قراءة أولية في ندوة الدوحة

صلاح بدرالدين
صدرت عن ندوة – الدوحة – ” ٥ – ٦ –٢ – ٢٠٢ ” جملة من التوصيات حول مختلف القضايا المتعلقة بالمعارضة وبالشأن السوري ، والإقليمي ، والدولي ، وبما ان سوريي المعارضة فقدوا الامل تقريبا بإمكانية ان تعيد كيانات المعارضة النظر في اخفاقاتها فيما بينها  وبالاعتماد على النفس ، وتراجع مسارها في العشر سنوات الأخيرة بالطرق الديموقراطية ، وعبر المؤتمرات الوطنية الجامعة بالداخل ، والخارج ، فان طيفا من السوريين بدات انظارهم تتوجه الى الخارج ، وعواصم البلدان التي تفسح المجال لاجتماع مجموعات سورية ومنها – الدوحة – التي شهدت انعقاد ندوة ، وهناك انباء عن احتمال عقد ندوات أو مؤتمرات ، أو لقاءات أخرى في تركيا ، والسويد ، وبلدان أخرى .
من حيث المبدأ فان اللقاءات بين السوريين ، واجراء المناقشات حول الحاضر ، والمستقبل ،امر إيجابي ومفيد ، ولكن ومن تجربتنا الوطنية خلال الأعوام العشرة الأخيرة ، علينا اتخاذ المزيد من الحذر تجاه الأطراف الإقليمية ، والدولية ، التي اختبرناها ، وخذلت شعبنا ، وكذلك من مراكز القوى ( الوطنية !) التي اساءت للثورة والمعارضة ، بل اجهضتهما واخص بالذكر ثنائي – الإسلام السياسي – والوافدون من أوساط حزب ، وادارات النظام الأمنية، والحكومية .
ملاحظات من حيث الشكل
١ – آول مايلفت النظر هو صدور ( توصيات ) عن ماسميت بندوة الدوحة التي كانت من المفترض أن تكون مؤتمرا ، وعلى مايبدو فان تركيا لم تكن متحمسة لذلك بحجة عدم البحث عن بديل للائتلاف ، ولم يشارك ممثلون عن تركيا ، في حين كان هناك تمثيل امريكي منخفض ، ومن المتعارف عليه فان اطر الندوات واسعة وحرة ومتعددة المنطلقات والأفكار والمواقف ، ولاتصدر قرارات ، او توصيات ، وان صدرت عنها بيانات ( نادرا ماتحصل ) فتكون ماتشبه توضيحات حول ماطرحت من رؤى على اختلافها ، واحيانا التناقض بينها ، اما توصيات الدوحة فوصفت باتفاق المشاركين حولها ، وكما يظهر فقد أراد أصحاب القرار ان يظهروا ان اجتماع الدوحة اقل من مؤتمر ، واكثر من ندوة ، وبين المنزلتين  .
٢ –  ( اتفاق المشاركين ) في ندوة الدوحة حول – التوصيات – يعني ان المجتمعين ، من طيف سياسي احد ، او شديد التقارب ، واختيروا بعناية من جانب المتخصصين في هذه الأمور ، هذا مع استثناء سلوكيات بعض الشخصيات التي لها ” في كل عرس قرص ” وتتلون حسب الوان المكان ، وتناقض اطروحاتها الفيسبوكية ، وهناك امثلة حول هذا النمط الانتهازي لاداعي لذكر الأسماء .
٣ – الحضور لايمثل ( قوى الثورة والمعارضة ) وقد يمثل ( مراكز الفكر التابعة للبلد المضيف فقط وهي ناشطة ومثمرة دون شك ) فهناك الالاف منها ومن منظمات المجتمع المدني  والجاليات السورية لم ترسل ممثلين عنها للمشاركة او لم تدعى  بالأساس ، لذلك اقتضى التصويب .
من حيث المضمون
١ – التوصيتان الأولى والثانية مكررتان ، منقولتان من بيانات ( استانا ) الثلاثية ، واللتان تصبان في مجرى اعلام نظام الاستبداد ودعمه ، والمتعلقتان بالحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا ، ورفض تجزئة وتقسيم البلاد ، من دون الإشارة الى الجهة التي تريد فعلا وتعمل على التقسيم ؟! والتجاهل التام لمحاولات النظام في التقسيم السياسي ، والطائفي ، والتمسك ( بسوريا المفيدة ) وبدعم روسي ، وايراني في معظم الأحيان من مراحل الثورة السورية  .
٢- نظام اللامركزية الإدارية الوارد في التوصيات تفسير وتاكيد  لنظام الإدارة المحلية ، الذي يعتمده نظام البعث منذ انقلابه بداية ستينات القرن الماضي ، وتسلطه ، وتمسكه بمقاليد الحكم ، وكان حري بالمشاركين تفسير حقيقة اللامركزية الإدارية التي ينشدونها ، هل هي جغرافية ، ام مراعية للخصوصية القومية بما يتعلق بالكرد السوريين ؟ .
٣–   ( إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة ) كيف ؟ وباية وسائل ؟ وماهي تلك المؤسسات ؟ وهل يمكن الهيكلة عبر ترقيعات ، واصلاحات محدودة ، ام تحتاج الى معالجة جذرية ، ومن خلال مؤتمر وطني سوري جامع كما يطالب بذلك الوطنييون السورييون بغالبيتهم العظمى ؟ . 
٤ – ( احترام كافة مكوناته الاثنية من عرب وكرد وتركمان ، وكلدوآشور ، وضمان حقوقها ، وخصوصياتها ضمن الاطار الوطني ) ، تسلسل غير موضوعي ، واشكالي ومريب ، في تسمية المكونات على ضوء اعتبار سوريا – دولة عربية – ذات ثقافة عربية ، وجزء من الوطن العربي ، وحرمان الكرد والمكونات الأخرى من الاعتراف بالوجود ،والحقوق منذ قيام الدولة السورية ثم القول باحترام الجميع سواسية ؟ الم يكن حريا بالمجتمعين معرفة وتدارك  ماذا يريد الكرد ؟ وماذا يريد الاخرون من المكونات ؟ وومن ثم الاستجابة لارادتهم جميعا .
٥- تجاهل الكرد السوريين كثاني اكبر مكون قومي من السكان الأصليين أي حذف ( ١٥٪) من المجتمع السوري ، وإلغاء الحركة الوطنية الكردية السورية ودورها ، ونضالاتها ، وتجاهل مشاركة تنسيقيات الشباب الكرد ووطنييهم بالثورة ، وعدم تمثيل المناضلين ، والمثقفين الكرد المستقلين ، وتعبيراتهم المجتمعية ، والثقافية ، في الندوة يعتبر موقفا شوفينيا الغائيا لايختلف كثيرا عن نهج النظام العنصري ، واختزال كرد سوريا وحركتهم الوطنية بحزب العمال الكردستاني اسوة بأسلوب النظام يعد اجراما بحق الكرد ، وخروجا على مفاهيم العيش المشترك ، ومبادئ حق الشعوب وحقوق الانسان . 
٦-اعتبار ب ك ك كتنظيم انفصالي ومخاطره على تقسيم البلاد بمعنى إقامة كيان كردي ، مخالف للواقع ، وينم عن جهل للوضع الكردي ، بل إساءة ، واذا كان المقصود ان هذا الحزب يعبر عن حق الكرد في تقرير مصيره على هدى مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها فذلك يشكل كارثة ، لان هذا الحزب لايمثل تطلعات الكرد السوريين ، بل يسعى لتثبيت نفسه كحزب ، واعتماد ايديولوجيته ، والاندماج مع مؤسسات النظام المستبد الحاكم .
٧- البند السابع عشر كان زبدة الندوة بل ام البنود : ( توجيه الشكر الى دولة قطر على مواقفها المبدئية الثابتة … ) خاصة اذاعلمنا ان القضية السورية منذ اندلاع الثورة الوطنية المغدورة كانت مثار صراعات بين دول وأجهزة النظام العربي الرسمي حول من يستثمرها اكثر ، وليس من يدعمها اكثر ، وكانت الوطنية الحقة ، والأخلاق الثورية ، تقتضي ليس الإشادة بهذه الأنظمة بل ادانتها بالجملة والتفصيل ، على ماقترفته بحق الثورة ،والمعارضة من شراء الذمم ، واختراق فصائل الجيش الحر ، وافراغ الثورة من المحتوى النضالي ومن ثم الانفتاح على نظام الاستبداد ، وتمويل عصابات حزب الله اللبناني ، والتواطئ مع نظام طهران ، وبيع المعارضة بابخس الاثمان .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين يحتدم النقاش بين الفينة والأخرى حول جدوى نقد “الإدارة الذاتية” في شمال وشرق سوريا، في ظل انقسام واضح بين من يعتبرها مشروعاً سياسياً واجتماعياً ضرورياً لإدارة المنطقة وحمايتها ، وبين من يراها نموذجاً سلطوياً يتزايد ابتعاده عن قيم الديمقراطية والعدالة والمساواة ، والسؤال الذي يُطرح بإلحاح: هل ما زال النقد مُجدياً ؟ وهل يمكن أن يُسهم في…

تصريح صحفي نعلن اليوم أنه تم التوافق على موعد انعقاد كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي رسميًا يوم السبت الموافق ٢٦ نيسان الجاري، كخطوة هامة ، واستحقاقًا سياسيًا يعكس طموحات شعبنا الكردي في سوريا. وقد جاء هذا الانجاز كتعبير عن إرادة أبناء شعبنا الكردي، وجهود دؤوبة بذلها المخلصون من مناضليه، وبدعم كريم من الأشقاء والأصدقاء وخاصة فخامة الرئيس مسعود بارزاني والاخ…

في هذا اليوم التاريخي، الثاني والعشرين من نيسان، نقف بكل إجلال واحترام أمام الذكرى السنوية لانطلاقة الصحافة الكُردية، والتي تجسدت في صدور العدد الأول من صحيفة “كردستان” في العاصمة المصرية القاهرة عام 1898، على يد الأمير مقداد مدحت بدرخان. تلك اللحظة لم تكن مجرد حدث عابر في تاريخ شعبٍ محروم من حقوقه، بل كانت نقطة انعطاف نوعي في مسيرة الوعي…

د. محمود عباس تمعنوا، وفكروا بعمق، قبل صياغة دستور سوريا القادمة. فالشعب السوري، بكل مكوناته، لم يثر لينقلنا من دمار إلى آخر، ولا ليدور في حلقة مفرغة من الخيبات، بل ثار بحثًا عن عدالة مفقودة، وكرامة منهوبة، ودولة لجميع أبنائها، واليوم، وأنتم تقفون على مفترق مصيري، تُظهر الوقائع أنكم تسيرون في ذات الطريق الذي أوصل البلاد إلى الهاوية….