الثابت المفيد والمتحول الخبيث في الحالة الكردية السورية.. قضية للنقاش (200)

صلاح بدرالدين

  في الثابت المبدئي الاستراتيجي : القضية الكردية السورية واحدة لاتتجزأ بأبعادها  البشرية ، والقومية ، والسياسية  ، وجزء عضوي في النضال الوطني الديموقراطي العام بالبلاد ،  فمنذ نمو البذور الأولى باالوعي القومي لدى كرد سوريا ، جمعت الحركة الوطنية الكردية كرد مختلف مناطق ، ومدن ، وبلدات ، وقرى الجزء الغربي ، ووحدت حركة – خويبون – منذ عشرينات القرن الماضي الإرادة الواعية الجماعية ، وظهر التنظيم السياسي الأول للكرد السوريين بفضل تعاون كرد الجزيرة ، وعفرين ، وكوباني ، ودمشق ، وكانت تجربة ( الاتحاد الشعبي الكردي ) غنية في مجال مشاركة أبناء المناطق الأربعة في صنع القرار السياسي ، والنضال من اجل الحقوق القومية ، والوطنية ، وتقديم التضحيات في سبيل انتزاع حق تقرير مصير الكرد في اطار سوريا التعددية ، الديموقراطية الواحدة .
وفي المتحول ، تجد قضايا ( تنسب للكرد وهي غير كردية سورية ، ولاتحظى بالاجماع القومي ) مثل مايطلق عليها : قضية ( شمال شرق سوريا ) ، التي تتبناها المجموعات التابعة ل – ب ك ك – كخيار فضفاض بديل للحقوق القومية خارج اطار مبدأ حق تقرير مصير الشعوب ، وتعبيرا للارتباط الآيديولوجي بقائدهم عبد الله اوجلان ، والسياسي  ، والتنظيمي ، بمركز – قنديل – العسكري القيادي لحزب العمال الكردستاني – التركي ( ب ك ك ) .  
  وفي حالات أخرى مختلفة هناك محاولات جانبية ، واحيانا فئوية عصبوية ، لادراج قضايا فرعية محل القضية الأساسية والانطلاق منها في رؤية القضية المركزية للشعب الكردي السوري  . 
    فلاشك ان  احتلال عفرين ، والحاق الأذى باهلنا هناك ، وكذلك في تل ابيض ، وراس العين ، امر مرفوض ومدان ، وماحصل يشكل إجراءات من سياسة عامة ضد كرد سوريا كشعب وقضية ، تتواصل  منذ قيام الدولة السورية ، وحتى لو ازيل الاحتلال التركي في هذه الظروف فلن تسلم المنطقة لاهلها الأصليين من الكرد ،  ليديروها تحت أي مسمى ، او قد تسلم الى النظام ، وفي كل الأحوال  هناك القضية الكردية السورية العامة ومن ضمنها منطقة جياي كرمينج ، التي تتطلب الحل الشامل ، والعادل  والنهائي .
     لاشك ان أي منصف يمكن ان  يتفهم اندفاع مجموعات من اهالينا في تلك المناطق الى درجة التشدد المناطقي وهو نابع من فعل الالام ، والمعاناة وكذلك وقد يكون بمثابة ردات فعل على جهات حزبية كردية مسببة في المأساة ، او صامتة عليها ، وتبقى مآسي تلك المناطق جرحا في الخاصرة الكردية السورية ،وجزء من كل ، وهنا لايجوز تجاهل الكل من اجل الجزء خصوصا من جانب الوطنيين الصادقين .
 الى جانب تلك المحاولات السابقة ذكرها هناك قضيةاخرى تلوح بالافق وهي قضية الزعامات العشائرية  الكردية ، التي تم التمهيد لاخراجها أولا عبر المؤتمرات ، من خلال إصدارات الكتب المتتالية  التي تؤسس لثقافة منح الزعامات القبلية زورا شرف صناعة التاريخ التحرري الكردي بدلا من الحركة الكردية الجماهيرية التاريخية المستندة الى مجموع الشعب ، والانتفاضات ، والثورات الشاملة ، ومحاولات الاستقلال ، التي حدثت طوال مراحل تاريخ الكفاح القومي الكردي منذ القرن التاسع عشر وحتى الان .
   هذه القضايا وعندما يراد لها ان تتحول الى بدائل للقضية الأساسية فانها  ستعاكس المسار الوجودي التاريخي ، والجغرافي  للحركة الوطنية الكردية ، وستكون في خدمة حرمان الشعب الكردي من كونه من السكان الأصليين ، وبالتالي حرمانه من حق تقرير المصير ،  وتشكل  ردة استفزازية  ، للفكر القومي الكردي الديموقراطي المتطور والمنفتح .
    والى جانب ذلك فان تلك القضايا المفتعلة مجتمعة تكلف الشعب الكردي السوري الكثير الكثير من موارده البشرية ، والاقتصادية ، وفي النهاية تصب ( مباشرة او بشكل غير مباشر ) في مجرى استراتيجية  أعداء الكرد ، واعداء العيش المشترك بين المكونات السورية ، وتقدم خدمة كبرى للنظام الاستبدادي الحاكم ، ومخططاته في تصفية الحركة الوطنية الكردية ، اوتقسيمها ، وتحريف أهدافها ، فلو صرف النصف من ميزانيات اداراتها ، ومنابرها الإعلامية ، ومنصاتها ، وجهودها البشرية على القضية الكردية الحقيقية لامكن تصحيح مسار الحركة ، وتوحيد ، وتعزيز طاقاتها ،. واشراك ممثلي كل المناطق ومن دون تمييز بالقرار  وتوفير شروط حل قضية الكرد السوريين بالتعاون ، والتوافق مع كل المكونات السورية ، وقواها ،  وتياراتها الديموقراطية .
  ومادمنا في سيرة مثل هذه ( القضايا اللاتاريخية ) لاننسى قضية أخرى تفتعلها على الدوام فئة من المثقفين الكرد السوريين اللذين يتعاملون مع قضية شعبهم بشكل موسمي ، وهي تبرير عجزهم عن القيام بواجب العمل من اجل إعادة بناء الحركة الكردية ، من خلال انتظار ان تمارس القيادات السابقة واللاحقة بالاحزاب الكردية النقد الذاتي وإصدار كتب تحت عناوين ” الاعتراف بجرائمهم بحق الكرد .. ؟! ) ، للأسف هؤلاء يخلطون الأمور عندما يساوون بين الجميع ولايميزون اية إيجابيات في تاريخ الحركة الكردية ، بل وليسوا مطلعين على مراحل نضالها ،  ويتسترون على المجرم الحقيقي المعروف ، ويتهربون من ميدان النضال ، ومن قول الحق بذرائع واهية غير موضوعية ، ومثل هؤلاء لاخير فيهم لا لشعبهم ، ولا لقضيتهم .
، بنهاية الامر ان لم  تتكاتف المساعي الوطنية المستقلة لمعالجة  ازمة الحركة الكردية السورية ، سنواجه قضايا أخرى افتراضية ، او مفبركة ، أو حقيقية ، وتتحول الى رئيسية  وعودة الى تجارب مماثلة من هذا القبيل حصلت بالحركة الكردية خارج سوريا بالأمس القريب أقول : أولم يعمق أعداء الكرد الشرخ  في التمايز اللهجاتي بين السليمانية ، ودهوك في كردستان العراق منذ ستينات القرن الماضي وحتى الان ، وكانت التكلفة باهظة في الأرواح ، والموارد ، ونضال الحركة الكردية ، والحقوق القومية  ،  الم يلعب أعداء الكرد على التنوع المذهبي بين السنة ، والعلويين الكرد ، وبين السنة والشيعة الكرد ، الم يلعب أعداء الكرد باستغلال مآسي أبناء قومنا الازيديين عبر اثارة وتشجيع النزعات الانقسامية في صفوفهم ؟ .
   والقضية تحتاج الى نقاش

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…