وليد حاج عبدالقادر / دبي
بداية لابد من التعرض لللمرحلة التي انطلق فيها أوجلان ومجموعته، بعد انشقاقهم الغامض من جماعة حكمت قفله جميلي اليسارية المتطرفة، وليتخذ أوجلان منحى قداسوي في بناء كاريزماه الشخصية بصبغة بول بوتية تنظيميا، رافقتها استهدافات دموية، وعلى هدي نظم الزعامة المتفردة والمطوبة سلالة كعقيدة سعى الى ترسيخها بعنف – ثوري – فاق الجميع، واول ما ابتدأت المجموعة عملياتها الإستهدافية كانت ساحات مدن كردستان تركيا ومعاهدها بجامعاتها، وممارساتها كانت من جملة ممهدات صعود العسكر وانقلاب كنعان إيڤرين سنة 1980،
حيث غادر الى سوريا وارتمى في حضن الاسد، منذ لحظاته الاولى وبإنكشاف صريح وكاستحواذ عملي، اتخذت منحى وكسكين بحدين مارس دوره / أدواره، سيما أن عرابه جميل الاسد كان قد أدخله من بوابة – ترتيبات كان قد سعى لها قبل قدوم – جلب أوجلان واعني بها تأسيسه لرابطة / روابط جمعيات المرتضى وبيوتاتها، ولتنتقل بتابعيتها في مناطقنا الكردية بشكل اوتوماتيكي الى أوجلان ومريديه، والذي ما ان عزز صفوفه واستقوى بالوسائل التي وفرتها له اجهزة امن النظام، حتى باشر أوجلان بنفسه في تنفيذ المهام الموكلة له وبحرفية قل نظيرها، فاستهدف الحركة الكردية ونشطائها بوضح النهار، وشن حملة دعاية قوية استخدم فيها حس الإيمان الجماهيري الكردي العميق بقضية باقي أجزاء كردستان، وللأسف فقد استطاع أن يغرر بعشرات الآلاف من الشباب واستهدف نسقا عمريا من جهة، ومراحل دراسية كان منهم طلبة في اواخر سنتهم الجامعية، وكل ذلك تحت شعاري سرخبون و السعي لإعلان دولة بوطان وبهدينان، وبجرة قلم شطب كل ذلك، وبالرغم من إنه اعتذر لأمهات قتلى الجنود الأتراك، وتناسى دماء الشباب الشهداء الذين استشهدوا في سبيل هدف سام يفترض بها، ولكنها مررت ببراعة تناسب عقلية القطيع وخبرة مراييع جهزوا جيدا وبقدرات تكفي لضبطهم وإخراسهم، ولم يقف عند هذه النقاط ! بل استثمر كل امكاناته شخصيا بنفي الإنتماء التاريخي للكرد في مناطقهم التي الحقت بسوريا، في تجاهل حقيقي لعوامل عديدة يفترض به ان يكون ملما بها، هذا الأمر الذي اشتغل عليها قبله نظم سوريا المتعاقبة، خاصة بعيد مرحلة الإنقلابات العسكرية وحكومة عبدالناصر الوحدوية، وما تلاها من حكم القومويين العنصريين، وفشلت كلها رغم الضغوطات خاصة من قبل عبدالحميد السراج وحزمة المشاريع العنصرية التي وضعت أصلا ، وكانت باكورة هدايا عبدالله أوجلان، ان جعل منها برنامج عمل صرح بها علنا في أياماته مع نبيل الملحم، واعتباره الكرد مهاجرين من الشمال وكهدف فهو سيعمل على إعادتهم الى مناطقهم، وبإختصار : ان من يشكك بكارثية ما صرح به أوجلان من جهة، وكذلك التجييش المنظم لمنظومته PKK واستهدافه العمري لمن جندهم خدمة لمشروعه، وما شكله – خلفه ذلك من أثر وتعاقب جيلي من جهة وتحييد – تغييب نسق هام من الجيل الشاب وبسوياتهم التعليمية . نعم ! لقد بلغ استهداف المنظومة للشعب الكردي بكردستان عامة وفي سوريا ذروتها، ونفذ فيها ما عجزت المنظومة – لابل تجاهلته – في ساحتها بملايين بشرها وحيدتهم وبكتل كبيرة، ومع الزمن بمتغيراتها وتحوراتها، وامام انكشاف الحلقات الأوجلانية المتتالية، وبمرياعية تم استهداف التابعين وتحت سطوة المحاكم الثورية والتصفيات الجسدية وبغطاء فكري فضفاض مزعوم، كان لابد ووفاءا لنظام الاسد على حد قول جميل بايق نفسه، فقد تسارعت PKK لنجدة حليفها في الأيام الأولى للثورة، وذلك باستهداف المظاهرات في المنطقة الكردية وسعت عبر شبيحتها إلى قمع الإحتجاجات الشعبية هناك واستهداف النشطاء واختطافهم، وهناك شكوك ترتقي الى الحقيقية حول دورها في اغتيال نشطاء كرد، ومع تسارع وتطور الأحداث تم استدعاءهم وتسليحهم وتمكينهم من الإنتشار والتمدد في المنطقة استلاما وتسليما، وعدوها كبروباغندا ثورة شعبية، هذه التسمية التي كان ردها عليهم الآن واضحة في تصريحات جميل بايق الأخيرة لصحيفة النهار العربي اللبنانية، وباختصار هنا : لابد من التوكيد على ظاهرة العبث في استخدام المصطلح، ﻻبل وببساطة شديدة تسخير المفاهيم تلك كغدد متضخمة في الذوات والبنى الحزبوية – الثوروية ظنا – الضيقة والتي ارتكصت سلبا لتدق أعناق وحريات الشعوب، وفي استنساخ حقيقي لتجارب أمثال بول بوت والخمير الحمر وإمبراطور أفريقيا الوسطى والبعث وخامنئي كأمثلة، حيث أن كلهم يزعمون بأن ركيزتهم الأساس تأسست، لابل هي نتاج ثوراتهم الشعبية، في تجاهل نظري متعمد وممارسة عملية لمفهوم الثورة الشعبية، والتي هي ليست لقبا أو إسما / مصطلحا نستطيع طبعه – استنساخه وبالتالي استحواذه . حيث أن الثورة الشعبية ولكونها شعبية ! إذن فهي لا تستوجب أية ديكتاتورية وتحت أية يافطة، هذا الأمر الذي يتزنر به منظومة PKK كمتلازمة مصيرية تعني لها الوجود من عدمه . وهنا وفي التطبيق العملي لمجريات هيمنة هذه المنظومة بتشكلاتها، وانعكاسات ممارساتها على الأرض، واستكمالا لمشاريع التغيير الديمغرافي الذي رافق مجمل العمليات العسكرية على خارطة سوريا سايكس بيكو، خاصة في مناطقنا الكردية، ومباشرة التطبيق العملي لتنفيذ سياسة التعريب القسري، والتي فشلت فيها كل مخططات وممارسات أجهزة النظم التي قامت بتجفيف مصادر العيش والإستقرار وضرب البنية التحتية خاصة في منطقة ما أسموها ب / الجزيرة السورية / وكذلك مارسوا سياسة الضغط الممنهج من خلال عدم تشغيل او توظيف الكوادر الكردية في الوظائف الحكومية، وبالتالي دفعهم الى الهجرة الداخلية أو الى المهاجر البعيدة، وكان كثير من الضباط الأمنيين الكبار ينصحون العائلات الثرية في المنطقة بعدم هدر الرأسمال والوقت في مشاريع ستؤول الى الفشل حتما !! وبالمختصر فأن الهدف الأسمى كان هو إفراغ المنطقة من سكانها الأصلاء، وبالرغم من فشل النظم في تنفيذ مخططاتها، إلا إن منظومة PKK برعت في تنفيذ ماكان لا يحلم به الجنرال ميني ومحمد طلب هلال حتى في احلامهما، وبدمغة غير مخفية او خجولة من اليد الطويلة والعميقة لنظام الإستبداد البائسة !
أجل ! إن سلطة الأمر الواقع التي فرضتها منظومة PKK، وفي كل ممارساتها ظلت وفية بولائها من جهة، وحرصها على مأسسة كل ما سعت إليها النظم المتعاقبة على سوريا، لابل وضعت غالبيتها قيد التنفيذ والتطبيع، ودفعت بمئات الألوف لا للهجرة الى الشمال، بل الى اصقاع لن يفكروا بعدها في العودة، أضف إلى أنها ضربت بنيويا في صميم أسس مجتمعية كثيرة بخصوصية المجتمع الكردي، في الوقت الذي كان بإمكانه فعل الكثير وفق المعايير الدولية، كظاهرة الإحصاء بعيدا عن تدخلات وتزوير النظم المتعاقبة، هذا الأمر الذي تغابى عنها الجميع ولازالوا ؟ وهنا وللتذكير ومنذ أواسط السبعينيات وفي خضم صراع التشظي داخل جسم الحركة السياسية الكردية في سوريا وظهور مصطلح – اليمين و اليسار – ومعهما الحياد، فقد كانت تصدر بين الحين والآخر أصوات تدعو لإجراء إحصاء سري في كل المناطق والقرى، وكانت العملية ممكنة جدا وسهلة وسلسلة، وأذكر شخصيا بأنني تطوعت لهذا العمل وبالأخص في منطقة ديريك ومحيطها، ولكنها كانت تصطدم دائما بأمور خفية او تفرط بعامل الزمن، ورغم كل ذلك بقي الأمل ومعها الوثائق المدونة لكل ممارسات التغيير الديموغرافي ومنهجية التعريب، إضافة إلى أرشيف الدولة العثمانية و المنتدبة ووثائق الأمم المتحدة التي ورثتها عن عصبة الأمم المتحدة، والأهم، العودة الى جداول النفوس من أوائل الخمسينيات وضم سجل المكتومين ممن لم تكن لديهم قيود، ومقارنتها بسكان المنطقة الحقيقيين، وكل هذا الكلمات مردها التذكير بأمر جوهري ؟ عجبا ! من مد بشار ومعارضته، أو سهل لهم للتشدق زورا بنسبتهم المئوية والتي تكرموا بها علينا وبنسبتنا التي لا تتجاوز 35 % في شمال شرقي سوريا، هذا الامر الغريب ربما سيتسبب بسؤالين :
– هل النسبة هي من نتائج إحصاء ب ي د قبل كم سنة بعد تشريد غالبية الكرد وهجرهم ؟ .
– هل هذا الرقم هو نتاج الإقليم – شمال شرق سوريا – والذي يجيز اعتبار سكان الإقليم المتشكل حاليا أصلاء؟ أي بمعنى أن سكان محافظة الرقة هم سكان الإقليم مثل سكان محافظة ديرالزور والحسكة ؟ .. كل هذه الوقائع تذكرنا بالممارسة الديمقراطية لذلك اليوناني وتابوته كقياس حيث كان يمدد فيها مختلفه إن خرجت قدماه يقطعهما وإن صغرتا يمطهما .
وفي الختام ولمن يتصنع الإستغراب من المنظومة بمشتقاتها، كما مفهوم – تعريف ثورة روچ آڤا ! ومهما تماهت PKK واذرعها حاولت تصنع الفكاك منها ! إلا انها ستبقى تدور في فلكها وبضبط جبري محكوم بالشرعية الثورية التي تجيز التخوين والقتل وكل أشكال التصفيات، وستبقى قيادة / تف – دم / كواحدة من اهم أذرعها القابضة وبعنف هي الآمر الناهي، والوجه الفعلي لكل المشتقات التابعة والمتلقية كما المنفذة للتوجيهات، أجل ! والواقع أثبت ذلك من خلال تصريحات آلدار خليل التي جاءت بعد تعليمات جميل بايق في حواره آنف الذكر، ولكن : هل علينا ان نفقد الامل ؟! بالتأكيد لا ؟ فهي ستبقى تدور وتلف حتى تمل وستجبر تحت ضغط خلصاء حقيقين لتصغي لأية بصيص أمل مهما كان خافتا، وعلى أطلال المقابر التي نحترم سكنتها كأبناء بررة، ذلك البصيص الذي سيسعى السيستميون بكل جهودهم ركوب موجتها لعلها ستبقيهم في بقعة الضوء، ولكنهم المتنفذون لازالوا يتناسون بأن عصرنا هو عصر الانكشافات ومهما برع بعضهم وحشد جيشه الإعلامي الذي في الأساس بات مثقلا أمام رأيه العام .. الدوران يرهق و – يزغلل – كما نقولها بالعامية، ومع ذلك سننتظر الخطوة / الخطوات الأولى يا حزب الإتحاد الديمقراطي رغم بتركم للاحقتكم الكردية .