خورشيد محمد ملا سعيد
كلّي ثقةٌ أن ذلك اليومَ آتٍ ، و كلُّ آتٍ قريب . نعم ، سيأتي اليوم الذي لا بدَّ فيه من أن تقرَّ شعوبُ وحكوماتُ منطقتنا بالاعتراف بحقوق بعضها بعضاً بشكلٍ متساوٍ في الحياة الحرّة الكريمة من خلال مدِّ جسورِ التسامحِ والتفاهم والمحبة والتواصلِ والتعاونِ والتنسيقِ والتكاملِ الأخوي، و تعميمِ لغة السلامِ في ربوع منطقتنا على لغة التهديد والوعيد والاقتتال ، لثلاثة أسبابٍ رئيسة هي :
أولاً: لأنها ستصل إلى قناعةٍ تامة بأن الأساليب الملتوية أو المغلوطة في التعامل لا تنفع أحداً من شعوب منطقتنا مهما طال الزمن ، و مهما اختلفت موازين القوة السياسية، والاقتصادية، والعسكرية.
ثانياً: لأنّ الأمن والأمان والاستقرار لمصلحة جميع شعوب منطقتنا، وكذلك لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى الفاعلة التي أثارت الفتن ودعّمت “الفوضى الخلاّقة” في الشرق الأوسط، و التي ستنهيها حتماً بالاستقرار ، لتصريف منتجاتها وخدماتها المتطورة كبديل من تصريف السلاح في السنوات المقبلة .
ثالثاً: لأن قيمة النفط في منطقتنا ستتدنى صناعياً في المستقبل القريب أي قبل 2050 م بسبب التطور التكنولوجي العالي ، هذا التطور الذي سيوجد بدائل من النفط الخام، لا تضرّ المناخ العالمي . و في مرحلةٍ تاليةٍ قريبةٍ سوف تصير منطقتُنا و غيرُها من مناطق العالم أسواقاً كبيرةً لتصريف المنتجات المتطورة لدولةٍ عظيمةٍ وحيدة في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعمل باستمرار و بشتّى الوسائل السياسية والاقتصادية على انحسار صادرات الدول المتطورة الأخرى – و خاصةً الصين – واليابان والدول الأوروبية العظمى و روسيا وغيرها ، وإزاحتها عن طريق مشاركتها في المنافسة الاقتصادية العالمية ، و إذا لزم الأمر فقد توجّه الولايات المتحدة الأمريكية ضربةً عسكريةً سريعةً خاطفةً ومزلزلةً لدولة الصين الشعبية لتنهيَ منافسَتها لها في الصادرات التجارية العالمية. و أمّا دلائل تصوّري و قراءتي هذه فهي: اكتمالُ سيطرة الجيش الأمريكي على أهم المضايق البحرية في العالم ، و انسحابُ الجيش الأمريكي من أفغانستان، و كذلك ما نستشفه من اللقاءات و الاتفاقات السرية الأمريكية – الروسية، و العمل على تقليص تواجد الجيش الأمريكي في دول الشرق الأوسط وخاصةً العراق ، و كذلك العمل الدؤوب والجاد في المرحلة المقبلة على تقويض دعائم الاقتصادَين التركي و الإيراني كي يتدهور اقتصادُهما ، و كذلك خلق المشاكل الداخلية في كلتا الدولتَين لتحجيم دورهما المتنامي في المنطقة، و لكي تستسلما للإملاءات الأمريكية و تنصاعا إلى حل مشاكلهما الداخلية، و حلّ القضايا القومية فيهما . فَلْنمدَّ بين شعوب منطقتنا – الآنَ و ليس غداً – جسورَ التآخي والسلام والمساواة والعدل والإعمار، بدلاً من إشعال نيران الحروب والقتل والتهجير والدمار .