الحزب المخترق أم العقل المخترق

حسين جلبي

ثمة نكتة سوداء يروجها البعض بين الفينة الأُخرى، كلما أنزل حزب العمال التركي مصيبة على رأس الكُرد، من طينة كارثة سجن الغويران، بالقول بأن الحزب التركي مخترق من أعداء الكُرد، وبأن الخسائر التي لحقت بهم في كل مرة، مردها وجود خونة وعملاء وفاسدين في صفوفه، جندهم العدو للعمل على تحقيق أجنداته المعادية، والتي تتقاطع مع مصالحهم الشخصية.
وبغض عن ضحالة الفكرة وسذاجة من يروّج لها، فهي تنطوي على دعاية مجانية للحزب التركي وتبرئة ساحته من المسؤولية عما لحق بالكُرد من الجرائم؛ التي ارتكبها هو نفسه عامداً متعمداً بحقهم، إذ يصور ه هؤلاء ملاك الرحمة، المدافع الأول عن الحقوق الكُردية، والذي لا عمل له ولا هم ولا غم، سوى مقارعة الأعداء من أجل تحقيق كُردستان الكُبرى، إلا أن ما يعيقه عن ذلك في كل مرة، هي تلك الشرذمة التي زرعها الأعداء في غفلة منه في صفوفه، وتمكنت من وقفه عن تحقيق أهدافه العظيمة تلك، وبالتالي قلب النتائج التي أراد تحقيقها، عقباً على رأس.
لنعد إلى كارثة سجن غويران، على سبيل المثال لا الحصر. هل هناك من هو على علم بأبعاد الكارثة وتفاصيل ما جرى، سوى المشاركين في المؤامرة، التي أودت بحياة 121 شخصاً في صفوف الحزب، هم من أعلن عنهم وما خفي كان أعظم، لكنه يقوم كل يوم بتسريب رواية مختلفة، يرددها السذج دون تفكير، بدأت بوجود أنفاق تمتد لعشرات الكيلومترات، وتمر اليوم بمحطة اشاعة بعض الأسماء، يقول بأنهم خونة، دون أن يدري أحد من هم؟
متى سيخرج العقل الكُردي من الدوامة المهلكة التي ألقى بنفسه فيها، ويقف على حقيقة الاختراق الذي تعرض له من قبل حزب العمال التركي، من بوابة العاطفة أو المصلحة، ويفكر موضوعياً بالوقائع التي نشأت على الأرض منذ ظهور الحزب فيدرك حقيقته: شركة مخابراتية أقليمية دولية مساهمة، لا هدف لها سوى المال، تبيع من أجله الدم والأرض، دون أن تهتم بهوية المشتري، بحيث لا يحصد الكُرد في النهاية، سوى الأوهام والشعارات والمقابر.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…