جريدة العدالة *
بعد المتغيرات الهائلة التي عصفت بالعالم في العقد الأخير من القرن العشرين وانتهاء الحرب الباردة بانهيار المعسكر الاشتراكي وبروز نظام عالمي جديد من سماته الأساسية احترام حقوق الإنسان وإرساء المبادئ الديمقراطية والتعددية..، ظهرت الإرهاصات الأولى لولادة المنظمات والجمعيات المدنية والحقوقية في سوريا، للمساهمة في عملية التغيير الديمقراطي في البلاد، وبلورة ثقافة مجتمعية جديدة قائمة على أسس العدالة والمساواة والتعددية وسيادة القانون…، بما يعزز شعور المواطن بكرامته وإنسانيته ومواطنيته..، وتساهم في عملية التفاعل الحر بين أبناء المجتمع السوري الغني بتعدده القومي والديني والمذهبي…الخ.
وفي بداية الألفية الجديدة والوعود التي أطلقها النظام بخصوص عملية الإصلاح والتحديث في مختلف مجالات الحياة في البلاد، شهدت هذه المنظمات والجمعيات ازديادا مضطرداً في عددها إلى درجة إنها باتت تعاني من التشتت والضعف وعدم الفاعلية، بل وفقدان المصداقية أحياناً.
ولأن الشعب الكردي في سوريا، تعرض إضافة إلى القمع والاستبداد وغياب الحريات الديمقراطية..
وغير ذلك من الانتهاكات التي يعاني منها المواطن السوري عموماً، إلى انتهاكات عرقية لحقوقه وحرياته الأساسية بسبب سياسة الاضطهاد القومي وإفرازاتها ( التعريب، الحزام العربي، الإحصاء الاستثنائي، الحرمان من الحقوق الثقافية والسياسية والمدنية والقومية…).
كان لابد من ولادة منظمات وجمعيات حقوقية مدنية تحمل هذه الخصوصية الكردية، وتعمل ضد هذه الانتهاكات وضمان احترام حقوق الكرد في سوريا بالتعاون والتنسيق مع المنظمات السورية الأخرى، ولكن هذه الولادة هي الأخرى لم تكن صحية وغاب عنها الفاعلية والتأثير.
أن الحالة الراهنة التي تمر بها حقوق الإنسان في سوريا، تشهد تراجعاً مخيفاً على كافة الأصعدة والمستويات، فالقبضة الأمنية لا تزال هي السائدة وهي التي تسير أمور البلاد في ظل سريان حالة الطوارئ والأحكام العرفية المطبقة في البلاد منذ عام 1963 والمحاكم الاستثنائية ( محكمة أمن الدولة، القضاء العسكري ) تصعد من قسوة أحكامها بحق المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير، ولا يزال الناشطين السياسيين وناشطي المجتمع المدني وناشطي حقوق الإنسان يتعرضون لأبشع أنواع المضايقات النفسية والجسدية، ولا تزال وتيرة الاضطهاد القومي بحق الشعب الكردي في سوريا تأخذ منحاً تصاعدياً وتطبق بحقه المشاريع العنصرية والإجراءات والتدابير الاستثنائية ويحرم من ممارسة جميع حقوقه القومية والسياسية والثقافية..، ولا يزال النظام يقمع حرية الصحافة والإعلام والتجمع السلمي الديمقراطي..، ولا تزال التعددية القومية والسياسية والنقابية غائبة في البلاد نتيجة عدم وجود قانون عصري ينظم عمل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية والنقابات المهنية..، وكذلك نتيجة عدم اعتراف القوانين السورية وبشكل خاص الدستور بهذه التعددية وما يترتب عليها من حقوق وواجبات.
وأمام هذه اللوحة السوداوية القاتمة، ومن أجل مواجهة هذه الانتهاكات بفاعلية أكثر وعزيمة أقوى، لا بد من العمل على إيجاد صيغة مناسبة لتأطير عمل المنظمات الحقوقية في سوريا، ووضع آليات جديدة ومشتركة للعمل، لتسمو حركة حقوق الإنسان في سوريا إلى مستوى المهام المطلوبة وتحتل موقعها اللائق على المستوى الدولي.
أن وجود حركة قوية وفاعلة لحقوق الإنسان في سوريا، ضرورة ملحة في ظل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي ذكرناها، للوقوف في وجه الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية للمواطن السوري وفضحها، وتعريف الرأي العام الوطني والدولي بها، وللضغط على النظام من أجل فتح حوار ديمقراطي حول هذه المسائل والقضايا العالقة، بغية التوصل إلى حلول مناسبة لها.
واستجابة لهذه الضرورات، وكمساهمة متواضعة، لمعالجة هذا الواقع غير الصحي لحركة حقوق الإنسان في سوريا، ومواجهة الانتهاكات التي تقع على حقوق الإنسان في سوريا بفاعلية أكثر، فقد أطلقنا مبادرة من أجل حوار لإيجاد آليات للتنسيق والتعاون فيما بين المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، لتكون بداية لتشكيل ائتلاف حقوقي واسع يشمل كل المنظمات الحقوقية السورية، يعمل على إقامة أسس ودعائم ومبادئ دولة الحق والقانون.
——
* المقال الافتتاحي لجريدة العدالة التي تصدرها المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )، العددان ( 13 – 14 ) أب – أيلول 2007
ولأن الشعب الكردي في سوريا، تعرض إضافة إلى القمع والاستبداد وغياب الحريات الديمقراطية..
وغير ذلك من الانتهاكات التي يعاني منها المواطن السوري عموماً، إلى انتهاكات عرقية لحقوقه وحرياته الأساسية بسبب سياسة الاضطهاد القومي وإفرازاتها ( التعريب، الحزام العربي، الإحصاء الاستثنائي، الحرمان من الحقوق الثقافية والسياسية والمدنية والقومية…).
كان لابد من ولادة منظمات وجمعيات حقوقية مدنية تحمل هذه الخصوصية الكردية، وتعمل ضد هذه الانتهاكات وضمان احترام حقوق الكرد في سوريا بالتعاون والتنسيق مع المنظمات السورية الأخرى، ولكن هذه الولادة هي الأخرى لم تكن صحية وغاب عنها الفاعلية والتأثير.
أن الحالة الراهنة التي تمر بها حقوق الإنسان في سوريا، تشهد تراجعاً مخيفاً على كافة الأصعدة والمستويات، فالقبضة الأمنية لا تزال هي السائدة وهي التي تسير أمور البلاد في ظل سريان حالة الطوارئ والأحكام العرفية المطبقة في البلاد منذ عام 1963 والمحاكم الاستثنائية ( محكمة أمن الدولة، القضاء العسكري ) تصعد من قسوة أحكامها بحق المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير، ولا يزال الناشطين السياسيين وناشطي المجتمع المدني وناشطي حقوق الإنسان يتعرضون لأبشع أنواع المضايقات النفسية والجسدية، ولا تزال وتيرة الاضطهاد القومي بحق الشعب الكردي في سوريا تأخذ منحاً تصاعدياً وتطبق بحقه المشاريع العنصرية والإجراءات والتدابير الاستثنائية ويحرم من ممارسة جميع حقوقه القومية والسياسية والثقافية..، ولا يزال النظام يقمع حرية الصحافة والإعلام والتجمع السلمي الديمقراطي..، ولا تزال التعددية القومية والسياسية والنقابية غائبة في البلاد نتيجة عدم وجود قانون عصري ينظم عمل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية والنقابات المهنية..، وكذلك نتيجة عدم اعتراف القوانين السورية وبشكل خاص الدستور بهذه التعددية وما يترتب عليها من حقوق وواجبات.
وأمام هذه اللوحة السوداوية القاتمة، ومن أجل مواجهة هذه الانتهاكات بفاعلية أكثر وعزيمة أقوى، لا بد من العمل على إيجاد صيغة مناسبة لتأطير عمل المنظمات الحقوقية في سوريا، ووضع آليات جديدة ومشتركة للعمل، لتسمو حركة حقوق الإنسان في سوريا إلى مستوى المهام المطلوبة وتحتل موقعها اللائق على المستوى الدولي.
أن وجود حركة قوية وفاعلة لحقوق الإنسان في سوريا، ضرورة ملحة في ظل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي ذكرناها، للوقوف في وجه الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية للمواطن السوري وفضحها، وتعريف الرأي العام الوطني والدولي بها، وللضغط على النظام من أجل فتح حوار ديمقراطي حول هذه المسائل والقضايا العالقة، بغية التوصل إلى حلول مناسبة لها.
واستجابة لهذه الضرورات، وكمساهمة متواضعة، لمعالجة هذا الواقع غير الصحي لحركة حقوق الإنسان في سوريا، ومواجهة الانتهاكات التي تقع على حقوق الإنسان في سوريا بفاعلية أكثر، فقد أطلقنا مبادرة من أجل حوار لإيجاد آليات للتنسيق والتعاون فيما بين المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، لتكون بداية لتشكيل ائتلاف حقوقي واسع يشمل كل المنظمات الحقوقية السورية، يعمل على إقامة أسس ودعائم ومبادئ دولة الحق والقانون.
——
* المقال الافتتاحي لجريدة العدالة التي تصدرها المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )، العددان ( 13 – 14 ) أب – أيلول 2007