ومن جديد : صلاح الدين الأيوبي.. اسقاطات معاصرة

وليد حاج عبدالقادر / دبي 

في السريالية التاريخية وحركات الأمم والشعوب في تراكمات سيرها وتجاربها، اثبتت بما يشبه الإحكام المتراكب، وكمفاهيم ترسخت في الذهنية البشرية، أن مكامن القوة مهما تعاظمت واشتدت على الأرض فهي بالتوازي تفرض هيمنتها، وطبيعي أننا نعني بهذه القوتان، الظاهرة منها والكامنة . وعليه هنا وكمبدأ – لابد لي من الإقرار شخصيا – بنبذي الكامل الى درجة البغض لأي نوع من أنواع العصبوية وتحت أية مسمى او تعريف كانت ! .. ولكن ؟ وبكل أسف ! علينا ألا نتجاهل تاريخنا المشبع منه أحيانا بصفحات ملأى بقصص واخبار لأشخاص خاضوا حروبا ومعارك وصنعوا انتصارات ( ؟ ) كبيرة – ولكن ؟! – في مناطق  بعيدة جدا عن كردستان، ولعناوين أيضا ما عنت مطلقا بمفاهيم ذي خاصية بحتة، مع إدراكي وإقراري في السياق الزمني والمراحل التي تمت فيها من جهة، كما والابعاد الإنسانية وحماية المجتمعات، وهنا ومع إن المنطق العلمي / التاريخي لا يجيز محاكمة تلك المرحلة وفق سياقات عصرنا الحالي، إلا أنها تجيز لنا – بالمطلق – دراستها وتبيان انعكاساتها الرئيسة على كثير من وقائع المراحل المتتالية الى وقتنا هذا .. 
ولهذا فأن استعراض تلك المرحلة التاريخية ومن وجهة نظر نقدية، طبيعي انها لا تستهدف أية مواقف تكن إن لغايات تشهيرية من جهة، ولا من قيمة تلك المراحل وشخوصها مهما علت او دنت مراتبهم وما انجزوه لشعوبهم الأساس من مكتسبات خاصة من جهة، ومن ثم المحيط، تلك المكتسبات بصفتيها الوقتية منها والمستدامة أيضا  – وبعبارة ادق تلك النتائج المحتمة للحروب  بنكساتها وانتصاراتها، والتي يفترض التركيز على ما راكمته تاريخيا وجغرافيا وتاثيرها العميق ديموغرافيا، ومن هنا ! وفي عودة متأنية من جديد الى مرحلة ما يسمى احيانا بالحروب الصليبية، او حملة نورالدين الزنكي والذي بات كثير من العروبيين والمتأسلمين يطلقون عليها اسم الحملات – الحروب السلجوقية بقيادة الزنكي والذي خلفه الأيوبيون، ولمجرد التركيز على مفاصلها البدئية ، ومع تحول، لابل تراجع او رخاوة القبضة السلجوقية على حساب قوة وهيمنة الاكراد من خلال بروز سطوة وحنكة كما قيادة الأيوبيين وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبي، واستطاعوا البروز في عمق وبنى مجالات كثيرة، الأمر الذي أسس لجغرافية بشرية تعددت فيها الأوجه سياسيا وديموغرافيا، ومعها إرث من التراكمات لاتزال تتفاعل بغضا وكراهية، نشوة وزهو انتصار حسب مشارب وقناعات كل من تصدى نقاشا في هذه المسألة، والنقطة الأهم ورغم دقة الجغرافية الكردستانية طبيعيا وترابطا بيئيا ساندتها الديموغرافيا البشرية وتسلسل التعاقب التاريخي وترافد – توافد المجموعات البشرية رغم تعددها اثنيا ومشارب اقتصادية، إلا ان البيئة ظلت تشي بحقيقة الإنتماء العضوي اثنيا لجماعة بشرية بخصائصها، نعم، لقد كانت القوات الزاحفة ترفد عديدها خلال مسيرتها حربا او تفاهما وطواعية، ومع ذلك يظل الإنتساب عادة الى القائد الذي هو بالضرورة ملك او امير، وهنا وبعيدا عن الإسترسال النظري، وحتى السجال في الانساب وماهية الحملات العسكرية التي انطلقت حينذاك، كما ذلك السجال مع منظر للفكر القوم – عروبي داخل معتقل عدرا العائد الأمن السياسي، والجدل الذي دار بينه وبيننا نحن المعتقلين الكرد، حيث تشبث ذلك العروبي النزعة، بان نورالدين الزنكي والسلجوقيون هم من زحفوا أولا، وان الأكراد ومنهم الايوبيون كانوا قادة عند الزنكي نافيا أي طابع قوموي كردي حتى عن الأيوبيين، والواقع أن جزئية كون الأيوبيين كانوا يشكلون القوة الضاربة كما غلبة قادة جيش الزنكي فيها مافيها من المصداقية ولكن ! مجرد رحيل الزنكي خلفه القادة الأيوبيين، وليستكمل صديق المعتقل بأن الكرد أنما وصلوا الى سوريا كجنود في جيش الزنكي، ولا أثر مطلقا لأي وجود تاريخي لهم قبل ذلك، وهنا وفي عجالة ساستذكر ذلك السجال التاريخي ومن ثم تبادل الرسائل المعنونة على شاكلة دفوعات وكل جهة سعت لإثبات وجهة نظره، الأمر الذي دفعنا حينها الى البدء بصياغة ملخص تأريخي للمنطقة – ايران وميزوبوتاميا الموسعة – وارتكزنا على الذاكرة وغالبية كتب التاريخ التي كانت متوفرة في مكتبة السجن، ناهيك عن برامج إذاعية كانت تهتم بهكذا مجالات، وباختصار : لازلت أتذكر تلك الجملة التي قالها واحد من رفاقنا المعتقلين – الصديق سليمان اوسو سكرتير حزب يكيتي الكردستاني – سوريا حاليا – ردا على ذات النزعوي : صلاح الدين والأيوبيون هم كرد حسب تصنيفكم، بينما نحن نراه ووفق السياق العام للشعوب بانه اضر بالقضية القومية، فقد افرغ مناطق كبيرة من سكانها الاصليين وساقهم ضمن كتائب جيشه وهاهم احفادهم في محيط هذا السجن الذي نحن فيه (قصد بذلك سجن عدرا المركزي بمحيط دمشق)، أجل ان هذا الأمر  شكل فراغا بشريا في المنطقة التي كان فيها ومنها انطلقوا مع الزنكي، ونعني بالمنطقة تكريت ومحيطها ! .. ومع هذا ؟! وبإختصار حول مسألة صلاح الدين والجدوى الكردية من وفي إرثه وبغض النظر عن قضايا كثيرة لم تزل تعتبر بالفعل أمور خلافية تتفاوت في حديتها، إلا ان الأهم في الأمر هو ذلك التساؤل الذي سيوجه ولو بعد آلاف السنين : كرديا ! ماذا لك ؟ وماذا عليك يا صلاح الدين ؟ مع إدراكي التام بمفهوم السياق – المرحلة التاريخية، ولكن ؟ علينا ان ندرك ايضا وتأريخيا مدى انعكاس حملاته وتوسعه في زيادة الشتات البشري حتى ان مجموعات كبيرة من الكرد اضحوا كما التركمان موزعين حتى في السودان ( قبائل زاخوتي والتي يوعز ابناؤها بانتمائهم الى زاخو في كردستان العراق، وان بعض دمغات قطعان الرعي لازالت متشابهة جدا بينهم )، نعم، أن السياق التاريخي لكل مرحلة تطرح مفاهيمها، إلا ان جذور القضايا تبقى هي كالعادة ذاتها التي تتأسس عليها قضايا مستقبلية قد تبقى لآلاف السنين تطرح انعكاساتها، والتي هي ما – اصر شخصيا – في التركيز على ما خلفته وانتجته تلك الحملات بنيويا، وما اسسته لمشاكل استمرت ولم تزل تطفح بآثارها، لابل خلقت بؤرا مستدامة ومصائب ارتبطت بمرحلته، وسيخرج علينا بعض من تقاة عصرنا، وبعد أن يملوا من الصراع والصراخ والنقاش الخلافي حول احقية أي من الخليفتين عمر وعلي / ر / وكما اولئك الذين كانت توقيتات ساعاتهم مع تعدد ماركاتها مولفة على توقيت موسكو السوڤياتية، وهنا يتوجب علي التذكير بأمر حيوي وهام ؟ فإلى الآن لايزال بعض من عتاة الكنسيين / الكنيسة مع كل الإحترام للأديان / يحملوننا وزر كل خيبات تلك الحروب و .. من جديد صلاح الدين الأيوبي ؟! .. وشيعيا أيضا فبرقبتنا نحن مسؤولية إنهاء الخلافة – الفاطمية – العلوية في مصر !! .. ومسيحيا : هو من أعاد القدس الى العهدة العمرية ! والأهم روسيا وفي كل تشكلاتهم الدولانية ظلوا يتهمون الكرد بأنهم هم كانوا من وقفوا حائطا امام فيالقهم القوقازية .. وكرديا : .. افلا يحق لنا الصراخ كما فعل ابن مدينة حمص واسمه كان شيركوه الأيوبي : ماذا فعلت بنا ياصلاح الدين ؟! لن اسامحك ؟ فقد توهت عني لفتي وثقافتي وإرثي ؟! .. وفي الختام : أما كفانا وذاك الشتات في اصقاع السودان ومصر وحتى الجزائر وفلسطين والأردن ولبنان والشام وبات غالبية احفادك ورفقاؤك من ذوي الأصول الكردية ؟! … صلاح الدين : لايهمني ولن احاكمك بمنطق عصري كما ومن حقي وبعين المنطق ألا أفتخر بك قوميا !! .. نعم ألا أفتخر بك قوميا، وأن استخلص من تجربتك الممضة وانعكاساتها فينا !! أفلا تجرجروننا ايها العابرون في فضاءات الكردايتي الى ماهو أدنى وأمض كرديا !! … نعم !! كثيرا ما ردينا وزجرنا من دعا الى محاسبة صلاح الدين تاريخيا !! .. و / شخصيا سأظل / ولكن !! أوليس النهي عن قراءة انعكاسات تجربته تاريخيا على كردستان والقضية القومية لا بلغة الخطاب المبهرج ولا حماسات المهرجين او الساحبين بشعبنا الى فضاءات ؟؟!! … و .. أيضا خلبية ؟!! . وهنا للتذكير : لماذا تكون دائما حروبنا وانسياحاتنا نحو الجنوب بؤسا على قضيتنا القومية وخدمة لاولئك الذين شهروا وسيشهرون كل قوتهم لوأد حقوقنا لا سلبها فقط ؟! .. وفي النهاية وبجملتين : افلا يحق لنا كرديا الإيمان بنظرية دوران التاريخ ؟ خذوا منظومة PKK وقارنوا الحالتين عسكريا وبمخرجاتها وطروحاتهم السياسية ! .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…