تقرير سياسي غير دوري لـ «تيار مستقبل كردستان سوريا» – يناير 2022

 نسعى الى ارساء قواعد ثقافية وسياسية لممارسة الاختلاف وضمان حقوق المكونات 
يراعي تيار مستقبل كردستان في نشاطه السياسي والميداني جدل الخاص / العام – الكردي – السوري . فكيفية تمفصل هذين العنصرين ببعضهما هي وحدها من تمكنّه من التضلّع بالعمليات المعقدة للواقع الموضوعي الذي يسبح فيه، وتبيان قوانين العلاقة الناظمة بينهما، والاستفادة في النشاط العملي منهما بشكل صائب ودقيق .
صحيح لم يختار الطرفان بإرادتهما الحرة الحياة المشتركة . لكنها الان اصبحت واقعا محليا واقليميا ودوليا لم يعد الفكاك منه بالأمر الهين ان لم يكن هناك استحالة، وبالتالي لابد من مراعاة الظروف التاريخية لهذا التعايش، وفي غير هذه الحالة ستكون هناك عقبات كبيرة ودماء كثيرة في طريق الحل والتعافي .
ان ما سبق لا يتجاهل بأي حال الخصائص القومية لهذا المكون السوري او ذاك بل العكس فانه يدعو الى التطبيق الخلاق لهذه الخصائص في هذه الظروف التاريخية المحددة بما يناسب ويراعي بشكل حكيم وعاقل ظروف الحرب والوضع الاقتصادي والامني والمعيشي والديمغرافي الناشئ، وكل التدخلات الاقليمية والدولية بما فيها تركيا وايران وروسيا وامريكا ومن خلفهم كل المجتمع الدولي، والقصف الاسرائيلي المتكرر على مواقع ومنشأت ايرانية، وهو ما يجعل امكانية بناء هوية وطنية سورية امرا غير ممكنا لأنه يحتاج الى وقف الحرب، واعادة الاعمار والمهجرين،  والى نشاط واعي، وارادة من قبل كل مكونات الشعب السوري .
ليس هناك اليوم مهمة اكبر من وقف الحرب واحلال السلام وتوحيد جميع السوريين من اجل عملية التحول الديمقراطي، وهذا يتطلب تلاحم مختلف القوى والتيارات والمنظمات الساعية لتحقيق هذا الهدف النبيل، بعيدا عن تيارات الاسلام السياسي التي كانت السبب في حرف الثورة عن مسارها السلمي باتجاه العسكرة ومن ثم الاسلمة .مما يفترض الاجابة عن التساؤل التالي هل ما جرى في سوريا في  العشرية الحمراء كان حتميا ام  كان لدى السوريين خيارات اخرى؟ نعتقد بان السلطة السورية لم تترك للسوريين خيارا بسبب اختلال موازيين القوى وارهاب السلطة التاريخي .
ان رافضي الثورة يتجاهلون الظروف التاريخية والقمعية التي عاشها السوريون ويتمسكون بالاستنتاجات والنتائج التي تمخضت عنها، والجدوى منها، ومن جهتنا نعتبرها موضوعات مهترئة لان السوريين في ثورتهم سعوا لبناء حياة جديدة قائمة على الديمقراطية والمواطنة والشراكة وحقوق الانسان . لكن النظام الاسدي كان خطرا دائما يهدد السوريين وهذا ما دفع الى خلق ظروف موضوعية وذاتية للنضال ضد هذا الخطر من مبدأ النظرة التاريخية المحددة للواقع  . فالممارسة هي المحك الوحيد للحقيقة، وبالتالي فان قراءة الثورة كتجميع صدفي للأحداث هو خطأ قاتل لان ما جرى في سياق الثورة هو عملية محكومة بقوانين موضوعية وموازيين قوى اقليمية ودولية، ومصالح جيو استراتيجية .
لقد كشفت الثورة القناع عن النظام والميليشيات العسكرية على كامل الجغرافيا السورية خلال الاعوام المنصرمة، عانى خلالها الشعب السوري القهر والاستبداد والتشرد والتعب والازمات الاقتصادية والمعيشية دون اي افق سياسي قادم ينهي عذابات السوريين وآلامهم – رغم جولات جنيف العبثية التي عمل النظام على افشالها – في ظل التراخي الامريكي – وارساء قواعد جديدة تنهي المقتلة السورية وترسي قواعد جديدة في المنطقة، رغم ان سياسة الدول والبلدان تقوم على مصالح وامن شعوبها .
وفيما يخص الحالة الكردية فان التخبط السياسي وارباكاته المتعددة بل المتناقضة باتت ظاهرة للعيان، وخاصة من قبل سلطة الامر الواقع التي تمارس الكثير من القمع الداخلي كعادة الانظمة الامنية اينما تواجدت عبر ممارسة القوة والبطش تجاه أنصار المجلس الوطني الكردي بغية  خلط الأوراق  وتعطيل المفاوضات ، عبر منظمة  /جوانين شورشكر/ التابعة لجبال قنديل، والتي تقوم بحرق مكاتب أحزاب المجلس الوطني، وتعمل على تجنيد القاصرين والقاصرات، وتسببت في اغلاق  معبر سيمالكا. ولا ننسى هنا بان تركيا ومجموعاتها ترتكب هي الاخرى الجرائم والانتهاكات، وتعمل على تطبيق التغيير الديمغرافي الذي يؤدي الى افراغ المناطق الكردية اكثر مما هي مفرغة، مما يستدعي فضحها وتعريتها ومواجهتها بكل السبل المتاحة.
ان العام الجديد يستوجب منا اعادة النظر في السياسات وتقييم المرحلة، واتخاذ مواقف وخطوات تنسجم  وتعبر عن مصلحة شعبنا السوري في انتزاع حريته وحقه في تقرير مصيره وبناء دولته الديمقراطية /التعددية / التعاقدية / التشاركية.
يتمايز تيار مستقبل كردستان بالوضوح والجذرية، والانسجام والتوافق التام مع مصلحة شعبنا الكردي ومقتضيات الدفاع عن وجوده القومي لكنه لا ينسى المهام الملقاة على عاتقه في الجانب الوطني السوري كجزء من سؤال المصير الذي يسعى اليه السوريون عبر صياغة جديدة لوجودهم نهجا وفكرا، وارساء قواعد ثقافية جديدة، واعادة المفاهيم السياسية الى حقلها المعرفي  بشكل يخرجها من دائرة الذات الفردية عبر وضع قواعد جديدة لممارسة الاختلاف وضمان حقوق الاقلية.
تيار مستقبل كردستان سوريا 
الهيئة التنفيذية
قامشلو ٥-١-٢٠٢٢ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…