لماذا يتهرب النظام الإيراني من العدالة؟ 2-1

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

إحدى صعد المواجهة بين المقاومة الإيرانية والنظام الحاكم في إيران هي “المحكمة والعدالة” وهي ميدان يرحب به أحد الأطراف ويتهرب منه الآخر ذلك لأنها في مجال العدالة” يكون أحدهما “خاسرا” والآخر “فائزا”!
لا وجود للعدالة في إيران!
   في أي بلد تسوسه الديمقراطية وقيم المدنية والحضارة الإنسانية، يكون “القضاء” إحدى السلطات الثلاث الحاكمة التي تعمل بشكل مستقل بحيث يتمتع في ظلها أطراف أي قضية بـ “العدالة”، وتُحل من خلالها قضايا ومشاكل المجتمع على نحو سلمي رشيد.
لا يوجد في إيران الحالية مثل هذا القضاء المستقل فحسب بل يتم تعيين رئيسه من قبل ولي الفقيه، ومن هذا المنطلق لا بد من القول إنه لا عدالة في إيران اليوم!، ولا وجود لــ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وما الحال إلا قمع واعتقال وتعذيب وإعدام واغتيال وسلب ونهب، وما إلى ذلك.
هذه هي حقيقة الوضع في إيران على مدى السنوات الـ 43 الماضية، ولذلك فإن القضاء المحاكم في إيران يخضعان لحكم ولي الفقيه، وكذلك الحال للسلطتين الأخريين في الحكومة “التشريعية والتنفيذية”، وليست هذه السلطات فاقدة للشرعية فحسب وإنما هي بغيضة كريهة منحطة أيضا، وتلقى رفضا ونفورا شعبيا واسعا كبيرا هو إلى المطلق أقرب. 
وجود المقاومة “وحضورها”؛ معناه عدم “وجود” النظام الحاكم!
هنالك مقاومة شعبية واسعة ومنتشرة لمثل هذا النظام ولها جذور أصيلة في أعماق المجتمع.
مع وصول نظام ولاية الفقيه إلى السلطة واستمراره حتى ظهور عصر الإنترنت والاتصالات أصبحت هذه المقاومة أكثر حدة وحجما وانتشارا وظهورا أكثر مما كانت عليه في الماضي.
  لا يخفى على أحد أن نظام ولاية الفقيه الحاكم داخل إيران وخارجها قد سعى دائما إلى تدمير معارضته لأن هذا النظام يرى “وجود” نفسه في “غياب” خصومه، وهذا هو سبب نهجه الوحشي الهستيري داخل إيران من إعتقالات وتعذيب وإعدامات وقتل ومجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان، وخارج إيران ينفق مبالغ طائلة من موارد الشعب الإيراني على الاغتيالات والتفجيرات والمؤامرات من خلال حلفائه ومرتزقته الذين يستخدمهم ضد المعارضة، وسأعطي أمثلة على ذلك لأن كل حقيقة ظاهرة للعيان تحتاج إلى النشر والبيان.
ترحيب المقاومة الإيرانية بالعدالة!
   يتهرب “نظام ولاية الفقيه” من القضاء والعدالة خارج حدود إيران لأنه يعرف مسبقا بموقف العدالة وحكم، ولذلك ينتابه والخوف ويأسر الرعب جوارحه محاولا عدم عبور طريق العدالة!
من الطبيعي جدا أنه حيثما كانت هناك ذرة من “العدالة” رحبت بها المقاومة الإيرانية بصدق، لأنها وكما تقول الحكمة ( من كان طاهرا نظيف الحسابِ ..ماذا يخشى عند الحسابِ وهو أطهرُ)، وهزِمَت واندحرت كل عقبات ومؤامرات نظام الملالي (بأمواله ووسائل ضغطه، وحلفائه، ورعاة سياسة المراضاة) خارج حدود إيران الهزيمة تلو الأخرى، وقد ثبت في سجل العالم أن: ” النصر هو انتصار العدالة على التسوية والتآمر والمراضاة والمهادنة، وهذا انتصار المقاومة ومجاهدي خلق إيران.. انتصار الشعب الإيراني وقواه الأصيلة في ميدان النضال والثبات على دكتاتورية ولاية الفقيه المتسلطة على إيران”.
   واجه مجاهدو خلق والمقاومة الإيرانية حتى الآن عشرات الآلاف من الوثائق والأدلة في عشرات المحاكم في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وسويسرا ولوكسمبورغ (محكمة العدل الأوروبية) وإيطاليا وألمانيا، وقد واجهوا جميع الأسئلة والدعاوى والكثير من الإتهامات التي لفقها ودسها وروج لها وأنفق عليها نظام الملالي، وقد ردت المقاومة ومجاهدي خلق عليه وعلى أنصاره ومرتزقته وانتصروا في كل هذه المحاكم، وكانوا مع العدالة وكانت العدالة معهم.
عدة أمثلة عن محاكم العدالة وعلاقتها بالمقاومة الإيرانية!
منها عدة محاكم أوروبية وأمريكية مختصة، كانت الخاتمة فيها جميعها بانتصار المقاومة في مسيرة حملة 14 عام مباركة موفقة بقيادة السيدة مريم رجوي.. تلك المسيرة التي تكللت بالإنتصار وشطب اسم المنظمة من قوائم الإرهاب وكذلك إيقاظ العالم على الكثير من الحقائق، ونورد هنا أمثلة مفيدة على مواجهة المقاومة الإيرانية للنظام الإيراني اللاإنساني الحاكم في إيران:
في سبتمبر 1990 رفع نظام الملالي ورئيسه رفسنجاني آنذاك دعوى قضائية في القضاء السويسري ضد ميريام جازو الصحفية بصحيفة لا سويسرا، وفي 7 أغسطس1991 برأت محكمة في سويسرا الصحفية السويسرية وأدانت نظام الخميني ثلاث مرات، وكانت السيدة جازو قد نقلت في تقرير لها جزءا من برقية من زعيم المقاومة الإيرانية لرئيس الجمهورية السويسرية حول دور النظام في اغتيال الدكتور كاظم رجوي، ولقد حولت المقاومة الإيرانية هذه المحكمة من خلال تعبئة عالمية ضخمة إلى ميدان لمحاكمة نظام خميني.
في يوليو 2018 حكمت محكمة بلجيكية بالسجن لمدة 20 عاما على مبعوث النظام الإيراني الدبلوماسي الإرهابي أسد الله أسدي وفريقه الإرهابي الذين اُعتِقلُوا خلال تفجير على تجمع للمقاومة الإيرانية في باريس.
   أمرت محكمة ولاية هامبورغ صحيفة دير شبيغل في مارس 2019 ، وفرانكفورتر الغوماينه في يونيو 2020 بإزالة المزاعم الكاذبة  المنافية للحقيقة وغير الدقيقة ضد المجاهدين من مقالاتهم، وذلك لنشرهم أكاذيب للنظام الإيراني ضد المقاومة الإيرانية.
في 23 سبتمبر2021 دعت محكمة فيدرالية سويسرية إلى إجراء تحقيق موسع في مقتل المعارض السياسي الإيراني البروفيسور كاظم رجوي نظرا لأن إغتيال الدكتور كاظم رجوي كان يندرج في إطار جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية مما أجبر مكتب المدعي العام على إعادة فتح القضية، وكان البروفيسور كاظم رجوي قد اغتيل على يد عملاء النظام الإيراني في كمين في منطقة تدعى ”كوبه“ بالقرب من جنيف.
ويُحاكم الآن أيضا أحد مجرمي النظام حميد نوري أمام محكمة سويدية بتهم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، ومن المتوقع أن توقع المحكمة بحقه “أشد العقوبات”.
مؤامرات إضافية للنظام ضد المقاومة!
قال المعمم علي فلاحيان وزير مخابرات الملالي السابق والمطلوب للقضاء الألماني والسويسري بتهمة الإرهاب في 9 يوليو 2017: “وزارة المخابرات بحاجة إلى غطاء لجمع المعلومات من الداخل والخارج، “نحن لا نرسل ضابط مخابرات إلى ألمانيا أو الولايات المتحدة ليقولوا إننا من وزارة المخابرات، والمطلوب تغطية تجارية أو صحفية”.
في هذا السياق سعى النظام الإيراني تحت ستار التجارة والصحافة بشكل خاص إلى استكمال مخططاته الإرهابية ضد المقاومة، فعلى سبيل المثال أرسل النظام وكلائه إلى الخارج تحت مسميات محلل وناشط سياسي، أو سجين سياسي سابق “ومن بينهم أشخاص كـ ”إيرج مصداقي” الذي كان مكلفا بتشويه هوية حركة التقاضي من أجل دماء شهداء مجزرة الإبادة الجماعية عام 1988 وإفشال مساعيها من أجل محاكمة رموز نظام الملالي، وبإفشال مساعي حركة التقاضي وإلحاق الضرر بالمقاومة الإيرانية يمكن لإيرج مصداقي بهذه الطريقة أن يساعد على”إبقاء” نظامه نظام الملالي.. وتلك كانت مهمة ايرج مصداقي الفاشلة.!
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…