بهزاد عبد الباقي عجمو
بعد انهيار الامبراطورية السوفيتية وتفككها وزوال السلطة المركزية برزت في روسيا عدة عصابات مافياوية حتى الكثير من لاعبي الأندية الرياضية أصبح لهم عصابات وفي علم السياسة أن القوة الأكثر تنظيما هي التي تسيطر على الساحة فبوتين في تلك الفترة كان ضابطا كبيراً في المخابرات الروسية فأستطاع أن يلم حوله عددا من ضباط المخابرات وبطريقة مافياوية استطاع أن ينهي كل العصابات الأخرى وأن ينفرد بالسلطة ثم توجه بحربه إلى كبار رجال الأعمال الذين معظمهم كانوا من رجال الحكم السوفيتي حيث كانوا قد استولوا على كل الشركات ومؤسسات الحكم السابق وخاصة شركات النفط والغاز
فاستطاع بوتين وعصابته تصفيتهم أو سجنهم وملاحقتهم قضائياً أو فرارهم إلى خارج روسيا فاستطاع بذلك أن يسيطر على كل الشركات والبنوك وأن يسيطر على السلطة والمال في روسيا وهذا ما جعل من طموحاته ومطامعه تتجاوز حدود روسيا وأن يفكر باستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي السابق وأن يرجع بالعالم الى ثناية القطب بدلاً من القطب الواحد الذي تتزعمه الآن الولايات المتحدة الأمريكية أما أردوغان الذي يريد أن يلعب دور السلاطنة العثمانيين الآن فمنذ دخوله معترك السياسية فهو يرى بأن الخطاب القومي المتشنج الذي كان ينادي به كمال أتاتورك قد ألحق الضرر بتركيا لابد من العودة إلى خطاب العثمانيين الديني فيرى بأن هذا الخطاب يستطيع أن يخدع الكثيرين من الشعوب سواء داخل تركيا أو خارجها وأن يسيطر عليها وأن يستعيد أمجاد الامبراطورية العثمانية فلا شك أن الانسان اذا امتلك السلطة والمال الكثير وغالبا ما تكون بطرق غير شرعية يصاب بجنون العظمة ويحلم بأحلام جنونية سواء كان أردوغان أو بوتين ويدخل شعبه في حروب هالكة ومطبات مدمرة وكوارث كثيرة لو تصفحنا صفحات التاريخ فسنرى بأن هناك عداء تاريخي بين الروس والاتراك وجرت معارك بينهما منذ أكثر من مائة عام فحينما كان العثمانيون يسيطرون على دول البلقان والبلطيق حتى النمسا وبعض مقاطعات الدولة السوفيتية استطاع الروس طرد العثمانيين من أراضيهم كما أنهم في عهد روسيا القيصرية حرّكوا الأرمن في تركيا لضم مناطقهم الى روسيا القيصرية كما أنهم دعموا اليونان للتحرر من الإمبراطورية العثمانية كما أنهم ساعدوا دول البلقان للتخلص من العثمانيين وفي العصر الحديث لازال هناك أمور خلافية عديدة بين الروس والأتراك فأردوغان يريد أن يمد نفوذه الى الجمهوريات السوفيتية السابقة الناطقة بالتركية مثل أذربيجان وتركمانستان كما لا ننسى بأن هناك خلافات بينهما للسيطرة على سوريا أو ليبيا ولكنهما وضعوا خلافاتهم جانبا لغاية في نفس بعقوب فأردوغان أراد أن يستعمل بوتين ورقة ضغط ضد الغرب وذلك بالتقرب من بوتين وتهديد الغرب بأنه سيستغنى عنهم وسيتحالف مع بوتين وأقدم على شراء صواريخ (s 400 ) كما أن بوتين أراد أن يميل أردوغان إلى جانبه ولإخراج تركيا من حلف الناتو باعتبارها القوة الثانية في الحلف وبالتالي تفكيك هذا الحلف إلا أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية جعلت سياسة الخداع والمراوغة والابتزاز التي كانت تمارسها تركيا مع الغرب تذهب مع الريح وأدخل أردوغان في موقف صعب للغاية فعليه الآن أن يحدد موقفه هل هو مع الغرب أو مع بوتين لذا نراه الآن بطائرات بيرقدار ومن ناحية أخرى يوهم الأطراف المتصارعة بأنه يلعب دور الوسيط لأنهاء القتال فهنا أيضا موقف أردوغان حرج لأن في القريب العاجل ستطلب الدول الغربية من أردوغان عدة أمور أولها ستطلب منه أن يكون موقفه أكثر دقة وثانياً سيتعاملون معه حسب مبدأ (من ليس معنا فهو ضدنا) وثالثاً سيطلبون منه أغلاق مضيق البوسفور في وجه السفن الروسية فإذا فعل أردوغان ذلك سيعتبر بوتين ذلك تجاوزاً للخط الأحمر وبمثابة إعلان حرب لأن بوتين منذ زمن بعيد له مطامع في السيطرة على هذا المضيق الحيوي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن الحرب الروسية الأوكرانية تتأزم يوما بعد يوم وتصريحات الروس والأمريكان وتهديداتهم تكون أكثر نارية بما فيها التلويح بحرب عالمية ثالثة وهذا أمر متوقع لا نستطيع استبعاده فهنا ستطر تركيا إلى الدخول في هذه الحرب إلى جانب الدول الغربية لأنها عضوة في حلف الناتو ويجب ألّا ننسى أن في الحربين العالميتين الأولى والثانية دخلت الحرب الى جانب الدول الغربية ضد روسيا وهنا ستصطدم مطامح ومطامع وأحلام بوتين وأردوغان مع بعضها البعض في حرب ضروس من الصعب التكهن بنتائجها.