تقرير سياسي غير دوري – تيار مستقبل كردستان سوريا

توصيات ندوة الدوحة 5-6 شباط 2022
عقدت ندوة سوريا إلى أين ، بمدينة الدوحة القطرية يومي 5-6 شباط 2022 بحضور عدد من المؤسسات ، ومراكز الفكر والبحث ، ومنظمات المجتمع المدني ، وبعض الشخصيات المستقلة ، وصدر عنها سبعة عشر توصية أكدت في الأولى منها على ” المحافظة على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها ورفض كافة دعوات التقسيم “كما جاء فيها ايضا ” اعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة “
– في الوقت الذي كنا نأمل أن يحقق لقاء الدوحة انتقالاً من دائرة القول والتنظير إلى دائرة الفعل والعمل ، والبحث في السبل والآليات التي عبرها يمكن تجاوز الواقع الكارثي للسوريين ، و انهاء سلطات الأمر الواقع التي بسطت سيطرتها على مناطق مختلفة من سوريا ، والعمل على تحقيق النهوض في هذه المناطق لتخفيف جزء من معاناة السوريين و أوجاعهم المؤلمة . فإننا كنا نتوقع تبني المشاركين الاعتراف الذاتي بالمسؤولية في الوصول الى حالة من التعثر والفشل – ومواجهة عواقبها – في تحقيق أهداف الثورة السورية – بدلاً من التمسك بالادعاءات الكاذبة والمفضوحة كما جاء في ” رفض دعوات التقسيم ” والذي – لم يتسنى – لنا بالملموس – معرفة – من هي هذه القوى المشمولة بدعوات ” التقسيم ” ؟ هل هم الكرد جميعا أم قوى ” الادارة الذاتية “ ام هناك جهة أخرى “ثالثة” قد دعت إلى ذلك ؟ وفي كل الحالات فإننا لم نسمع بهذه الدعوات ؟ بل هي اتهامات باطلة ، ولا أساس لها من الصحة . فجميع القوى الكردية تؤكد في كل بياناتها ومواقفها على التمسك بوحدة سوريا أرضًا وشعبًا، وكل مطالباتها تنحصر في حل القضية الكردية في الإطار الوطني السوري كونها قضية وطنية بامتياز .
– الهدف الظاهر من الندوة هو سحب العفن المتأصل في المعارضة وتشكيلاتها وتجاوز مشكلاتها ، وصولا إلى هزيمة قوى الثورة المضادة ، والمعادية للثورة التي خرج من أجلها السوريون ، وتحقيق أهداف المشروع الديمقراطي ، والابتعاد عن التطييف والعسكرة لمسؤوليتهما عن النتائج الكارثية التي نعيشها اليوم . فهل حققت ندوة الدوحة هذه الأهداف ؟ نشك بذلك …!
– لقد تجاهلت ندوة الدوحة وتوصياتها مشاعر الكرد وحقوقهم القومية المشروعة ، في عدم رؤية الحقائق التاريخية والعيانية السورية التي أدت إلى سحق الكرد وإنتاج مظلومية كردية ، تسببت في حرمان أكثر من ثلاثة ملايين كردي من حقوقهم ، وجردت معظمهم من الهوية السورية . مما أدى إلى حرمانهم من التعليم والتوظيف والتملك وتسجيل واقعات الزواج ومنع التكلم باللغة الكردية …الخ ، في تناقض مع مفاهيم وممارسات الدولة الوطنية الديمقراطية التي كانوا ينشدونها ، حيث الاعتراف بالحقوق لا إنكار هذه الحقوق. فمن الاستحالة بمكان أن تقوم دولة وطنية عصرية في سوريا على أساس دستور وقانون يساوي بين جميع مواطنيها ، وتكون معادية لحقوق الشعب الكردي ، وأن لا تأخذ التعدد القومي والديني بالاعتبار ، لأنها اهم الأسس التي تقوم عليها هذه الدولة .
في كل الاحوال على النخب العربية السورية أن تترك العيش في الأبراج العالية ، و أن تنطلق من الوقائع العيانية التي تجسد مصلحة السوريين جميعاً ، وان تبتعد عن التنظير و العدمية والعنصرية ، وفرض منطق الوصاية أو القسر في تعاملها مع القضية الكردية ، بل كان يفترض طرح مشروعاً وطنياً يتضمن يستقطب كافة مكونات الشعب السوري ، لانها في ذلك السبيل الواقعي والانجع في استعادة عافية سوريا .
– لا شك إن ما جرى من تسلط واستبداد وفساد يعود في شكل رئيسي منه إلى هذه “اللامركزية الادارية” التي مارسها حزب البعث في إدارة شؤون الدولة وتقديم الخدمات ، وهي لا تختلف عن المادة 107 في دستور 2012 (الادارات المحلية ) التي اثبتت فشلها وعدم فاعليتها فالوقائع العنيدة اليوم تفقأ العين بعد التحول الذي جرى ، وتحول الانتفاضة إلى حرب اهلية وطائفية في سوريا وحروب وكالة على سوريا .
– اعتمدت التوصيات على صيغ عمومية وغير واضحة – (مبهمة) – فقد كان حرياً بالتوصيات ان تفصل في الآليات التي سيتم من خلالها إعادة هيكلة مؤسسات الثورة والمعارضة ؟ وكيفية تفعيلها ؟ ووضع خطط بعيدة المدى ؟ بمعنى لم توضع استراتيجية شاملة لحل مشاكل المعارضة في الوقت الذي دعت فيه إلى إعادة هيكلتها دون أن توضح الاسس والخطوات التي ينبغي القيام بها مع غياب الموقف من جبهة النصرة والتدخلات الخارجية – ايران- روسيا – تركيا – امريكا واحتلال مناطق واسعة في الشمال كعفرين وسري كانيه وكري سبي واعزاز ومارع والباب ..الخ وغض النظر عن الانتهاكات التي ترتكبها مجموعات ” الجيش الوطني ” وخاصة تلك التي ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب .
– تشير الندوة إلى أمرين رئيسيين : الأول هو إن المعارضة السورية لم تستطع طيلة هذه الفترة أن تمتلك قرارها الوطني ، وان تتخذ موقف جريء من القضية الكردية ومن التدخلات الخارجية ، الأمر الذي دفع القوى الاقليمية والدولية الاستثمار في الملف السوري حتى لو كان الثمن تدمير البلد والتنكيل بشعبها ، والثاني هشاشة المعارضة وتعفنها وعدم قدرتها على الخروج مما هي فيه من استقطاب وضعف وتشتت وتكتلات ؟.
– اخيراً فان تفكيك الدلالات المضمرة والمخفية في التوصيات يحدد خلفية النظر إلى الواقع السوري من زاوية قوى بعينها مما يبعدها عن القراءة الصحيحة للوقائع العنيدة : وهي ان سوريا اليوم لا يمكن استعادتها كما كانت عليه سابقا ، ولا إلى ما نطمح اليه اليوم من انتقال سياسي وقيام دولة المواطنة المتساوية ، وانها تتجه لأنماط جديدة من الحكم والدولة لم يشأ بيان الدوحة مناقشته او الاقتراب منه ، وان مناطق خفض التصعيد قد انتجت اقتصاديات مختلفة وثقافات متباينة وطبقات متعادية ومتصارعة ، وفتحت المجال لبروز صراعات طائفية واثنية ، عمقت خطوط الانقسام ، وزادت الشروخ في المجتمع ، وبات البحث عن وسائل عملية لإعادة صياغتها على أسس جديدة . فما هو قائم لا يمكن اغفاله او القفز عليه دون ان يعني ذلك عدم وجود ايجابيات في هذه التوصيات لكن اسلوب التعاطي مع بعض الملفات دفعها إلى التنميط ، وبطء الحركة .
– ينبغي القول أيضاً ان “اللامركزية الادارية” هي انتكاس وتراجع عن تطلعات معظم السوريين وطموحاتهم في انتاج وعي مطابق وترسيخ نوع من اللامركزية السياسية او ابتداع انماط جديدة من الحكم تتناسب مع خصوصية الوضع السوري . فالانفتاح على المشكلات السورية وخاصة قضايا القوميات والحريات والعمل على حلها يعبّد الطريق اساسا لإنهاء الصراعات الداخلية وتشعباتها ويشكل قاعدة اساسية لإنهاء البؤر المنتجة للإرهاب بكافة اشكاله وتلاوينه .
– كما أنه لم يحظ الداخل السوري بالحضور والأهمية والنقاش المطلوب . فالتركيز على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ، وتقديم الدعم والعمل من خلالها ، ستكون البوابة الرئيسية لتحقيق خلاصات مطمئنة باتجاه الانتقال السياسي ، واجراء التغيير المنشود بدقة وضوح .
تيار مستقبل كردستان سوريا
الهيئة التنفيذية
قامشلو 12 فبراير 2022

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…