وليد حاج عبدالقادر / دبي
مع إنطلاقة المظاهرات السلمية في سوريا المطالبة بإجراء اصلاحات، وتطورها الى شعار إسقاط النظام، كان للشعب الكردي حضوره الفعال، لابل فقد عد الكرد وربطها كحالة بديمومة نضال الحركة الكردية خاصة بطابعها السلمي، ولازلنا كنشطاء كرد كانوا فعالين في حالات نضالية عملية، وفي أشد حالات القمع والإستبداد، كنا نبتكر ادواتنا النضالية السلمية ونحدد مواقفنا بصراحة ووضوح شديدين، نربطها وكمتلازمة رئيسة بالفضاء الوطني، رغم تجاهل لابل رفض قوى كثيرة كان يفترض بها ان تكون في طليعة الأحزاب بتبني قضية الشعب الكردي والنضال في سبيل تحقيقها، ولكن دائما ! لابل بقي العكس تماما هو السائد، والادهى ان كثيرا من تلك الأحزاب اتخذوا منحى تبرير وجوازية ممارسات النظم وربطوها – بتسفيه متقصد – بمفاهيم الصراع الطبقي ومعاداة التطبيق الإشتراكي .
وهنا – شخصيا – لست بصدد سرد حيثيات تلك المراحل التي تتالت وتراكمت منذ خطوات اتمام تشكيل دولة سوريا على أرض الواقع ووفق خرائط الضم والإلحاق وصولا الى شكلها الحالي، كون هذه الاسطر أدناه هي في الأصل تعالج ذلك، وهي أشبه بحوار كان قد تم بيني ومجموعة شبابية كردية من جملة التنسيقيات التي وجدت لتفعيل وتنظيم النضال السلمي الكردي في الساحات وايصال صوتهم وقضيتهم الى عموم سوريا والعالم .. وفي قراءة شخصية لما كنت قد كتبته وكمراجعة نقدية ذاتية للتصورات ومآلات ما وصلت إليها الاحوال، لا ارى حرجا في نشرها، رغم متحولات الأحداث ووضوح الجوهر في عناوين كثيرة من الازمة السورية – والاسئلة التي طرحت هي اشبه بحوار وان كانت اشبه باستقراء او نقاش وقد جرى بتصوري في 15/5/2012 او 2013 وادناه حرفيا اهم ما جاء فيها : الأخوة الأعزاء القيمون على الصفحة والأعضاء الكرام يشرفني جدا أن أجيب على اسئلتكم الموجهة مبديا رأيي الصريح في الذي جرى وما يجري، فمما لاشك فيه أن المخاض الذي تسير فيه سورية هي نتاج حتمي وطبيعي لمجمل التراكمات من العسف والإضطهاد وبالتالي الإستحواذ على العملية الديمقراطية في البلد، وسيطرة النزعة الأحادية الجانب كقومية عربية سائدة ورهنها للبلد بمجموع شرائحها وجعلها اسيرة هذه النزعة الأحادية من خلال جعل البلد / الدولة مختزلة في حزب، والحزب في شخص، ناهيك عن عوامل أخرى مساعدة ومحبطة للهم الجمعي الإنساني والمعمم على جميع شرائح المجتمع من طغيان للفساد والمحسوبيات والسرقات وما خلافه، هذا في الشأن العام، وكشعب كردي، نعلم أن هذا البلد ـ سورية ـ قد نشأت كنتاج حتمي لأزمة ما بعد الحرب الكونية الأولى، وتطبيقا لإتفاق سايكس بيكو وبالتالي متتاليات الغاء اتفاق سيفر، وكتجسيد حقيقي للمعاهدة الشؤم ـ لوزان ـ وبالتالي كان التقسيم الثاني لوطن اسمه كردستان، وكان من نتاجها ضم أجزاء مهمة منها الى الدولة المتشكلة حديثا ـ سورية ـ والمستعمرة من قبل الفرنسيين،، وما تلى ذلك من مسلسل الإلحاقات حتى عام 1939 لتأخذ وضعها النهائي والذي مازلنا نعيشه حتى الآن، هذا الواقع الذي جعل الشعب الكردي في حالة نضال شبه مستدام الى الآن في سبيل الإعتراف بحقوقه المشروعة، ومن هنا فإن العمل النضالي الكردي لم يتوقف، لابل ونستطيع الجزم بأنها كانت في حالة ثورات دورانية متكاملة، أي بشكلها الدائري المحيط بمجمل كردستان الوطن والجغرافيا، وذلك حتى بعيد استقلال سورية – الحديثة ـ ليأخذ النضال الكردي طابعه الديمقراطي السلمي وعمليات الأخذ والرد وبالتالي التصدي للمشاريع العنصرية المطبقة من قبل الحكومات السورية المتعاقبة، وللحق والتاريخ فقد تصدى الشعب الكردي وبقواه المنظمة السياسية لقوة عتية حاولت النيل منه كشعب وسلخه من جذوره ودفعه دفعا للهجرة والإغتراب وكلقمة سهلة تقاد الى التعريب ببساطة جد شديدة، وأراني لا أفضل الإنسياق الى التاريخية بلحظاتها، وإنما ما أود تأكيده هنا عن جهوزية الشعب الكردي، وبالتالي استعداده وعن خبرة وممارسة إن بأساليب السلطة، أو قدرة الجسد الكردي المناضل من تحمل الصدمة، هذه الصدمة بروحها المقاومة إنما نمت وتطورت من خلال الفعل النضالي المتراكم، فلا غرو أن تنطلق مظاهرات الكرد في الجمعة الثانية بعد درعا ـ وإن كنت شخصيا أعتبر جميع المظاهرات هي امتداد طبيعي للحراك الكردي الجريء، وخاصة ان الجماهير الكردية كانت قد حطمت حاجز الخزف منذ انتفاضة قامشلو الباسلة عام 2004، كما وأن الجماهير الكردية أحيت ذكرى الإنتفاضة في 12 آذار قبيل اندلاع الثورة بثلاثة أيام وبحشد تجاوز 5000 آلاف في مقبرة قدوربك بالقامشلي , أما هل المشاركة الكردية هي على قدر المأمول ؟ فالجواب بطبيعة الحال هي لا، لأننا جميعا نعلم بأن الكرد في أوج قوة النظام واستفرادها بهم، استطاعوا أن يحركوا في الشارع السوري أكثر من 700 ألف متظاهر بالرغم من القتل والضرب والإعتقال، ونعلم كما يعلم الجميع، لو أنها استمرت وبوتيرة أقل من التضامن الآن وبعشر مرات، لكانت لها السابقة على البو عزيزي، والآن طبيعي أن يكون لنا ككرد مبرراتنا وقناعاتنا الخاصة مستفيدين مما جرى آنذاك وما يمارسه بعض من ـ المعارضات التي لاتقل مواقفها عنصرية من النظام المستبد في سورية الآن، وهذا الأمر يوصلنا الى النقطة الأولى والأساس الى الحركة الكردية في سورية والتي هي بمجموع فصائلها نتاج أزمة مستعصية وقديمة كما الفعل السياسي في عموم سورية، ولتشتد أزمتها ـ تاريخيا ـ منذ هيمنة التيار ـ العروبي ـ على سدة الحكم وتحديدا منذ قيام ما سمي ـ بالجمهورية العربية المتحدة ـ وما تلاها من اعتقالات في صفوف الحركة وبالتالي التراجع التدريجي للحزب من شعار تحرير وتوحيد كردستان، والتوجه الأمني نحو الضغط الفاقع وبالتالي وجود مسوغات أو مبررات بعضها حقيقي، وأغلبها كان لها طابع الإفتعال، لتبدا آلية الشرخ ومسلسل الإنقسامات في بنية الحركة الكردية، وتتطور لاحقا وبخطى حثيثة فتتسرطن في جسد الحركة السياسية الكردية ومن هنا ـ شخصيا لا أنفي بالمطلق بل بالعكس أسجل ـ لهذه الحركة ورغم كل حالات التشرذم، موقفا تاريخيا من خلال حفاظها على الكيان الجماهيري الكردي من لغة وثقافة وفولكلور والترابط المجتمعي، بالرغم من الهيمنة البوليسية البشعة، فأصبحت ـ الحركة ـ كالمدرسة والكلية الخاصة بالشعب الكردي، وكذلك الترابط وديمومة الشعور الجمعي كما اثبته تجربة الإنتفاضة المباركة عام 2004، وارتقت الحركة بالشعور القومي وبالتالي التفاعل مع الحدث الكردستاني في الأجزاء الأخرى، أما هل ستفي هذه الأحزاب بوعودها، فكلنا يعلم أن أي حزب هو منظومة من العلاقات تؤطر بين مجاميع أعضائها ومن خلالها من المفترض في المجتمع، وبالتالي فإن الجواب هنا مرتبط بالشق الثاني من السؤال الذي يسبق هذا السؤال وهو التجاوب الكردي المأمول والمتفاعل مع احداثيات الثورة السورية، ومدى استطاعة / استعداد القوى المعارضة العربية من خلق قوة جذب للكرد ودمجهم بقوة في عملية الصراع، وحتمي هذه ستأتي بالدرجة الأولى من خلال الإقرار بالحق الكردي المشروع ومن ثم التمهيد لدسترة ذلك، هذا الأمر الغائب تماما من وعي وممارسات، لابل سلوكيات عالبية مدعي الديمقراطية ـ بكل أسف ـ وما أتوقعه شخصيا هو زيادة وتيرة النضال الكردي خاصة بعد الممارسات الشنيعة للسلطة وشبيحتها في حي الأكراد ـ ركن الدين ـ والسعي باعتبارها منطقة منكوبة، وليبان حقيقة السلطة ابضا في مساواتها للجميع بالقمع بالرغم من ان الكرد لم يساهموا حتى اللحظة بأكثر من 5 بالمائة من قوتهم، وطبيعي هنا أن لا ننسى ما سيكون عليه التحرك الكردي من ضغط قوي لا على السلطة السورية فحسب بقدر ما سيكون لها من انعكاسات اقليمية ايضا لتشمل تركية والعراق وايران، وبالتالي هذه نقطة مركزية أخرى مهمة ومرده أن الشعب الكردي منظم بطبيعته ولديه خبرة ممتازة في التعامل مع آلة القمع السلطوي، هذا من جهة ومن جهة أخرى الجاليات الكردية الضخمة والموزعة في شتى بقاع العالم والمتلاحمة قلبا وقالبا مع الداخل، وقد اثبتت هذه الجاليات بأن لديها الإرادة والإستعداد في البقاء أيام وأسابيع في الساحات وسط الثلوج والأمطار تضامنا مع بني جلدتها، هذه الروح التي انهكت السلطات السورية سابقا ويعمل لها الف حساب , وهذه العوامل مجتمعة هي من عوامل قوة الورقة الكردية، والتي تجعل أيضا ـ عيون دول الإقليم ـ تحاصرها وتتابعها ….. تتمة .. مما سبق أعلاه نكاد نجزم بأن الضغط وبوتيرتها المتصاعدة على الشعب الكردي ستكون مرتكزاتها، كما رداتها من دول اقليمية تراقب الحدث الكردي بقوة اكبر من عموم سورية، وما السيناريوهات، والمماطلات، بل والتقلبات في المواقف إلا نتاج للمتابعة الدقيقة لهذا الدور الكردي، ومن هنا يقع على عاتق الشعب الكردي بكافة قواه المنظمة وفعالياته، تلك المهمة المزدوجة والمترافقة بحس ومسؤولية دقيقة على أرضية من التلاحم والتضامن، لابل ووحدة في القرار ن بعيدا عن ـ الأنا ـ الفردية القاتلة لبعضهم كما النزعة الحزبية، لآن الخطر جسيم كما حجم المؤامرات والقوى التي تتشارك فيها، وهنا يبرز عامل التجربة، كما الدور السياسي الفاعل لجميع وليس ـ مجموع ـ القوى السياسية الكردية ـ وبالطبع لاأعني منهم الحالمين بالبروزة ونزعة الظهور على حساب أي شيء ـ ان يبادروا الى ريادة وقيادة جماهيرهم ميدانيا، وأن يضعوا خبرتهم ووعيهم السياسي في خدمة النضال الشبابي العملي، وبقناعتي أن الشباب الكردي لاتنقصهم العزيمة ولا قدوة النضال بقد ما هي الحنكة السياسية من جهة، وايجاد تلك الروح التي تتجاوز نزعة ـ محمودكي وعثمانكي، أو كوجري وديماني ـ وبالتالي لفظ الشعارات المبهمة والطوباوية المغلفة بنزعة شوفينية حداثوية ـ كحق المواطنة المبهمة في جمهورية عربية وعودة سريعة ومكثفة للنزعات العنصرية ـ هذا الإتجاه الذي يدغدغ شهوة الراكضين ولهاث ذاتويتهم المريضة .. إن الشباب الكردي بما يملك من ارادة النضال لو توفرت له الأرضية المناسبة واحتوته ـ فعلا لا قولا ـ قوى الشعب الكردي المنظمة كلنا يعلم أنهم ـ الشباب ـ سيصنعون حقيقة المعجزات، وهنا وفي بنية او آلية التغيير وواقع الشعب الكردي، لست وبالمطلق من دعاة ومؤمني التغيير الجذري ـ بمفهومه الإنقلابي / القطعي ـ وبالتالي الشطب على كل ماهو قائم، بقدر ما أؤمن وبنفس الوقت في التغيير الجذري للمفاهيم والبنى والقناعات التي كانت راسخة كطواطم مقدسة ولفترات طويلة داخل وعينا ولاوعينا أيضا، من هنا الأهم في هذه المرحلة كما من الواجب تأطير كل الجهود والحفاظ على كل القوى كمرحلة انتقالية مواكبة ومسايرة للحدث الأهم ومقتنع ـ أنا ـ بالتفاعل الصاعد والضاغط شيايبا صوب التغيير المرتقب، وبالتالي التشكل السياسي / الحزبي الكردي مستقبلا، وهذه كلها ستكون كنتيجة طبيعية لما ستأخذه طبيعة الوضع في سورية ومدى تجاوب ـ المعارضات ـ على استحقاقات الشعب الكردي الذي يجب ألا يقل عن الإعتراف الدستوري به كقومية ثانية، أما مسألة تشكل أقليم كردي في سورية ففي هذه الظروف والوقائع كما ومواقف الدول المحيطة فبتصوري سوف تكون ـ قوة كابحة وشرسة لهكذا استحقاقات ـ وبقناعتي أن المهام الأولى والأساسية هي إعادة الأمور الى طبيعتها الحقيقية في المنطقة الكردية من حيث الغاء كافة مشاريع التعريب وإعادة من جلبوا اليها من مناطق أخرى الى مناطقهم الأساس، وإعادة الأراضي المستملكة تحت بنود مشروع محمد طلب هلال الأسوأ الى اصحابها، ومن ثم السعي إلى تأسيس وعلى قاعدة الشراكة الحقيقية دولة يتفق حولها الشركاء بندية ومساواة كاملة في الحقوق والواجبات … ومن هنا ومن خلالكم أنوجه .. اليكم بالتحية من جهة وبالمثابرة والمتابعة، وبالتالي مواكبة الحدث السوري عامة والكردي خاصة وأن نكون جميعا تلك الأداة الضاغطة والداعمة أيضا لكل توجه وحدوي إن للجهد النضالي الكردي أو لبلورة مركز قرار جمعي للشغب الكردي في سورية، وأؤكد أيضا على ضرورة التشبث باللغة الكردية نطقا وكتابة والسعي نحو التثقيف التاريخي / الجغرافي لكردستان وشعبها، والسعي الحثيث لجمع شتات التراث والثفافة الكردية الشفهية وتدوينها مهما كانت بسيطة، فبتصوري أن الفرص القادمة ستوفر أقلها امكانات التوثيق والأرشفة …وختاما أشكركم ..