنها دائما ما تبطل فلول “الديكتاتورية السابقة” برفع هذا الشعار. 
قدرة شعبية هائلة!
بفضل مثل هذه المقاومة نجد أن الانتفاضات الشعبية للإطاحة بنظام الملالي في مأمن من أذى هاتين الديكتاتوريتين. إذ نرى المحتجين سرعان ما يرددون شعار “أغربوا عن وجوهنا أيها المرتزقة” في الانتفاضات الشعبية؛ عندما ينخرط مرتزقة وزارة مخابرات الديكتاتورية الحاكمة المعروفين؛ في هذه الانتفاضات مرددين شعار “طيب الله ثراك يا رضا شاه”، ويجبرونهم على الفرار. 
خصائص المرحلة النهائية للديكتاتور الحاكم لإيران!
بفضل شرعية المقاومة المجيدة وصمودها وأصالتها في المجتمع الإيراني، نشهد الآن المرحلة الأخيرة من المعركة بين القوتين المتصارعتين. والجدير بالذكر أن “الانتفاضة الشعبية المترابطة” هي نتاج وجود المقاومة التي تشارك منذ أكثر من 40 عامًا في ساحات المعركة ضد هذا النظام الفاشي، وهذه المقاومة ليست متعبة ومنهكة فحسب، بل إنها تدفع نظام الملالي نحو منحدر السقوط. (ولا شك في أن ذلك يتم بدفع تكاليف باهظة في الأرواح والأموال)
والجدير بالذكر أن مؤسس هذا النظام وفلوله، يسعون إلى إزالة أي أثر لمقاومةٍ مشروعة ومنظمةٍ رائدة في المجتمع الإيراني، من خلال قمع الحريات وقتل الأحرار، والقضاء على آلاف المشاريع المعقدة، وإحاكة المؤامرات الصغيرة والكبيرة داخل إيران وخارجها، بدءًا من إعدام المواطنين وارتكاب المجازر والافتراءات وبث الشائعات والتهديد والترويع، وصولًا إلى شن الهجمات العسكرية والإرهابية، وعقد صفقات ضخمة مع الأطراف المناصرة لسياسة الاسترضاء خارج إيران …إلخ.  
 ونجد على الجانب الآخر من نظام الملالي أن المقاومة الإيرانية أصرت منذ اليوم الأول بناءً على الرغبة الرئيسية للشعب الإيراني؛ على ضرورة الإطاحة بنظام الملالي، ولن تتخلى على الإطلاق قيد أنملة عن إرادتها واستراتيجيتها، وضحَّت بالغالي والنفيس وصمدت. فكم كثيرة هي الخناجر التي لم تنهال على جسد هذا النظام من الأطراف الصديقة وتيارات المعارضة المنافقة. وكم كثيرة هي الدماء التي سُفكت ظلمًا ولم تتدفق من جسد هذا النظام الفاشي، ويا لها من تكاليف مادية وروحية كبيرة لم تتكبدوها في هذا الطريق. 
يُتَّبع
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…