أردوغان لا تتورط في كردستان

د.

علاء الدين جنكو

لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتان، فكيف به وهو يناطح  جبال كردستان، يبدو أن الأتراك لم يصلوا بعد إلى قناعة أن الشعوب باقية بقاء الحياة، وأن قضاياها ثابتة ما دامت في تلك الشعوب قلب ينبض دم يجري…
لم تكن يوما آلة الحرب قادرة على كسر إرادة أصحاب الحقوق، ولم يكن كثرة العتاد يوما سببا لكسر شوكة الأحرار وطلابها، فكيف بمن وضع روحه في كفه فداء لشعبه وأرضه..

إن ما تقدم عليه الحكومة التركية من عمل عسكري ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني لا تمت للحكمة بصلة، فالعاقل هو الذي يبحث في أصل المشكلة حتى ينتهي منها، وليس البحث عن مسكنات توجع أكثر مما تريح.
قضية الصراع بين الأتراك والأكراد ليس حزب العمال الكردستاني فقط، بل هي قضية شعب بأكمله يزيد تعداده في تركيا على عشرين مليونا، فكان الأولى البحث في البرلمان التركي عن كيفية حل القضية الكردية في والاعتراف بوجود شعب له حقه المشروع في نيل حقوقه وخصوصيته.
نعم كان هذا أولى من التحرك باتجاه الجحيم الذي يعده حزب العمال لجيش فشل بكل في كل تجاربه السابقة، ولم تجد كل المحاولات من القضاء على حزب العمال وقواته التي تحارب وهي تؤمن بالدفاع عن قضية حقة يقف ورائها شعب بأكمله.
لم يكن الكرد يوما دعاة حرب ولا دعاة شر، كما أن الظن بأنهم نائمون لا يستحقون أن يقوموا من رقادهم ويطالبوا بحقوقهم، أصبح ضربا من الخيال، فالكرد أصبحوا رقما في المعادلة الدولة شاء الأتراك أم أبوا، لذا كان الأولى بهم أن يجنحوا للسلم، وخاصة أن الدنيا كلها تطالبهم بحل سلمي للمشكلة وإنهائها من جذورها.
كما أن حزب العمال أيضا أعلن وقف إطلاق النار ودعا إلى الحوار لحل المشكلة بالطرق السلمية.
إلا أن الصراعات الداخلية بين مؤسستي الجيش العلماني والحكومة ذو الطابع الديني، له خلفيته وراء هذه التحركات، فإن تحرك أردوغان وحكومته سوف يتورط في الجحيم الكردي الذي فشل في القضاء عليه كل من سبقه من حكومات ذو طابع علماني.
والجيش بدوره يستغل الفرصة الذهبية لتوريط خصومهم في حرب لا يكون الذهاب لها نزهة بكل المقاييس.
لا يهم الكرد تكالب الدنيا عليهم ، لأن ذلك لن يكسر عزيمتهم ولن يثنيهم عن المطالبة بحقوقهم، والتاريخ شاهد على ذلك، فلا الحكومة التركية تخوف أكثر من صدام ونظامه، ولا حزب العمال بأقل قوة من الثورات الكردية السابقة ، فهل سيفهم الأتراك هذه الدروس من التاريخ.

وما يثلج صدرنا نحن الكرد مع وقوف كل الدنيا ضدنا أننا نرى توحدا كرديا ربما يكون الأول من نوعه في تاريخنا المعاصر، تلك الوقفة التي زينتها عبارة تناثرت في سماء كردستان لتخترق القلوب: لسنا مستعيدين أن نسلم قطة كردية….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…