محاولة في فهم مايرسم لسوريا وكردها

صلاح بدرالدين

معادلة حفظها السورييون عن ظهر قلب : كلما تراجعت – المعارضة ! – خطوة الى الوراء ، تقدم النظام بخطوتين نحو الامام ، وفي هذه الأيام التي نشهد فيها التردي الأعظم للائتلاف ، وملحقاته من الفصائل المسلحة الباغية وهم كانوا  من معارضة أيام الرخاء ، والصعود الوطني في العام الأول للثورة الوطنية السورية ، قبل استيلاء الإسلام السياسي عليها بالوسائل الملتوية ، واقترابها من حافة الهاوية ، بعد ان تسببت في وأد الثورة ، والانحراف عن الخط الوطني ، مما يخلق كل ذلك انطباعا عاما ، حول ارجحية نظرية المؤامرة بشأن مسألتين : الأولى إطفاء جذوة الاندفاع الثوري ، وخنق تطلعات غالبية الثوار في البحث عن سوريا ديموقراطية ، تعددية ، علمانية ، يتم فيها فصل الدين عن الدولة ، وتحل المشاكل ، وقضايا القوميات وفي المقدمة القضية الكردية بالحوار ، وتلبية إرادة الكرد ، والثانية : كخيار بديل اسلمة الثورة السورية ، ثم اخونتها ، ولان هذا الخيار لن يتحقق بالمجتمع السوري ابدا ، فكان الهدف وأد الثورة ليس الا .
هجمة إعلامية مضادة للنظام
في تصريح  لوزير خارجية النظام – فيصل المقداد –   لوكالة أوقات الشام الإخبارية ( ١٨ – ١ – ٢٠٢٢ )  – بمثابة ضغط على المبعوث الدولي لمزيد من التنازل، والقول بوجود ١٤ سفارة عربية مفتوحة بدمشق ،  واتهام تركيا لوقوفها وراء وفد المعارضة في اللجنة الدستورية ومطالبة ( المحتل الأمريكي ) بالرحيل واشادة بالحليف الروسي وتقديم الشكر له وكذلك للإيراني ، والزعم ان ودمشق تنظر إلى الأكراد على أنهم جزء من مكونات الشعب السوري ومن قوانا الوطنية الفاعلة لكن هناك من باع نفسه للشيطان ومن ارتبط مع المحتل عليه أن يعود إلى هويته الوطنية لأن أي شكل من أشكال الانفصال أو الهياكل الانفصالية هي أمل إبليس في الجنة .
المستشارة الخاصة لرئاسة الجمهورية – لونا الشبل – وهي احدى المؤثرات في صناعة القرار في تركيبة النظام الراهنة ، صرحت لموقع  نيوزميكر الروسية – ( ١٧ – ١ – ٢٠٢٢ ) في موسكو ، ورددت كل ماقاله وزير خارجيتها بشان روسيا ، وايران ، وامريكا ، وتركيا ، مضيفة ان اللقاءات مستمرة مع هذه المجموعة. ( جماعة سلطة – ب ي د – حتى هذه اللحظة وانا أتكلم معك )  وان الفدرلة يقررها الشعب ولها علاقة بالدستور وان النسيج الديمغرافي غير مؤاتي ولايسمح لذلك مرددة ان  اكراد سوريا مواطنون ، وموضوع قسد يتعلق بمجموعة متحالفة مع الأجنبي  ونحن  نتفاوض مع الجميع حتى من حمل السلاح ضد الدولة ، ولامجال الا  بتوزيع المسلحين على الاختصاصات في الجيش السوري بمختلف المناطق دون الاعتراف بمراكز اومجموعات خاصة – هنا وهناك .
سينياريوهات 
هل ستلتقي خطط النظام ، في هجمته الإعلامية الراهنة في منتصف الطريق مع مساعي النظامين العربي الرسمي والإقليمي في إعادة تشكيل معارضة مستحدثة تستجيب لمخرجات التفاهم الروسي الأمريكي الإقليمي المبنية على فرضية بقاء نظام الأسد دون تغيير كما صرح بذلك المبعوث الدولي الى سوريا السيد – بيدرسون – وذلك على ضوء الانفتاح العربي على دمشق ، وبوادر مقايضة ازمة أوكرانيا بعد التشدد الروسي ، والتنازلات الامريكية حول النووي الإيراني في فيينا ، واحتمالات تقديم ايران الجماعة الارهابية الحوثية كبش فداء وهذا اقل الخسائر ، مقابل استمرارية  التشدد الراهن في العراق ، ولبنان   .
  ام ستخفق كل تلك الاحتمالات في حال حصول تطورات دراماتيكية مفاجئة ليست بالحسبان ، مثل حصول صراعات ومواجهات داخل بيت النظام الحاكم ، او فشل محادثات فيينا ، او حدوث انفجارات في الدول المحسوبة على النفوذ الروسي كما حصل في كازاخستان ، او أي هجوم عسكري روسي على أوكرانيا ، او وقوع احداث كبرى في العراق نتيجة التدخل الإيراني ، او أي هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية في ايران ، او ( وهذا أضعف الاحتمالات ) تصاعد النضال الوطني داخل سوريا ، وقيام الوطنيين السوريين المستقلين بتحقيق خطوات على طريق مراجعة الماضي ، وإعادة بناء جسم معارض بالطرق الديموقراطية المدنية ، وصياغة وإقرار البرنامج السياسي ، وانتخاب مجلس قيادي يمثل المكونات الوطنية ، والتيارات السياسية والشخصيات المناضلة المؤمنة باهداف الثورة المغدورة ؟ .
في الحالة الكردية السورية
كل الدلائل تشير الى مراهنة النظام  ومعظم الأطراف الخارجية ، على مساعي إعادة تاهيل المسميات التابعة لسلطة – ب ي د – وهو الفرع السوري لمنظومات – ب ك ك – واعتمادها في المرحلة القادمة كاسهل الخيارات لها ، بحسب السيناريو أعلاه ، وذلك لعدة أسباب منها وقوفها منذ اليوم الأول للثورة السورية مع النظام ضد الثوار ، والمعارضة ، وتخليها عن نصف المناطق الكردية السورية ، واعلانها عن عدم تمسكها بالحقوق الكردية المشروعة ، وانطلاقها من مفهوم مناطقي ( شمال شرق سوريا ) كل ذلك مبعث راحة للنظام الرافض حتى الان بوجود شعب كردي سوري وحقوق مشروعة ، وايغاله في تطبيق مخططات التعريب ، والتذويب ، ، وكذلك المحيط الإقليمي المناهض لمطالب الكرد السوريين ، او غير المهتم للقضية القومية الكردية ، إضافة الى الأطراف الدولية التي لاتعير قضايا الشعوب المضطهدة أي انتباه ، بل تساهم في ايذائها أحيانا بحسب مصالحها مع الأنظمة في الدول السائدة .
اما ما يصدر عن اعلام النظام ، واعلام المحتلين الآخرين ، وعن بيانات اطراف – استانا – باتهام سلطة – ب ي د – بالانفصالية ، او وصمها بتهمة تشكيل كيان قومي كردي ، فماهي الا مبالغة كلامية لاتستند الى أي أساس ، الهدف منها منح وزن لتلك الجماعة امام الراي العام الكردي السوري ، واختيارها كممثل للكرد قادم الأيام ، وماهو الا محاولة لخلط الأوراق ، وهو بحد ذاته إهانة للشعب الكردي السوري ، وتجاوز وجوده ، وحركته الوطنية ، وأهدافه المشروعة في العمل على تحقيق ارادته في تقرير مصيره السياسي ، والإداري في سوريا حرة ، ديموقراطية ، تعددية ، موحدة .
وفي حال تطبيق السيناريو الأول أعلاه ، فستكون أحزاب – الانكسي – في خدمة الاجندات الجانبية ، ووسيلة يستثمرها أمثال – احمد الجربا – لتحقيق طموحاته العشائرية ، والمالية ، تماما مثل ما استخدم – الائتلاف – عدة أعوام ، لان – الانكسي – لايملك قراره المستقل ، ولان اقصى طموحاته لاتتعدى ان يكون ملحقا لجماعة سلطة الامر الواقع ، ولم يطرح نفسه يوما كمعبر عن إرادة الكرد السوريين ، بل انه لم يصدر عنه طوال السنوات الماضية اية مشاريع ، ومبادرات قوة ، ووطنية وفوق ذلك اول من يحارب مشاريع إعادة بناء الحركة الكردية ، وتوحيدها وبذلك فهو يتحمل مسؤؤلية كبرى امام الشعب ، الوطن .
  كرد سوريا وعلى الدوام ، وفي هذه المرحلة بالذات ، بحاجة ماسة الى من يمثلهم من خارج اجندات أحزاب طرفي الاستقطاب ، وبالذات من قلب حركتهم القومية ، والوطنية ومن تعبيراتهم الوطنية المستقلة المنتخبة  ، بعد إعادة بنائها ، وتوحيدها ديموقراطيا ، وإقرارها المشروع الكردي للسلام ، وذلك يشكل المهمة الانقاذية الأولى ، والاساسية .
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…