عنايت ديكو – المانيا
تمرّ كوردستان اليوم بمرحلة تاريخية جديدة ومفصلية وحساسة، خاصة بعد الانتصار الهائل والكبير للحزب الديمقراطي الكوردستاني في هولير وبغداد معاً. ما حدا بالقوى الشريرة في الداخل والخارج الى وضع العراقيل أمام الاستحقاقات وأمام الدبلوماسية الكوردستانية وتحجيمها قدر الامكان والحدّ من ارتدادات نجاح هذه الدبلوماسية الحكومية، الى جانب خلق المشاكل البينية وزرع الفتن في البيت الكوردستاني الداخلي، وتحريك أذرعها عبر التيارات الدينية والموالية لايران، وزيادة الضغوطات على هولير، لكبح طموح شعب كوردستان وآماله في العيش الكريم مثله مثل سائر الشعوب.
أما على الصعيد الداخلي الكوردستاني، لقد حافظت الحكومة الكوردستانية على توازنها المعهود ولم تنجر الى الصراعات الجانبية، سواء أكانت من طرف بغداد أو من طرف جماعة قنديل أو من طرف دول الجوار وعلى رأسها ايران وأدواتها الشيعية داخل العراق.
واذا تابعنا المنحني البياني للدبلوماسية الكوردستانية خلال الشهور الماضية؟ سنرى بأنها كانت تعمل مثل خلية النحل وبعيدة عن الضوضاء، وهذا ما تجلى في الزيارات الدبلوماسية النشطة والفاعلة للمسؤولين الكورد الى عواصم القرار الدولي. وآخرها طبعاً كانت زيارة رئيس حكومة اقليم كوردستان العراق السيد ” مسرور البارزاني ” الى بريطانيا. والتي وصفها الكثير من المحللين والكتاب والاعلاميين بأنها كانت زيارة تاريخية بامتياز، خاصة وأن الوفد الكوردستاني ضمّ خيرة الرجالات في كوردستان .
وحول هذه الزيارة وارتداداتها وتحليلها والوقوف على بعض جوانبها غير المرئية، أردنا طرح استبيان وقراءة جامعة لهذا الحدث التاريخي ومن زوايا متعددة ومختلفة. وحاولنا أن نطرح هذا الموضوع على شكل أسئلة واستفسارات على مجموعة من النخبة الثقافية والسياسية الكوردية في غرب كوردستان.
والسؤال جاء على الشكل التالي:
كيف قرأتم الزيارة التاريخية والرسمية التي قام بها رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد “مسرور البارزاني ” على رأس وفد حكومي كبير الى العاصمة البريطانية لندن، واجتماعه بكبار المسؤولين البريطانيين، الى جانب لقائه الذي وُصِفَ بـ “الخاص” برئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” والذي كان في زيارة أطلسية لأوكرانيا قبل أيام.
وما هي أهمية ودور كوردستان في التوازنات الاقليمية الدولية وخاصة في الملفات الاقتصادية والنفطية والأمنية.
وأيضاً الدور البريطاني المهم والكبير في رسم وصياغة السياسات الدولية .؟
فجاءت الآراء متباينة أحياناً ومتقاطعة في بعض مفاصلها أحياناً أخرىٰ .
* الاستاذ صلاح بدر الدين
سنبدأ هنا بقراءة الأستاذ السياسي الكوردي المعروف ” صلاح بدر الدين ” ورأيه بهذه الزيارة. فكتب لنا:
زيارات المسؤولين بإقليم كوردستان العراق الى الدول الأوروبية، والعربية، والاقليمية، لم تنقطع ، بل تتواصل، وقبل الزيارة الحالية للسيد رئيس الحكومة الى لندن، كان السيد رئيس الإقليم في زيارة الى بريطانيا وفرنسا ووصفت بالهامة، ولاشك أن وتيرة التحرك الدبلوماسي للقيادة الكوردستانية العراقية قد ارتفعت مؤخراً بشكلٍ ملحوظ، وكانت متناسقة مع التطورات على الأصعدة العراقية، والإقليمية، والدولية ، وقد لاحظنا مثلاً تنامي الدور الكوردستاني في الشأن العراقي العام، والذي قوبل بردود فعل موتورة من جانب نظام طهران والموالين له من العراقيين، وكذلك اتساع رقعة المساحة العربية أمام العلاقات الكردستانية خصوصا بالخليج ، وأضيف الى كل ذلك التحرك الكوردستاني الأخير بشأن استخدام الطاقة خصوصاً الغاز ، الذي يتميز بالجودة العالية في السوق العالمية لمصلحة الإقليم، وكل العراق ، وذلك في أجواء الحرب الروسية العدوانية ضد أوكرانيا، والعقوبات الغربية ضد موسكو ، وتاليا بحث الدول الغربية عن الطاقة البديلة للغاز الروسي، نحن لن نستبق الاحداث بشأن الزيارات الهامة المتعددة الأوجه للسيد رئيس حكومة الإقليم، وننتظر من الاشقاء تقييمهما، وسرد أهدافها، ونتائجها، ولكن فقط أود الإشارة الى محاضرته في أهم مركز بحثي بريطاني التي جاء فيها : انهم يلاحظون عدم ارتياح شركائهم العراقيين من الفيدرالية، وعدم تحمّسهم لتطبيق الدستور الفيدرالي، لذلك سنبحث عن نظام بديل وهو الكونفدرالية، طبعاً هذا تطور لافت في الموقف الكوردستاني اذا ما ربطناه بمسألة غاز كوردستان، وكلنا أمل ان الأشقاء وفروا شروط النجاح، حتى لا يتكرر ماحدث في عام ٢٠١٧ ابان الاستفتاء على تقرير المصير .
* الاستاذ عبد الرحمن گلو
أما السياسي الكوردي ” عبد الرحمن گلو ” فكتب في ظلعٍ مغاير ، وكان له رأي آخر حول هذه الزيارة، حيث قال:
يمكن الجزم بأن إرتدادات الحرب الروسية الأوكرانية أسست لمرحلة جديدة من العلاقات الدولية، والخارطة الجديدة لمصادر الطاقة هي التي سيتم اعتمادها من قبل الغرب، وأمريكا هي التي ستحدد معايير رسم الخارطة السياسية، وزيارة رئيس حكومة كوردستان إلى بريطانيا، تأتي في هذا السياق، والمسعى هو استثمار اللحظة التي يحتاج فيها الغرب إلى البديل الروسي، وهي فرصة تاريخية للإقليم لتعزيز موقعه السياسي عالمياً من خلال النفط والغاز، إذ سبق هذه الخطوة المشاركة في منتدى الطاقة العالمي في أبوظبي، والزيارة الأخيرة إلى تركيا، حيث خطوط نقل الطاقة إلى أوروبا. والجدير بالذكر أن الإقليم يمتلك ٤٪ من الإحتياط العالمي للغاز بحسب تقديرات الخبراء، وبقي أن نشير الى ان التصعيد الحالي من جانب إيران وأدواتها في سوريا والعراق يدخل في إطار معارك خطوط الطاقة والغاز.
* الاستاذ الكاتب: جـــان كــورد
وبصدد زيارة السيد رئيس حكومة اقليم كوردستان الى بريطانيا واستقبال السيد رئيس وزراء بريطانيا له والاحتفاء بقدومه، كتب لنا الكاتب والاستاذ جان كورد ما يلي:
مما لا شك فيه زيارة كهذه مهمة للغاية لكوردستان وشعبها، وقد قام السيد رئيس الاقليم وكذلك السيد رئيس الوزراء بزيارات ناجحة أخرى لبلدان على أهمية بالنسبة للعراق عامةً ولكوردستان خاصةً.
المثير في الموضوع هو أن بريطانيا هي التي عقدت مع فرنسا اتفاقية سايكس – بيكو في عام ١٩١٦ التي قسّمت أرض كوردستان وأضرّت بشعبها منذ ذلك الحين والى الآن، وبريطانيا هي التي ضمّت جزءاً من كوردستان (لواء الموصل) الى العراق، ونجم عن ذلك تعرّض شعبنا الكوردي الى المجازر والتهجير والتقتيل والتدمير، كما أن بريطانيا هي الدولة الأشد لاستفتاء الاستقلال في اقليم جنوب كوردستان، ووقفت حمايةً لمصالحها البترولية ضد اعتبار كركوك مدينة كوردستانية، إلا أن الأوضاع العامة في ظل الحرب الروسية على جمهورية أوكرانيا وحاجة العالم الغربي للبترول والغاز ، تطلّبت البحث عن مصادر أخرى غير روسيا لهذه المواد الهامة والضرورية، وفي اقليم جنوب كوردستان الكثير منها… والدنيا مصالح، فكما لبريطانيا أهداف محددة من هذه الدعوة لرئيس وزراء اقليم جنوب كوردستان، فللكورد أيضاً مصلحة في تلبية هكذا دعوات دبلوماسية، والمستقبل سيجعل الاقليم في وضعٍ أفضل وأقوى إن شاء الله.
* الاستاذ والسياسي جدعــان علي
أما الاستاذ والسياسي الكوردي جدعان علي، فجاءت قراءته على الشكل التالي:
بخصوص الزيارة الرسمية لحكومة اقليم كوردستان لبريطانيا برئاسة السيد مسرور البارزاني، أعتقد بأنها تعتبر زيارة مهمة جداً لدولة مهمة جداً، وعضو دائم في مجلس الأمن، وأحد طرفيي سايكس – بيكو
من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية كما تفضلتم، فالأجواء الدولية اليوم هي في حالة حرب ( الحرب الروسية على اوكرانيا )، وهناك شبه اجماع دولي على رفض الحرب البوتينية، ورفض عقلية فض النزاعات بالقوة العسكرية والتهديد النووي للعالم الحر.
ثانياً، أعتقد بأن هذه الزيارة ستفتح الآفاق الدولية أمام الأقليم الكوردي المضغوط من الداخل والمركز والمحيط الاقليمي، وسبق لرئيس الحكومة أن قام بزيارات عديدة لدول مختلفة، وأرى بأن الهدف الرئيسي من هذه الزيارات هو تأمين العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية ذات الفائدة والمنفعة المتبادلة والمشتركة والبعيدة المدى، الى جانب الحضور القوي في الملعب والحدث الدولي الفاعل لاظهار أهمية الاقليم الدولية والاقليمية. ولفت أنظار الرأسمال العالمي، بأن الاقليم هو ساحة استثمار وتنمية كبيرة، بالاضافة الى الجرأة والجدية بطرح أفكار جديدة تنظم العلاقة بين المركز والاقليم من خلال تطوير الدستور العراقي من الفيدرالية إلى الكونفيدرالية لابعاد ثقافة الهيمنة والاستئثار والانتهاء من استخدام القوة العسكرية والسلطة المركزية والتعامل في أجواء الثقة المستدامة بحوكمة رشيدة مفيدة للبناء وتأمين الخدمات ومكافحة الفساد والبطالة والتنمية والتطور بالبلد وبكل جوانب الحياة.
في الأخير، نستطيع القول، بأنها ومن خلال هذه السياسة والثقافة والدبلوماسية الحكيمة التي تنتهجها حكومة الاقليم سوف تجلب للأقليم النجاحات الكبيرة، وتأمين مكان متميز له أقليمياً ودولياً، وهذا ما سينعكس على المنطقة برمتها.
* السياسي الكوردي السيد گومان حسين
أما السياسي الكوردي السيد كومان حسين، أراد أن يستعين بمنطق البراغماتيا وسياسة المصالح التي تحكم وتنظم العلاقات بين الدول والأطراف. وكتب ما يلي:
العلاقة بين الدول مبنية على المصالح وفق قاعدة لا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة بل هناك مصالح قائمة.
إقليم كوردستان رغم أنه لا يتمتع بالسيادة الكاملة وهو جزء من دولة العراق الاتحادي، لكنه يتمتع بهامش كبير من المساحة على الساحة الدولية. من وجهة نظري أن حكومة الإقليم ودور جناب الرئيس مسعود البارزاني المركزي والمحوري، له مكانة متمايزة دولياً، و قد ارتبطت حل القضية الكوردية بدوره في كافة الأجزاء. ويسعى سيادته وبكل السبل إلى حل القضايا بالطرق والوسائل السلمية وخاصة بالحوار .
ولقد أثبت السيد مسعود البارزاني انه رجل السلم والحرب حين وقوع أي عدوان غاشم على كردستان وشعبها ، وشاهدناه كيف وقف شامخاً في قيادة البيشمركة الأبطال الذين قاتلوا ضد تنظيم داعش الظلامي بالنيابة عن العالم أجمع، وسعيه إلى تعزيز الثقة على الدوام بينه وبين شعبه وفي كل الظروف، فضلاً عن تحدّيه لأقوى جيوش المنطقة ان حاولوا احتلال كوردستان ووأد الحلم الكوردي، رغم إدراكه ومعرفته بالتفاوت الهائل بينهما. ووضع كوردستان على قائمة الدول الاقتصادية و ادرك طبيعة الدبلوماسية المرنة المؤسسة على ثوابت نضالية اعتنقها وآمن بها وهو لا يزال في ريعان شبابه. فسياسات الدول تبنى على المصالح وعلاقاتها تتعزز على المصالح، وفي هولير، أدركوا كيفية التعاطي وفق لغة المصالح فامتازوا بها وتمايزوا. انها سمات القائد الذي كما قيل: ينام آخرهم ويستيقظ أولهم وكم نحن نحتاج لمثل هذه الشخصيات الكارزمية القيادية والرائدة ، هنيئاً لشعب كوردستان وجودك وهنيئاً للشعب الكوردي وجودك .
* المحلل والسياسي الكوردي حمدو يوسف .
أما السياسي الكوردي السيد حمدو يوسف قد استعان بالأهداف وبالمساحة الاقتصادية وكتب ما يلي:
أنا اعتقد بأن زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان الى بريطانية ومن قبلها الى تركيا تأتي على ضوء مقترح رئيس حكومة الإقليم في مؤتمر الطاقة في الإمارات وعن إمكانية اقليم كوردستان لمد أوروبا بالغاز والطاقة عبر تركيا، ومن أجل مسعى لحل أزمة الغاز في أوروبا في حال تم الاستغناء عن الغاز الروسي .
وأعتقد ايضا بأن السيد مسرور البارزاني تلقى الضوء الأخضر من حلفاء الإقليم من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الإعلان عن هذا المشروع الحسّاس جداً محلياً واقليمياً و ودولياً.
* السياسي الكوردي السيد عبد الرحمن آبو .
معلوم أن بريطانيا العظمى منذ بداية التاريخ الحديث وحتى الآن لها باعٌ طويل في رسم السياسات العالمية، وهي المطبخ الرئيسي في صنع القرار. وأرى بأن الزيارة التاريخية لدولة الرئيس مسرور البارزاني واستقباله الرسمي وبهذه الحفاوة تعتبر بداية عهدٍ جديد لكوردستان والشرق الأوسط.
فبحكم موقع كوردستان الاستراتيجي، وفتح باب جديد من لدن أصحاب القرار العالمي تجاه كوردستان، والغبن التاريخي الذي ألحقته دول الحلفاء بالأمة الكوردية، لا بدّ من إعطاء كوردستان، وحسب المصالح (كوردستان غنيّة جدّا بالثروات الطبيعية ” الباطنية والظاهرية” حيث الاستثمارات الضخمة). دوراً وموقعاً ظاهراً تحت الشمس. فبريطانيا العظمى هي الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. وهي مركز القرار الدولي والسياسيين في العالم. هكذا هو الواقع والسياسة (إسرائيل تمتلك الخام، بريطانيا تصنع الخام، أمريكا تفصله على العالم).
* السياسي الكوردي السيد مصطفى جمعة .
أما السيد مصطفى جمعة قد تطرق الى الموقع الجيوسياسي لكوردستان ودورها الاقتصادي الهام في المنطقة والعالم، وكتب لنا ما يلي:
الدبلوماسية الكوردية من أنجح الدبلوماسيات في المنطقة ومع بغداد والخارج أيضاً، ولا شكّ من أن ذلك، قد ساعد الكورد في تجاوز الكثير من المصاعب والمعوقات التي تعترض مسيرة نجاحات كوردستان في ظروف بالغة الدقة والحساسية، وأعتقد أن الأمور والوضع الداخلي والعلاقات البينية لو كانت أفضل … لكانت شروط التقدم والانتصار أمام كوردستان متاحة أكثر .
كوردستان الآن تشكل جزءاً مهماً من المعادلات المتعلقة بالوضع الداخلي العراقي، ولا يمكن حلحلة الأمور في بغداد بمعزل عن مطالب كوردستان وتوجهاتها وامكاناتها ودورها الأساسي في التحالفات البينية وتسيير شؤون الحكم، وكذلك في التوازنات االاقليمية والدولية، وخاصة ما يتعلق منها بأمور التفاهمات السياسية في المنطقة واحتياجات النفط والغاز والملفات الاقتصادية والأمنية، وفي ظل التوترات الدولية الحالية الناتجة عن الاجتياح الروسي لأوكرانيا، فإن أهمية كوردستان تزداد على صعيدي تلبية ملفات النفط والغاز والتوازن السياسي والأمني باعتبارها المنطقة الأكثر استقراراً وأمناً .
ومن هنا تكتسب زيارة رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور البارزاني الى بريطانيا، وحضوره ندوة معهد ” تشاتام هاوس ” العريق حول التحديات الاقتصادية والاصلاحات الداخلية والعلاقات مع بغداد، ولقائه بالمسؤولين البريطانيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة بوريس جونسون أهميتها العظمى في المرحلة الراهنة، لما لبريطانيا ومواقفها ودورها في السياسات الدولية تأثير كبير وواضح، ولا شك أن رئيس الوزراء البريطاني السيد جونسون يرى في كوردستان والكورد كحلفاء موثوقين، وأؤكد هنا أن المعطيات تشير الى أن كوردستان ستشكل ركيزة جيوسياسية وقاعدة تغيير في المستقبل المنظور بالنسبة الى جملة من العوامل والمعادلات الخاصة والمتعلقة بالمنطقة .
* السياسي الكوردي السيد ابراهيم برو .
أما السيد ” إبراهيم برو ” قد استعان بالدور التاريخي لبريطانيا لمعرفتها الكبيرة بالمنطقة وثقافاتها، وكتب ما يلي:
زيارة رئيس اقليم كوردستان في هذا الوقت تحديداً الى بريطانياً، لها أهمية كبيرة جداً، ليس لأن بريطانيا هي احد الدول العظمى أو هي احدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وتمتلك حق النقض الفيتو … بل أن بريطانيا هي أحد اطراف سايكس بيكو ، وهي التي رسمت حدود وكيانات هذه الدول، وأيضا لمعرفتها الكبيرة بوضع دولة العراق وتركيبتها السكانية وتنوعها القومي والاثني ، كون العراق كانت حتى الامس القريب تحت حكمها وانتدابها.
وتأتي هذة الزيارة بعد أحداث كبيرة ومتسارعة، وخاصة فيما يتعلق بإنسداد العملية السياسية في العراق والخلاف في البيت الشيعي والبيت الكوردي. الى جانب قرارات المحكمة الاتحادية والتي تجاوزت الدستور الفيدرالي لضرب جميع مكتسبات اقليم كوردستان، وخاصة حول قوانين النفط والغاز والتي تتزامن مع الجهود المتسارعة لحكومة اقليم كوردستان لتصدير الغاز الى تركيا وأوروبا الى جانب الأزمة الدولية نتيجة الحرب الروسية ضد اوكرانيا.
وتأتي هذة الزيارة بعد سلسلة زيارات مهمة الى دول الخليج العربي وتركيا، ومناقشة الشراكة في تمديد أنابيب تصدير النفط والغاز بين الاقليم وكل من دول الخليج وتركيا. وبالتاكيد هناك أهمية كبيرة لاقليم كوردستان اقليماً ودولياً، وخاصة أن الدول المجاورة لكوردستان ايران وتركيا تعتبران دولتين كبيرتين على مستوى الاقليمي ويتعاملان مع الاقليم بحذر واهتمام كبيرين، لأن الكورد لا يدخلون في خانة السنة والشيعة في العراق، وهذا ما يعطيهم دور وازن وكبير ، بالاضافة الى الامتداد الجغرافي لكوردستان مع دول الجوار أيضا، وهذا ما يساعد على أن تكون ورقة الاقليم ورقة مهمة اذا تمت استخدامها بشكل جيد ولمصلحة الاقليم وباقي اجزاء كوردستان الأخرى. وخاصة هناك وجود احتياطي كبير جداً من الغاز والنفط في كوردستان، وهذا ما سيساعد حتماً على جذب الاستثمارات الدولية والاقليمية، وكل هذه الأمور مرهونة بضمان الأمن والاستقرار الداخلي لكوردستان وللمنطقة.
* الكاتب والشاعر أحمد محمود .
أما الاستاذ الكاتب أحمد محمود، أراد أن يستعين بالتاريخ واسقاط أهمية هذه الزيارة على عمق العلاقة البريطانية – الكوردستانية. وكتب لنا الآتي:
أولاً : الزيارة التي قام بها السيد مسرور البرزاني إلى لندن، تأتي ضمن الروابط والعلاقات والتفاهمات التي لم تنقطع يوماً بين الطرفين ، كما قالت وزيرة الخارجية جيرمي كانت في أول رسالة تهنئة لها الى السيد مسرور البارزاني عندما تم تكليفه بترأس حكومة الأقليم وقالت فيه: ان المملكة المتحدة فخورة بالعلاقات التاريخية التي تربطها بالأقليم، وهذا ما أكده أيضاً السيد بوريس جونسون في لقائه الأخير مع السيد مسرور البارزاني، وحسب بيان حكومة الأقليم، أن الزيارة كانت هامة جداً جداً، وحملت ملفات عديدة إذا تم التعاون على حلها. وان تم هذا ؟ سيضع الأقليم في مسارٍ أخر من التقدم والتطور وستفتح له أفاقاً أخرى نحو تطلعاته.
وما لقاء السيد مسرور البارزاني مع مرشح التحالف الثلاثي لرئاسة الحكومة علي جعفر الصدر السفير الحالي للعراق في بريطانيا، إلا ملف من ضمن هذه الملفات التي ذكرناها، والأقليم سيكون أكثر المستفيدين من هذه الزيارة إذا ما تحققت مطالبه .
ثانياً: من المبالغة أن نقول دور اقليم كوردستان في التوازنات الأقليمية والدولية ، كونه أقليمٌ ما زال خاضع للدستور العراق الفيدرالي، وبالتالي الاقليم ليس صاحب قرار في لعب أدوار كهذه خارج الإرادة العراقية.
– ثالثاً: هنا كي نعرف الدور التاريخي لبريطانيا العظمى في رسم السياسات الدولية ،لا بد لنا من الرجوع الى تاريخ المملكة المتحدة، وهذا بحث واسع لا يتسع المكان لشرحه، ولكن بالمختصر يجب أن ندرك بأن العلاقة بين بريطانيا وأمريكا هي ليست علاقة تنافسية في الساحات التي تتواجدان فيها، وإنما هي علاقة تعاون وأدوار تكاملية، حيثما تواجدت أمريكا علناً في أي مكان لا بد من وجود بريطانيا معها، سواء أكان ذلك علناً أو ظلاً فاعلاً ، ويكبر حجم تدخلها أو يصغر، بحسب أهمية التغيرات الجيوسياسية التي تحدث أو التي يحدثونها، كمثال عودة الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة. ويكفي أن نعرف ماهية مبدأ كارتر عام 1980 كي نعلم دور بريطانيا الداعم والمعزز للولايات المتحدة في كافة الملفات وخاصة ملفي الشرق الأوسط والخليج . بالمحصلة بريطانيا هي العقل .
– وفي الأخير : أن البحث عن مصادر الطاقة البديلة عن الطاقة الروسية، هي من أهم الأسباب التي تمت من أجلها هذه الزيارة والدعوة .
———————————-
– في الأخير أشكر كل السادة على تفضلهم بالإجابة على سؤالنا حول زيارة رئيس حكومة اقليم كوردستان السيد مسرور البارزاني الى بريطانيا، والتي كتبت عنها الصحافة المحلية والدولية، بأنها كانت زيارة مهمة وتاريخية.