صلاح بدرالدين
١ – كرد سوريا ضحايا التوازنات الدولية . ٢ – ننتقد، وننشر مبادرات دون ترجمتها عمليا . ٣ – المجتمع الدولي لن يسمح لنا بتقرير مصيرنا . ٤ – الحل بجبهة كردية سورية . .
هذه العينات تعبر عن رؤى مختلفة لمثقفين بينهم سيدة، وثلاث رجال، اثنان بالداخل، واثنان بالخارج، واحد حزبي، وآخر موالي لاحزاب وغير منتظم، واثنان مستقلان، يتفق الجميع على عمق الازمة وتتفاوت ردود الفعل باشكال متقاربة مثل : الإحباط، التبريرية، العدمية، عجز عن تقديم حل مناسب للازمة .
العينة الأولى – ” كرد سوريا ضحايا التوازنات الدولية “، اعتقد هذا قول مبالغ فيه، فالكرد السورييون كشعب، وقضية قومية، لم يشكلوا بعد رقما لا في اهتمامات منظمة الأمم المتحدة، ولا في حسابات الدول العظمى، والكبرى، حتى يصبحوا ضحية لتوازناتها، ناضلنا قبل نحو خمسين عاما من اجل ان نضع قضيتنا بمصاف قضايا الشعب السوري الوطنية، والاجتماعية، والثقافية،
وان نحولها من كونها مسألة أمنية حسب منطق النظام الى موضوع سياسي، ولم نحقق ذلك بالكامل بل بعض جوانبها، طبعا لاالوم أصحاب هذا الانطباع، لانهم اصبحوا ضحية أضاليل أحزاب طرفي الاستقطاب عندما أراد قسم منها تغطية خدماته القتالية للجيش الأمريكي بمواجهة داعش، بمثابة تحالف سياسي، واعتراف متبادل، موثق، وعندما ادعى القسم الآخر تدويل القضية الكردية السورية، بزعم ان أمريكا، وفرنسا وسطاء دوليين من اجل وحدة الكرد وضمان حقوقهم .
نعم هناك قوى دولية تتعاطى مباشرة مع الملف السوري، عبر الاحتلال، وتوزيع مناطق النفوذ، وإقامة قواعد عسكرية، ومراكز استطلاع، واساطيل بحرية، ومحطات مراقبة، وبينها مناطق كردية، ومختلطة، ومن الطبيعي ان يحصل التواصل بين المحتل الأجنبي، وبين أهالي تلك المناطق وتعبيراتها الاجتماعية، والسياسية، وفصائلها المسلحة، وميليشياتها، ووجهائها .
وبسبب انتقال مسلحي – ب ك ك – منذ قبل نحو عشرة أعوام الى المناطق الكردية على طول الحدود المشتركة مع تركيا، حاملين معهم أجندتهمم السياسية، واولوياتهمم القاضية بمواجهة تركيا بدلا من نظام الأسد، فمن الطبيعي ان يتصدر صراعهم مع الجانب التركي، ويتحول الى أفعال وردود أفعال، وان يتم منح تركيا ( التي لم تحل قضية اكرادها حتى الان، ومعروفة بمواقفها المتزمتة تجاه القضية الكردية ) ذريعة، ومبررات للهجمات، واحتلال مناطق، واطلاق التهديدات بين الحين والآخر، وحتى في هذه الحالة من الخطأ القول ان قضية الكرد السوريين أصبحت قضية دولية، أو حتى إقليمية، لان هذا الخطأ يعني ان جماعات – ب ك ك – تمثل الكرد السوريين، وتحمل قضيتهم، وتدافع عنهم، وكل ذلك لااساس له من الصحة جملة وتفصيلا، فهي تناي بنفسها عن القضية القومية، وتروج للامة الديموقراطية، وتنطلق من جغرافية ( شمال شرق سوريا ) .
العينة الثانية – ” – ننتقد، وننشر مبادرات دون ترجمتها عمليا “، بحسب متابعتي للوضع الكردي السوري، أرى انه يمكن استنباط ان الرأي العام قد أصابه نوع من الإحباط، وفقدان الامل من أحزاب طرفي الاستقطاب، ولكن للأسف الشديد لم يحصل الانتقال الى مرحلة حاسمة بعد، ومازال التردد يلجم الاندفاع نحو العمل الجدي على طريق التغيير، حتى الانتقادات من جانب بعض النخب مازالت خجولة، والبعض يمارس بصورة موسمية، والبعض الآخر مازال يتعاطى مع القشور، ولم يقترب من حدود الإمساك بلب الموضوع، من ناحية التقييم، والقراءة العلمية للواقع، وطرح البديل .
وللأمانة وذكرت ذلك مرارا بان حراك ” بزاف ” هو الوحيد الذي طرح مشروعا متكاملا، ووضع الاصبع على الجرح، واكتشف الحل الناجع للازمة بإعادة بناء الحركة الكردية السورية عبر توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع، وبما ان موضوع بحث مشروع ” بزاف ” له صلة بأكثر من طرف، ومرتبط برضى ومشاركة قوى عديدة، لذلك تأخر الانتقال الى مراحل لاحقة عملية، واجرائية على الأرض، ومن اهم عوامل دفع المشروع الى الامام، هو مشاركة النخب الثقافية من النساء والرجال، والنشطاء السياسيين، والاختصاصيين، والإعلاميين، فالمسألة تتعلق بحركة شعب، ومشاركة كاملة، ونهوض قومي، وحركة سياسية موحدة شرعية متجددة، وليست اعلان تشكيل حزب، او تنظيم معين كرقم يضاف الى مابعد المئة .
العينة الثالثة – ” المجتمع الدولي لن يسمح لنا بتقرير مصيرنا “، هذا قول استباقي عام في غير محله، فطوال تاريخ النضال الكردي السوري منذ عقود وحتى الان، لم يكن مطلب حق تقرير المصير محل اجماع كردي، فقط انفرد ( الاتحاد الشعبي ) سابقا قبل نحو خمسين عاما بتبني موقف حل القضية الكردية حسب مبدأ حق تقرير المصير في اطار سوريا الديموقراطية الموحدة، ولم يخالفه اليمين، والأحزاب الكردية الأخرى فيما بعد فحسب بل اتهموه بالتطرف، وكان سببا رئيسيا في تكالب السلطة والانقضاض عليه، وتكليف الضابط الأمني محمد منصورة من القصر الرئاسي لشقه بعد استمالة نفر من قيادته بالقامشلي من ضعاف النفوس .
لذلك لم يظهر اجماعا كرديا سوريا حول مفهوم حق تقرير المصير، ولم يعلن أي طلب بهذا المعنى، ولم يرفع لا الى هيئة الأمم المتحدة، ولا الى اطراف المجتمع الدولي في يوم من الايام حتى نزعم اننا اختبرنا المجتمع الدولي ومن المحتمل جدا ان يكون الموقف سلبا، علما ان كل دول العالم تدعي انها تلتزم بميثاق الأمم المتحدة بشأن الحفاظ على الحدود الدولية التي صادقت عليها هيئة الأمم المتحدة، وفي الوقت ذاته تتناسى بنود ميثاقها بشأن حرية الشعوب، وتقرير مصيرها، وفي هذا المجال أيضا لاسبيل امامنا الا بتوحيد حركتنا، وخطابنا السياسي، وصياغة مشروعنا القومي، والوطني، ولن يتحقق ذلك الا عبر المؤتمر المنشود، وبعد هذه الخطوة الأساسية،وتوفر المحاور االكردي الشرعي، يمكن التوجه أولا نحو شركائنا بالوطن، والتحاور وصولا الى توافقات، وتفاهمات حول الشأن الوطني العام والوضع الكردي الخاص، على قاعدة ان يقرر الكرد مصيرهم بحرية في اطار سوريا الواحدة الموحدة، ومن خلال تنظيم استفتاء خاص بهمم .
العينة الرابعة – ” – الحل بجبهة كردية سورية ” . ومن دون توضيح الأهداف، والبرنامج السياسي الذي تعقد بموجبه أو شرح الآليات لتحقيقها، مع العلم ان الجبهات السياسية المناضلة تعقد عادة بين قوى، وأحزاب، ومستقلين، ومنظمات مجتمع مدني مكتملة النضوج، وديموقراطية، تتقبل الاختلاف، والحوار، وتحترم المخالف، وتلتزم ما تقرره الأغلبية، هذه المسلمات نفتقدها في ساحتنا الكردية، ولاتتميز بها أحزاب طرفي الاستقطاب، والغريب بالامر ان من يدعو الى إقامة مثل هذه الجبهة بين الأحزاب الراهنة، يعتبرها بالوقت ذاته فاشلة، وعاجزة، أي كانه يسعى لجبهة ( الفاشلين )، بالإضافة الى ان هؤلاء وكأنهم – يكابرون – ويتجاهلون، ولايريدون ان يروا الواقع بشجاعة، حيث يغضون الطرف عن مشروع متكامل مطروح من جانب حراك ” بزاف ” منذ نحو عشرة أعوام، اعتقد مثل هؤلاء لن يكونوا عونا لاي مشروع للانقاذ،
والقضية تحتاج الى نقاش