صالح بوزان
salihbozan@hotmail.com عند الأزمات, وفي المنعطفات الخطيرة لا بد من الالتجاء إلى العقل، وترك العواطف والحماس والشعارات جانباً.
فالعقلانية هي الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمات وتحاشي النكسات والنكبات الكبيرة.
والأكراد اليوم بأمس الحاجة إلى العقلانية، والتمعن في تفكيرهم السياسي وممارساتهم العملية لمواجهة حزمة من المشاكل المعقدة التي تهددهم في كل جزء من أجزاء كردستان.
الأزمة الراهنة بين إقليم كردستان العراق وتركيا، بغض النظر عن أهدافها البعيدة والقريبة، تشكل خطراً كبيراً على الإقليم بالدرجة الأولى.
فالإنجاز الذي حققه أكراد العراق من خلال الفدرالية والعمران الكبير الذي يقومون به، والدور الفاعل في ترسيخ دولة عراقية فدرالية، يحتاج إلى عقلانية كبيرة في الاحتفاظ بكل هذه المنجزات وتطويرها.
كلما يتقدم طرف كردي خطوة نحو حقوقه، تتلاحم القوى المعادية لهم، ويتبين أن هذه القوى المعادية هي مازالت أكبر بكثير من طاقة الشعب الكردي.
ومهما كانت هذه القوى مختلفة فيما بينها، فهي متحدة ضد الأكراد.
فلا بد أن تدرك جميع القوى الكردية السياسية والثقافية والاجتماعية أن الغدر بهم يأتي أحياناً ممن يدعون أنهم شركاء الأكراد ومؤيدي حقوقهم.
لأن العالم الذي نعيش فيه، لا مكان فيه للقيم والأخلاق والأهداف النبيلة.
الغلبة فيه للمصالح مهما كانت دنيئة.
وعلى الأكراد أن يعرفوا هذه الحقيقة قبل غيرهم.
لقد قامت قيامة الحكومات العربية والجامعة العربية ولم تقعد عندما أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قراراً غير ملزم بتأسيس ثلاث أقاليم فدرالية في العراق.
وصرخ الجميع وا عروباه..، لكننا بالمقابل لا نجد أي صوت احتجاجي عربي ضد قرار البرلمان التركي في اجتياح الشمال العراقي الذي تعتبره هذه الحكومات العربية والجامعة العربية بأنه جزء من الوطن العربي.
وحتى الحكومة العراقية العتيدة، والتي يشارك فيها الأكراد، لم تحتج بشكل رسمي ضد قرار البرلمان التركي، ولم تفكر بنقل القضية إلى الأمم المتحدة، وهي تلوم أكراد العراق في هذه الأزمة.
ونتساءل كيف كانت ستتصرف هذه الحكومة لو لم يكن الأكراد مشاركين فيها؟.
ولا ندري هل سيكشف المستقبل فيما إذا كانت الحكومة العراقية أو بعض مكوناتها طرفاَ بعيداً في هذه الأزمة، بهدف إضعاف موقع التحالف الكردستاني في وضع أسس العراق الجديد.
لا أرى أن استنجاد الأكراد بالدول الكبرى وبالمؤسسات الدولية قد تنقذ الإقليم من الطاغوت التركي العنصري.
هذا الطاغوت الذي لم يغير جوهره منذ مصطفى كمال وحتى أردوغان.
فعند النظر إلى حركة الشارع التركي، والتمعن في مداخلات النواب الترك في البرلمان أثناء التصويت على قرار اجتياح شمال العراق، يتبين أن العقلية الطورانية مازالت كما هي رغم العلمانية والديمقراطية.
ولعل هذه إحدى خواص الشرق بأن تعيش الديمقراطية والعلمانية جنباً إلى جنب مع الشوفينية والعنصرية.
على الأكراد أن يحلوا مشكلتهم بأنفسهم، ويراعوا قوتهم الحقيقية في مختلف المجالات, مقارنة بقوة أعدائهم، وخاصة بالنسبة للإخوة الأعداء.
وبالتالي عليهم حل هذه الأزمة المستجدة مع الدولة التركية بأقل الخسائر، وإلا ستكون النتائج مؤلمة.
إذا اجتاح الجيش التركي إقليم كردستان، لا تستطيع قوات البشمركة وحزب العمال الكردستاني معاً وقف هذا الاجتياح.
وحتى إذا ألحقت القوات الكردية خسائر كبيرة بالجيش التركي(وهذا وارد جداً)، فتركيا دولة كبيرة ستداوي جراحها في أقرب وقت.
لكن الخسائر الكردية ستترتب عليها ظهور عوامل على الصعيد العراقي تضعف الأكراد في العملية السياسية الراهنة التي لم تستقر بعد، وربما تنسف الفدرالية كلها.
خصوصاً أن الطرف الأمريكي لا يمكن أن يكون طرفاً ضامناً للفدرالية, ولا الأمم المتحدة.
و يظهر للعيان أن القوى التي تتربص بالأكراد تستطيع في أية لحظة مؤاتية نسف الدستور أو تجميده أو تغير بعض بنوده، لأن ضمان استمرار وتطور الديمقراطية والفدرالية في العراق مرهون بقوة الأكراد السياسية والاقتصادية.
أعتقد أن حل الأزمة الراهنة تعتمد على سياسة عقلانية من قبل قادة إقليم كردستان وقادة حزب العمال الكردستاني.
ولا بد من اتخاذ الإجراءات التالية:
أولاً- يجب على الحزب العمال الكردستاني إدراك واقع وظروف نشوء حكومة إقليم كردستان.
وعدم تعريض هذا الإقليم للضعف.
صحيح أن هذا الحزب يدافع عن شعب مظلوم، وهو ليس حزباً إرهابيا كما يدعي الذين لا يعترفون بحقوق هذا الشعب.
وصحيح أيضاً أن هذا الحزب سعى بكل الوسائل لإيقاف الحرب الدائرة بينه وبين الحكومات التركية المتعاقبة، وأن الدول الكبرى الفاعلة تدوس على حقوق الشعب الكردي في كردستان تركيا من أجل مصالحها.
لكن الإطاحة بتجربة الحكومة الفدرالية في كردستان العراق خسارة تاريخية يتحمل نتائجها كل الأكراد، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني.
عندما تأسس حزب العمال الكردستاني، انطلق من نظرة كردستانية شاملة، واستخدم الأقسام الأربعة من كردستان لصال حركته من منطلق أن حل المسألة الكردية لعموم كردستان تبدأ من كردستان تركيا.
واليوم أصبح حل القضية الكردية في أي قسم من أقسام كردستان مرتبط بنجاح تجربة إقليم كردستان العراق.
ولعل اتفاق الدول التي تقتضم كردستان ضد هذا الإقليم خير برهان على ذلك.
فإنقاذ إقليم كردستان هو إنقاذ للقضية الكردية في كل جزء من أجزاء كردستان.
وبالمقابل فإن إعادة هذا الإقليم إلى وضع ما قبل الاحتلال الأمريكي للعراق، هو إعادة القضية الكردية في عموم أجزاء كردستان إلى المربع الأول.
ثانياً- إن التضامن بين الأكراد من أجل قضيتهم المشتركة حق طبيعي, ولا يحق لأي طرف أن يضعهم في خانة الشبهات من وراء هذا التضامن.
فجميع الشعوب تستخدم هذا التضامن تجاه بني جلدتها, وحتى تجاه حقوق الشعوب الأخرى.
لكن على الساسة والمثقفين الكرد أن يفرقوا بين التضامن وتجسيد ذلك بالأعمال الملموسة في الواقع.
فلكل تجسيد تبعات كبيرة يجب تقديرها بدقة وموضوعية.
لا تستطيع حكومة إقليم كردستان حمل القضية الكردية التي تغلي في أجزاء كردستان الأخرى على كتفها.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة عليها دعوة حزب العمال الكردستاني للتفاهم الاستراتيجي بمراعاة ظروف الإقليم، وعدم تعريضه للخطر.
وعلى الحزب العمال الكردستاني أن يتفهم هو الآخر بدوره أن لحكومة إقليم كردستان التزامات عراقية وإقليمية ودولية.
ثالثاً- على كافة المنظمات السياسية والثقافية الكردية في كل جزء من أجزاء كردستان وفي الخارج أن تدرك بأن الحكومات التي تغتصب الحق الكردي لديها الاستعداد أن تذهب في محاربتها ضد الأكراد حتى إذا كانت هذه المحاربة تمس سيادتها الوطنية، لأن هذه الحكومات تنطلق من مصلحة نظامها بالدرجة الأولى.
زد على ذلك أن الموقف المعادي للأكراد له ارث تاريخي لدى العرب والترك والفرس، وقد تحول هذا الإرث مع الزمن إلى ما يشبه الطقوس التي تمارس يومياً.
من هنا على الأكراد جميعاً أن يحسبوا الربح والخسارة في كل موقف يتخذونه، وفي كل عمل يقومون به.
في الختام أريد القول أن الأكراد كانوا دائماً أكبر الخاسرين في أزمات المنطقة.
بل كلما أرادت إحدى الحكومات ضرب الحركة الكردية في الجزء الملحق بها من كردستان، كانت تفتعل أزمة داخلية أو في المنطقة لتبرير هذه الضربة.
الأكراد اليوم بأمس الحاجة إلى العقلانية في تفكيرهم وفي كل عمل يقومون به (في هذا الجو العربي والتركي والفارسي غير العقلاني)، فليس لديهم وسيلة لنسف المنطق المضاد إلا بالعقلانية والديمقراطية.
القضية الكردية في كل جزء من أجزاء كردستان مرتبطة بالديمقراطية.
صحيح أنه لا يمكن التصفيق بيد واحدة، والشريك المقابل غير ديمقراطي أصلاً (على الأقل تجاه الأكراد)، والحكومات التي تضطهد الأكراد هي حكومات ديكتاتورية وشمولية وعنصرية..الخ.
لكن على الأكراد إدراك سمة العصر اليوم.
فكما أن الكفاح المسلح له تضحياته الكبيرة، وهو عمل يومي شاق ويستمر لسنوات وسنوات، ولم يكن مضمون النتائج دائماً.
فإن الديمقراطية أيضاً تحتاج إلى التضحيات الكبيرة والعمل اليومي الشاق في سبيلها، والبحث المستمر عن شركاء ديمقراطيين بين صفوف العرب والفرس والترك.
لقد تغيرت الأجواء العالمية للكفاح المسلح.
فلو قامت اليوم مظاهرات سلمية في ثلاث مدن كردية في تركيا، ولو وقف كل النواب الأكراد في البرلمان التركي، بما في ذلك نواب حزب العدالة والتنمية ضد قرار اجتياح الجيش التركي لكردستان العراق، لكان تأثير ذلك على قرار الحكومة التركية أكثر بكثير من قتل مئة جندي تركي في يوم واحد.
ومهما كانت هذه القوى مختلفة فيما بينها، فهي متحدة ضد الأكراد.
فلا بد أن تدرك جميع القوى الكردية السياسية والثقافية والاجتماعية أن الغدر بهم يأتي أحياناً ممن يدعون أنهم شركاء الأكراد ومؤيدي حقوقهم.
لأن العالم الذي نعيش فيه، لا مكان فيه للقيم والأخلاق والأهداف النبيلة.
الغلبة فيه للمصالح مهما كانت دنيئة.
وعلى الأكراد أن يعرفوا هذه الحقيقة قبل غيرهم.
لقد قامت قيامة الحكومات العربية والجامعة العربية ولم تقعد عندما أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قراراً غير ملزم بتأسيس ثلاث أقاليم فدرالية في العراق.
وصرخ الجميع وا عروباه..، لكننا بالمقابل لا نجد أي صوت احتجاجي عربي ضد قرار البرلمان التركي في اجتياح الشمال العراقي الذي تعتبره هذه الحكومات العربية والجامعة العربية بأنه جزء من الوطن العربي.
وحتى الحكومة العراقية العتيدة، والتي يشارك فيها الأكراد، لم تحتج بشكل رسمي ضد قرار البرلمان التركي، ولم تفكر بنقل القضية إلى الأمم المتحدة، وهي تلوم أكراد العراق في هذه الأزمة.
ونتساءل كيف كانت ستتصرف هذه الحكومة لو لم يكن الأكراد مشاركين فيها؟.
ولا ندري هل سيكشف المستقبل فيما إذا كانت الحكومة العراقية أو بعض مكوناتها طرفاَ بعيداً في هذه الأزمة، بهدف إضعاف موقع التحالف الكردستاني في وضع أسس العراق الجديد.
لا أرى أن استنجاد الأكراد بالدول الكبرى وبالمؤسسات الدولية قد تنقذ الإقليم من الطاغوت التركي العنصري.
هذا الطاغوت الذي لم يغير جوهره منذ مصطفى كمال وحتى أردوغان.
فعند النظر إلى حركة الشارع التركي، والتمعن في مداخلات النواب الترك في البرلمان أثناء التصويت على قرار اجتياح شمال العراق، يتبين أن العقلية الطورانية مازالت كما هي رغم العلمانية والديمقراطية.
ولعل هذه إحدى خواص الشرق بأن تعيش الديمقراطية والعلمانية جنباً إلى جنب مع الشوفينية والعنصرية.
على الأكراد أن يحلوا مشكلتهم بأنفسهم، ويراعوا قوتهم الحقيقية في مختلف المجالات, مقارنة بقوة أعدائهم، وخاصة بالنسبة للإخوة الأعداء.
وبالتالي عليهم حل هذه الأزمة المستجدة مع الدولة التركية بأقل الخسائر، وإلا ستكون النتائج مؤلمة.
إذا اجتاح الجيش التركي إقليم كردستان، لا تستطيع قوات البشمركة وحزب العمال الكردستاني معاً وقف هذا الاجتياح.
وحتى إذا ألحقت القوات الكردية خسائر كبيرة بالجيش التركي(وهذا وارد جداً)، فتركيا دولة كبيرة ستداوي جراحها في أقرب وقت.
لكن الخسائر الكردية ستترتب عليها ظهور عوامل على الصعيد العراقي تضعف الأكراد في العملية السياسية الراهنة التي لم تستقر بعد، وربما تنسف الفدرالية كلها.
خصوصاً أن الطرف الأمريكي لا يمكن أن يكون طرفاً ضامناً للفدرالية, ولا الأمم المتحدة.
و يظهر للعيان أن القوى التي تتربص بالأكراد تستطيع في أية لحظة مؤاتية نسف الدستور أو تجميده أو تغير بعض بنوده، لأن ضمان استمرار وتطور الديمقراطية والفدرالية في العراق مرهون بقوة الأكراد السياسية والاقتصادية.
أعتقد أن حل الأزمة الراهنة تعتمد على سياسة عقلانية من قبل قادة إقليم كردستان وقادة حزب العمال الكردستاني.
ولا بد من اتخاذ الإجراءات التالية:
أولاً- يجب على الحزب العمال الكردستاني إدراك واقع وظروف نشوء حكومة إقليم كردستان.
وعدم تعريض هذا الإقليم للضعف.
صحيح أن هذا الحزب يدافع عن شعب مظلوم، وهو ليس حزباً إرهابيا كما يدعي الذين لا يعترفون بحقوق هذا الشعب.
وصحيح أيضاً أن هذا الحزب سعى بكل الوسائل لإيقاف الحرب الدائرة بينه وبين الحكومات التركية المتعاقبة، وأن الدول الكبرى الفاعلة تدوس على حقوق الشعب الكردي في كردستان تركيا من أجل مصالحها.
لكن الإطاحة بتجربة الحكومة الفدرالية في كردستان العراق خسارة تاريخية يتحمل نتائجها كل الأكراد، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني.
عندما تأسس حزب العمال الكردستاني، انطلق من نظرة كردستانية شاملة، واستخدم الأقسام الأربعة من كردستان لصال حركته من منطلق أن حل المسألة الكردية لعموم كردستان تبدأ من كردستان تركيا.
واليوم أصبح حل القضية الكردية في أي قسم من أقسام كردستان مرتبط بنجاح تجربة إقليم كردستان العراق.
ولعل اتفاق الدول التي تقتضم كردستان ضد هذا الإقليم خير برهان على ذلك.
فإنقاذ إقليم كردستان هو إنقاذ للقضية الكردية في كل جزء من أجزاء كردستان.
وبالمقابل فإن إعادة هذا الإقليم إلى وضع ما قبل الاحتلال الأمريكي للعراق، هو إعادة القضية الكردية في عموم أجزاء كردستان إلى المربع الأول.
ثانياً- إن التضامن بين الأكراد من أجل قضيتهم المشتركة حق طبيعي, ولا يحق لأي طرف أن يضعهم في خانة الشبهات من وراء هذا التضامن.
فجميع الشعوب تستخدم هذا التضامن تجاه بني جلدتها, وحتى تجاه حقوق الشعوب الأخرى.
لكن على الساسة والمثقفين الكرد أن يفرقوا بين التضامن وتجسيد ذلك بالأعمال الملموسة في الواقع.
فلكل تجسيد تبعات كبيرة يجب تقديرها بدقة وموضوعية.
لا تستطيع حكومة إقليم كردستان حمل القضية الكردية التي تغلي في أجزاء كردستان الأخرى على كتفها.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة عليها دعوة حزب العمال الكردستاني للتفاهم الاستراتيجي بمراعاة ظروف الإقليم، وعدم تعريضه للخطر.
وعلى الحزب العمال الكردستاني أن يتفهم هو الآخر بدوره أن لحكومة إقليم كردستان التزامات عراقية وإقليمية ودولية.
ثالثاً- على كافة المنظمات السياسية والثقافية الكردية في كل جزء من أجزاء كردستان وفي الخارج أن تدرك بأن الحكومات التي تغتصب الحق الكردي لديها الاستعداد أن تذهب في محاربتها ضد الأكراد حتى إذا كانت هذه المحاربة تمس سيادتها الوطنية، لأن هذه الحكومات تنطلق من مصلحة نظامها بالدرجة الأولى.
زد على ذلك أن الموقف المعادي للأكراد له ارث تاريخي لدى العرب والترك والفرس، وقد تحول هذا الإرث مع الزمن إلى ما يشبه الطقوس التي تمارس يومياً.
من هنا على الأكراد جميعاً أن يحسبوا الربح والخسارة في كل موقف يتخذونه، وفي كل عمل يقومون به.
في الختام أريد القول أن الأكراد كانوا دائماً أكبر الخاسرين في أزمات المنطقة.
بل كلما أرادت إحدى الحكومات ضرب الحركة الكردية في الجزء الملحق بها من كردستان، كانت تفتعل أزمة داخلية أو في المنطقة لتبرير هذه الضربة.
الأكراد اليوم بأمس الحاجة إلى العقلانية في تفكيرهم وفي كل عمل يقومون به (في هذا الجو العربي والتركي والفارسي غير العقلاني)، فليس لديهم وسيلة لنسف المنطق المضاد إلا بالعقلانية والديمقراطية.
القضية الكردية في كل جزء من أجزاء كردستان مرتبطة بالديمقراطية.
صحيح أنه لا يمكن التصفيق بيد واحدة، والشريك المقابل غير ديمقراطي أصلاً (على الأقل تجاه الأكراد)، والحكومات التي تضطهد الأكراد هي حكومات ديكتاتورية وشمولية وعنصرية..الخ.
لكن على الأكراد إدراك سمة العصر اليوم.
فكما أن الكفاح المسلح له تضحياته الكبيرة، وهو عمل يومي شاق ويستمر لسنوات وسنوات، ولم يكن مضمون النتائج دائماً.
فإن الديمقراطية أيضاً تحتاج إلى التضحيات الكبيرة والعمل اليومي الشاق في سبيلها، والبحث المستمر عن شركاء ديمقراطيين بين صفوف العرب والفرس والترك.
لقد تغيرت الأجواء العالمية للكفاح المسلح.
فلو قامت اليوم مظاهرات سلمية في ثلاث مدن كردية في تركيا، ولو وقف كل النواب الأكراد في البرلمان التركي، بما في ذلك نواب حزب العدالة والتنمية ضد قرار اجتياح الجيش التركي لكردستان العراق، لكان تأثير ذلك على قرار الحكومة التركية أكثر بكثير من قتل مئة جندي تركي في يوم واحد.