مسعود البارزاني المرجع الذي وحد شمل الكتل المتصارعة في بغداد

سعد الهموندي

دعونا بداية نكون منصفين وعادلين في قراءة الوضع السياسي المتغير الذي بدأ قبل ومع وبعد مرحلة الانتخابات الأخيرة التي حصلت في العراق والتي غيرت موازين اللعبة السياسية في بغداد، بدءاً من انسحاب القوات الأمريكية مع العملية الانتخابية، ووصولاً إلى النزاع الشديدي الذي حصل في بغداد بين القوى المتصارعة والتي انعكست على الساحة الإقليمية بين التيارات الشيعية فيما بينها، والتيارات السياسية السنية فيما بينها كذلك.
ودعونا أن لا نقلل من خطورة ومن شأن مثل هذه النزاعات وأن نكون منصفين في أن الانشقاقات السياسية التي حصلت بعد العملية الانتخابية في العراق كانت تجر البلاد إلى حرب شيعية – شيعية في بغداد وباقي المحافظات الجنوبية.
ودعونا أيضاً أن نتحدث بكل جديّة وصراحة حول الجهات السياسية الفاعلة التي أوقفت هذه الحرب بكل شجاعة، وأن نكون منصفين كذلك أن لولا الوساطات الحوارية الفاعلة والفعالة لنشبت حرب أهلية شعواء في بغداد والمحافظات الجنوبية ثم لانتقلت هذه الحرب إلى المحافظات السنية بكل تأكيد ولدخل العراق مرحلة أشد فتكاً من حربه ضد تنظيم داعش الإرهابي، فالحرب الأهلية الطائفية أدهى وأمرّ من كل الحروب التي قد تحدث في مكان أو زمان على هذه الأرض.
كما دعونا بداية نسلط الضوء بشكل واضح إلى شخصية الرئيس مسعود البارزاني كمرجع سياسي له من الأثر الطيب ما له على واقع العراق شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، وصاحب حكمة قل نظيرها، وأنا سأثبت لكم كلامي هذا بالأدلة القطعية، فأنا هنا لا أتحدث خبط عشواء.
بداية لنسلط الضوء على فرضية خطيرة ألا وهي:
هل كان بإمكان أربيل أن تسحب يدها من جميع المفاوضات والانشقاقات السياسية التي تحدث في بغداد؟
الجواب بكل تأكيد، نعم كان بإمكان أربيل أن لا تتدخل بكل ما يحدث على الساحة العراقية من أحداث خطيرة خاصة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني فاز بعدد مقاعد يضمن له حقوقه الدستورية ويضمن له حتى منصب رئيس الجمهورية إن أراد ذلك، وهو بهذه الحالة بإمكانه أن يكف يده عن بغداد ويتركها متصارعة..
لكن حينها كيف ستكون النتيجة؟؟
بكل تأكيد وبدون أدنى شك ستكون كارثية، فمن كان مطلعاً على حيثيات العملية السياسية والتهديدات الصريحة كان سيعرف أن بغداد قاب قوسين أو أدنى من حرب أهلية طاحنة خاصة بين المكونات الشيعية.
وهنا مربط الخيل الذي قصدته في عنواني أن الرئيس مسعود البارزاني هو صمام الأمان،
ومن ينكر هذه الحقيقية ليراجع الزيارات الرسمية وغير الرسمية التي وصلت إلى مطار أربيل خلال أقل من شهر واحد بعد العملية الانتخابية لنرى جميع وكل الشخصيات السياسية قد جاءت لتجلس أمام حكمة الرئيس مسعود البارزاني ليجد لها حلولاً عظيمة وهو ما حدث بالفعل، ولم يقتصر الأمر على السياسيين العراقيين بل تعداه إلى شخصيات إقليمية جاءت إلى مربط الخيل والمرجع السياسي الأكبر وهو مسعود البارزاني بدءاً من إيران ودول الخليج العربي وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا متمثلة بسفرائها أو بشخصيات سياسية فاعلة من هذه البلاد.
كل ذلك فقط خلال أقل من شهر واحد، وهو الدليل القطعي على أن سياسة مسعود البارزاني هي سياسة للم شمل الكتل المتصارعة وإيقاف أي حرب قد تحدث ونجح في ذلك بكل جدارة.
ولا ننسى أن هذه الجاليات السياسية هي من كانت تأتي وليس العكس…
فتارة نرى رئيس مجلس النواب المنحل ورئيس تقدم يأتي لزيارة الرئيس.
ثم وبعد ساعات يصل من كان أشد منافسية وهو رئيس تحالف عزم خميس الخنجر، ثم سفير إيران، ثم رئيس الإطار التنسيقي نوري المالكي والوفود المنضوية تحت الإطار التنسيقي، ثم يأتي منافسهم الأشرس التيار الصدري متمثلاً برئيس هذا التيار مقتدى الصدر، ثم الوفود المنضوية تحته، ثم سفير فرنسا وبريطانيا والإمارات والسعودية ومصر وإيران وتركيا…
كلهم يصلون إلى أربيل لحل العقد التي ولدت هذه الانشقاقات، والكل يخرج من أربيل راضياً مبتسماً بما ناله من لقاء يوقف الدماء العراقية العربية.
ولا نتفاجأ إذا ما شفنا أن رئيس مجلس النواب الأسبق والأكبر سناً محمود المشهداني، قد جاء إلى أربيل والتقى الزعيم المرجعي مسعود البارزاني، ليخرج من أربيل ويتجه إلى بغداد، ونراه في اليوم التالي قد ترشح عن تحالف عزم لمنصب رئيس مجلس النواب.. وهكذا.
فدعونا نكون منصفين في حق المرجع السياسي مسعود البارزاني وأن نراه في العين الإنسانية الحقيقية التي أوقفت هدر دماء العراقيين بحكمته السياسية التي تعمل على مبدأ لم الشمل وتوحيد الصفوف ووضع المقادير الصحيحة لمنع أي شرخ أو انشقاق سياسي قد يحدث في العاصمة الحبيبة بغداد.
ولو أن أربيل سحبت يدها من أن تكون مربط الخيل لكنا قد شاهدنا حرباً أهلية شعواء في العراق وأقول هذا بكل صراحة كوني أعرف مدى الخطورة التي وصلت إليها التهديدات الجدية بين الكتل المتصارعة.
وأخيراً وليس آخراً ستبقى أربيل عاصمة إقليم كردستان ويبقى زعيمها المرجعي مسعود البارزاني صمام الأمان الوحيد للم شمل الكتل المتصارعة ليس في العراق وحده بل منطقة الشرق الأوسط كلها، وسيبقى الحزب الديمقراطي الكردستاني هو الحزب الأقدم والأعمق في تقديم الدور الأكبر في صناعة السلام وحماية المستضعفين والأقليات، خاصة أن الوصايا الأبرز التي اشترطها الزعيم البارزاني على جميع الفئات التي جلست في حضرته هي أن لا يضيع حق العراقيين كشعوب وخاصة تلك الأقليات التي لا عون ولا سند لها.
ليكون وسام الزعامة كمرجع سياسي ووسام الإنسانية كملجأ إنساني هو الأبرز والأكبر الذي يعلق على صدر هذا الشخص الذي لا يكرر في التاريخ.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…