هل الصراع في أوكرانيا كما يدعي قادة الغرب يجري بين قيم الدكتاتورية وقيم الديمقراطية ؟

دلكش مرعي
نعم بوتين دكتاتور ومن نفس الموروث العقائدي والقيمي لستالين وجاوسسكو وبول بوت ورئيس كوريا الشمالية وغيرهم من المستبدين والطغاة وغزو أوكرانيا من قبل بوتين جريمة لا إنسانية مدانة ومرفوضة ولكن هل وقف الغرب الديمقراطي إلى جانب حقوق وحرية الشعوب وكان هدفه تحقيق العدل والمساواة على سطح هذا الكوكب ؟
 فلماذا الغرب الديمقراطي لم يدين اردوغان عندما احتل بالعصابات الإرهابية عفرين وشرد الأطفال والشيوخ والنساء وقتل الآلاف منهم وأسكن الإرهابيين في بلاد شجرة الزيتون رمز السلام ؟ ولماذا لم يدين الغرب بوتين عندما شرد أثنا عشرة مليوناً سورياً إلى مختلف بقاع العالم ولماذا الغرب الديمقراطي تغض الطرف عن أنظمة دكتاتورية مستبدة تعتدي على الشعوب وتنهب ثرواتها وهناك العديد من الأمثلة المشابهة والمعروفة لسنا بصددها في هذه الأسطر
حسب اعتقادي وانطلاقاً من أحداث ووقائع التاريخ والأنظمة التي حكمت البشرية لم يظهر حتى الآن تلك النهج الذي يقود البشرية إلى بر الأمان فالعقل البشري قد أنتج عبر تاريخه الطويل ثلاثة تيارات فكرية أساسية هو الفكر الديني والفكر الماركسي والنهج الرأسمالي السائد ولم تتمكن إلى حينه كل تلك الأفكار من تحقيق حياة آمنة ومستقرة للبشر تضمن حقوقهم  ومستلزمات حياتهم على هذا الكوكب 
فلو بدأنا بالنظام الرأسمالي الذي توهم منظره فوكوياما بأن هذا النظام هو نهاية التاريخ  وسيسير على نهج هذا النظام كل دول العالم لأنه الأفضل والأصلح من بين جميع الأنظمة السائدة في العالم .
 ولكن إذا ما أحجمنا في الحديث عن تاريخ هذا النظام الاستعماري وحروبه ضد الشعوب التي تجاوزت الثلاثمائة حرب ونهبه لثروات الدول الفقيرة وألقينا نظرة على سياساته الداخلية فسنلاحظ بأن هناك هوة واسعة في المستويات الاقتصادية بين أفراد تلك النظام فأنك تجد من يملك ترليوني دولار ومن يملك مئات المليارات ومن يملك الملايين من الدولارات بينما الآخرين يعملون في اليوم من ثماني إلى أثنا عشرة ساعة مثل الآلة كي يتمكنوا من العيش فحسب بعض تقارير الأمم المتحدة هناك أربعمائة شخص يملكون ما يملكه ثلاثة مليارات من البشر أما من الناحية الاجتماعية هناك أكثر من أربعة ملايين من المشردين في أوربا وأحدى عشرة مليون وحدة سكنية فارغة فعبر يافطة الفردانية والحريات الشخصية التي تتبنى شعار أنا وليقم بعدي الطوفان قد تم القضاء على العلاقات الاجتماعية ووصلت نسبة من يعيش داخل الأسرة إلى ثلاثين في المائة فقط بينما تجد سبعن بالمائة منهم عجزة بدون أسرة وبدون أطفال يعيشون مع الكلاب والقطط فهل العيش مع الكلاب والقطط والانقراض بدل العيش داخل الأسرة ارتقاء إنساني وتطور ؟ فما يصرف على تلك الحيوانات لو استغلت كمشاريع اقتصادية في الدول الفقيرة لقضت على الفقر في العالم والقضاء على الأسرة  وهناك العديد من الأمور المشابه لا نود الحديث عنها أما بالنسبة للسياسة الخارجية لهذه الدول فيتحكم فيها الشركات العملاقة العابرة للقارات مثل شركات البترول والأسلحة والتقنيات المتنوعة وهذه الشركات لا تبحث عن حقوق الإنسان ولا عن مساعدة الدول المتخلفة والفقيرة فهي لا تبحث إلا عن الربح فحتى الإنسان لدى هذه الشركات سلعة تباع وتشترى زد على ذلك العلاقات المتينة لهذه الدول مع الدول الدكتاتورية والأنظمة الفاسدة ينهبون معا  ثروات وأموال الشعوب فهؤلاء يستفيدون من الحروب لبيع الأسلحة ومن تخلف الشعوب لتبقى أسواقاً مفتوحة لمنتجاتهم اختصارا هذا النظام غير مؤهل لقيادة البشرية إلى بر الأمان
 – يتبع –

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…