في حال مصادقة مجلس النواب على القرار المذكور يكون الارمن قد حققوا انتصارا عظيما بعد معاناة كبيرة ، خاصة وان الاتحاد الاوروبي قد سبق امريكا في تحميل تركيا مسؤولية الابادة الجماعية ضد الارمن.
زيارة الرئيس السوري لتركيا لم تاتي في جوهرها في سياق مساندة الدولة الجارة ذات العلاقات الودية ؟! ، فتركيا في نظر النظام السوري ، ودستور حزب البعث الحاكم يغتصب اجزاء من سوريا وبالتحديد لواء لسكندرون.
كما ان الزيارة لم تكن بهدف ابداء المساندة السورية للتهديدات التركية باجتياح حدود العراق ، رغم ان الرئيس السوري صرح للاعلام وابدى موافقته لاجتياح تركيا لاقليم كردستان – العراق ، لكن وزارة الخارجية السورية سرعان ما تراجعت عن تصريحات الرئيس بشار.
وهذه الحالة اعتيادية ، قد سبق ان تنصلت وزارة الخارجية عن تصريحات رئيس الجمهورية.
لقد وصف الرئيس بشار الاسد حزب العمال الكردستاني بمنظمة ارهابية واعطى الحق لتركيا بملاحقتها ، متناسيا السيد الرئيس بشار بان الحركة التحررية الكردية في انحاء كردستان لم تمارس العمليات الارهابية ، مع ان الدول التي تتقاسم كردستان استخدمت ضدها شتى اساليب العنف بما فيه السلاح الكيميائي ، فالحركة التحررية الكردية ان كانت في العراق ، ايران ، سوريا او تركيا لها سجل نضالي نظيف لدى القوى العالمية بعيدا عن الارهاب ، وان كان لحزب PKK وقفة مختلفة عن شقيقاتها، انما تعود الى مرحلة السنين الطويلة في علاقاتها المميزة مع النظام السوري وتواجدها في ضيافته، واستخدام النظام السوري لها كورقة ضغط ضد تركيا، وتحريكها لشن الحرب على الحزبين الرئيسيين في اقليم كردستان بعد ان تحرر الاقليم من سيطرة النظام البعثي البائد في العراق اثر الانتفاضة المجيدة عام 1991.
لا شك ان زيارة الرئيس السوري بشار الى تركيا لها اجندة اخرى ، لان سوريا تعيش في عزلة دولية و اقليمية وعربية عميقة وتتازم يوما بعد يوم.
في الامس القريب اغارت الطائرات الاسرائييلية على منشات سورية في اقصى الشرق من سوريا ، على بعد ما يقارب الف كم من الحدود الاسرائيلية السورية ، مستفيدة من المعاهدة المشتركة بينها وبين تركيا ، والتي بموجبها يجيز لاسرائيل استخدام الاجواء التركية.
لقد رافق الحدث تلميحات من بعض المحللين السياسيين ، وبعض الصحف عن حصول اسرائيل على بعض المعطيات التركية عن اهداف سورية خاصة وان وزير الخارجية التركي الذي زار دمشق بعد الحدث ، لم يجب بشكل وافي عن القلق السوري ، خاصة وان استخدام الاجواء التركية لا يمكن ان يجري من دون موافقة القيادة العسكرية التركية.
صحيح ان زيارة الرئيس بشار الاسد اتت عشية انعقاد مؤتمر استانبول لدول الجوار العراقي ، وهي تكتسب اهمية خاصة بعد ان اتخذ الكونغرس الامريكي قرارا غير ملزم يقضي بتقسيم العراق الى ثلاث فدراليات ؛ كردية ، سنية وشيعية وماله من تخوف على دول الجوار العراقي التي تتقاسم كردستان ، بسبب سياساتهم المعادية للشعب الكردي.
ان ما يقلق النظام السوري بالدرجة الاولى وبشكل خاص الرئيس بشار هو ما يجري في لبنان ، وماله من تبعات مؤلمة جراء السياسات الغير عقلانية التي مورست على شعب لبنان ، واستخدام لبنان كورقة تفاوض في علاقاتها الاقليمية والدولية دون اعطاء اعتبار للبنان كدولة مستقلة وذات سيادة ، وعضوة في جامعة الدول العربية ، والمؤسسات الدولية.
لذا فان مايؤرق النظام السوري هو :
اولا- الاستحقاق الرئاسي في لبنان والذي هو على الابواب ، وحسب الدستور اللبناني سيكون الرئيس من الكتلة ذات الاغلبية اللبنانية ، خاصة وان الاغلبية النيابية ترفض الوصاية السورية على لبنان .
ثانيا – تشكيل المحكمة الدولية بخصوص اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ، وماله من تبعات متوقعة على سوريا ، والرئيس بشار بشكل خاص.
ستكشف الايام حتى للنظام السوري بان زيارة الرئيس بشار الاسد الى تركيا غير مثمرة ، وان تصريحاته كانت غير مسؤولة ، فتركيا لم تعد تلك الدولة ذات الثقل الاقليمي المؤهل لمساعدة سوريا ، وما تمر به سوريا اليوم هو تحصيل حاصل لوضعها المتازم على الصعيدين العربي والعالمي .
18/10/2007