الكرد ضحايا المحاثات الأوربية

مروان سليمان

كمثل بقية الأمور السياسية و العسكرية التي تجري في العالم يتوقع الناتو الوحدة و التضامن من الشركاء، و بينما يريدون الوقوف موحداً في وجه بوتين و لكن في هذه المرة الجميع يشارك و لكن أحدهم يغرد خارج السرب، فالرئيس التركي يعترض على انضمام السويد و فنلندا إلى الناتو و الحجة بسبب دعمهم لحزب العمال الكردستاني و المطالبة من الدولتين بتسليم أعضاء من ذلك الحزب إلى تركيا بالإضافة إلى فتح المجال لتسليح الجيش التركي و لكن يبدو أن الأجواء تسير عكس التيار الكردي هذه المرة و يبدو أن الخلافات على ذلك الأنضمام سوف يكون ضحيته الشعب الكردي
 و يبدو بأن المجادثات بين السويد و فنلندا و تركيا  في أنقرة اثمرت عن تقديم الأوربيين التنازلات لتركيا من أجل تحقيق طموحاتها كما يريد أردوغان تسجيل نقاط على المستوى المحلي و حشد أتباعه خلفه مرة أخرى بسبب التضخم الشديد  لكي يحتفل أردوغان في السنة القادمة على الإحتفال بعدة مناسبات أولها تأسيس الجمهورية و ليس أخرها بقائه في منصب الرئاسة  كما أن الحرب الروسية على أوكرانيا أعادت لتركيا أهمية موقعها الإستراتيجي و أصبحت قبلة لقادة العالم و عقد اللقاءات من أجل بحث الأوضاع في المنطقة و يريد أردوغان رفع سعره التفاوضي أكثر من أجل تخفيف القيود المفروضة عليه و خاصة التسليح البحري و البحث عن الغاز في المتوسط و التدخل هنا و هناك،  و لكن من غير المعروف إلى أي مدى تنوي تركيا المضي قدمًا في التهديدات ضد شركائها في هذا الصراع وما هي التنازلات التي سيكون أعضاء الناتو وفنلندا والسويد على استعداد لتقديمها. و استعداد الجانب التركي للتفاوض وثقة أعضاء الحلف إلا أن المفاوضات خلف الأبواب المغلقة قد بدأت بالفعل. من غير المؤكد حاليًا ما إذا كانت هناك مساومات فعلية كما هو الحال في البازار التركي.
و بما أن تركيا لعبت دورا هاما طوال الحرب الباردة خلال العقود الماضية، بسبب موقعها الجغرافي المطل على البحار و المضائق في المنطقة و قربها من روسيا مما يعطيها مكانة خاصة لدى الناتو و يجعلها شريكاً استراتيجياً أكثر أهمية من بعض الدول الأعضاء في الحلف، و أن الرئيس التركي يعلم هذه القضية تماماً و القيمة الهامة لتركيا في هذا التحالف فهو يسعى إلى الحصول على المكاسب لكي يسمح بعضوية فنلندا و السويد في الناتو. و لكن تركيا ليست جادة في رفضها و الموافقة لن تطول لأن الضغوطات الغربية على تركيا سوف تزداد و خاصة الأمريكية و لكن تركيا سوف تحصل على شئ ما مثل صفقات معينة من الأسلحة و كسب الجبهة الداخلية من خلال إعتقال بعض المعارضين أو معاملته مع الكرد و بعض التنازلات الأخرى 
 أما كردياً فمنذ قرون طويلة تعاني الأمة الكردية أزمات متلاحقة ليس أولها الاستعمار التركي أو الفارسي و أخيراً العربي و تعاقب الحروب و المجازر و التهجير و الملاحقات و الإعتقالات بحق المناضلين الكرد و أخيراً الخلافات الكردية و إنشقاقهم حزبياً و أجتماعياً و طبقياً هذا الواقع يؤكد بوضوح لا شك فيه بأن المراحل التي مر بها الشعب الكردي و الأمراض التي يعانيها الآن إنما هي أمراض متأصلة في الجذور التاريخية و ألقت هذه الأمراض و تلقي بظلالها على مجمل الواقع الكردي المعاش، و ما بين زمن و زمن آخر يتذكر الكرد رابطتهم القومية التي تجمعهم بالأرض و حقوقهم المهضومة و المغتصبة من قبل دول الإحتلال و هذا يجري فقط عندما تحل الكوارث بالشعب الكردي و إضطهادات فوق آخر و مجازر فوق مجازر عندها تتفتح قريحة الكردي و حركته على ذكر النقاط التي تربطهم من حقوق قومية و لغة و دين و عرق إلخ و لكن هذه الروابط لم تكن في يوم من الأيام إلا شعارات من أجل التستر على الخيبات التي يعيشها الشعب الكردي بين الحين و الآخر و لم تفلح هذه الروابط في ايجاد الحلول أو الصمود في وجه الضغوطات و ذلك من خلال بناء قاعدة جماهيرية و قوية متينة تكون منطلقاً نحو اتجاهات عدة من أجل تعريف العالم بقضية الشعب الكردي و التعامل معه على أساس صحيح و معرفة المصلحة الكردية عن قرب وعلى أساس تبادل المصالح مع الدول و الحكومات في حال استطاعت هذه النخبة إقناع هذه الدول بمظلومية الشعب الكردي و ما يستطيعون من تلبية مصالح الآخرين مع تحقيق مصالح الشعب الكردي أيضاً.
و اليوم و بعدما أصاب الشعب الكردي الإحباط من حركته الكردية و قيام إدارة الأمر الواقع بالضغوطات الإقتصادية و إحتكار التجارة و فرض الضرائب و الأتاوات على الشعب الكردي تعقد الصفقات الخارجية التي سوف تعكس سلبياً على الواقع الكردي يمكن أن تشمل تلك الصفقات المشبوهة بين الناتو و تركيا السماح للأخيرة على التدخل في ما تبقى من المنطقة الكردية لكي تنفذ مشروعها بالكامل في تتريك و تعريب المنطقة و إجراء التغيير الديمغرافي اللازم من أجل القضاء على الوجود الكردي هناك و العمل على تبعية المنطقة للدولة التركية بغض النظر ما سوف يحل بشعبنا الكردي من قتل و تهجير و مصادرة آراضيه و بيوته و مزارعه، أصبح من الضرورة أن يكون هناك قرع لجرس الإنذار و التنبه للخطر الوجودي للشعب الكردي يجب أن يكون هناك من يبادر إلى نهضة كردية كصعقة أشبه بالكهربائية لاستيقاظ الشعب و حركته الذي قد يعيد الروح لهذا الجسم الميت منذ زمن، فهل أصبحت جميع القضايا مؤجلة أو أنها أصبحت ضحية لتجاذبات و مناكفات للمحاور الموجودة على الأرض لكي يساوم عليها كل حسب مصلحته و الكل يدعي بأنه يعمل من أجل المصلحة القومية العليا و من أجل الشعب المضطهد و لكن على أرض الواقع الكل يسعى لمصلحته و مصلحة من يواليه و يدعمه.
لهذه الأسباب مجتمعة يصبح أخذ قرار حاسم ومصيري ضرورة لا مفر منه لمجابهة الخطط التركية ، لذلك فإن الأحزاب الكردية  مطالبة بإعلان موقف صريح و واضح في جميع الهيئات التي عجزت عن فعل أي شئ لمساندة شعبنا و قضيته و من أجل الدفاع عن الوجود الكردي و الحفاظ على هويته و مكانته ليفتح الطريق أمام أشكال جديدة من التجمعات أو تحالفات أوسع قد ينقذ القضية الكردية من هذا المأزق الذي تعيش فيه.
مروان سليمان
السلك التربوي- المانيا
26.05.2022 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…