سد أليسكو و PKK والبراديغمائية

وليد حاج عبدالقادر / دبي 

يؤكد علماء النفس على أن من أشد الظواهر المنتجة للقرف، هي في العادة تلك التي تأخذ بسويات النقاشات المفترضة بها ان تسعى لخلق – بناء أرضية للتفاهم، ولكن ؟ وبعنف لفظي تنتج النقيض تماما، وكمثال بسيط : دعونا نتكلم عن قنديل وقيادة PKK فيها بدءا من جميل بايق مرورا الى القيادات المتوسطة، و منطقهم الممارس الذي يذكرنا وببساطة شديدة بالثقافة المخلوفية – نسبة للضابط الأمني السوري علي مخلوف سيء الصيت – وهي ذات الثقافة المتوارثة التي مورست من قبل السيد عبدالله أوجلان في مناسبات عديدة وهي موثقة في العديد من المواقف وشرائط الفيديو كأرشيف، السيد عبدالله أوجلان الذي لم ير من الحياة العسكرية ونمطيتها سوى جولاته في البقاع، واثناء ازمة ملاحقته بعد خروجه من سوريا، لم يفكر مطلقا في الإستقرار او حتى العمل على ايجاد مقرات لقواته ليلتجيء إليها حين الضرورة، وهنا وبتعبير ادق ! 
فكما كانت كل النظريات والبيانات التي سعت الى إقناع مجموعته في البداية، بدت مجرد ترف نظري، وذلك بدءا من رومانسيات حكمت قفله جميلي الثورية، عبورا الى ماركسيته وبطرازه الخاص، وصولا الى براديغماه المتعالية في إسرافها التنظيري دوغمائيا، تلك الدوغمائية التي برعت وعلى أرضية فائض الكراهية المنتجة، تم السعي لمأسسة نظرية الإستحواذ الآبوجي – قبل ان تخرج من شرنقة المنظمة الى التحزب – على القرار الكردي، وذلك بخاصية التأميم والغاء الآخر بتطويعه جبرا أو إغراءا، وليتها بقيت مؤطرة في نطاقيتها، خاصة بمناطقنا نحن كرد سوريا، ولكن ! هناك دائما مقولة متداولة في ظاهرة الطبع والتطبع وغالبية الأولى كنتاج حتمي لهكذا مسلكيات، ورأينا انعكاسها في كردستان تركيا و : تراتبيات ما سميت بحرب التحرير الشعبية والتي ولدت فاشلة , كما أثبتت نتائجها في بوتان وسوره وكڤري ونصيبين، وتلك الأنفاق ببيوتاتها التي هدمت ؟ نعم ! لقد حاول منظرو قنديل تطبيق آيكولوجية ما مسبوغة ببعد براديغمي ولكن من جديد : بمفهومية ( طير أم نقش )، الأمر الذي سبب بانسياح بشري أسس لتغيير ديموغرافي لا زال يتوسع . وليت الأمر توقف عند ذلك ؟ وهنا علينا أن نقر بداهة، حتى في الجانب الثقافي والتعليمي، وكانعكاس لتجربتهم في مناطقنا، فأن اول ما سيتبادر الى أذهاننا السؤال التالي : هل هم سعوا إلى تأسيس لغة وبمقاييس خاصة توائم منهجية معينة !! أم هي اللغة الجمعية وقد أحدقت بها على مر العصور اجحاف وظلم ونفي وطمس وووو وقد حانت الفرصة الآن أمامها لترى ولو بصيص من نور !! وهنا السؤال الأهم ؟! لطالما اللغة هي بذي صفة جمعية، وبالتالي من المفترض أن يتمأسس عليها الصفة الشعبية لا المجموعاتية وعليه ؟ أما اهتم الإنكليز مثلا في تدريسهم للغتهم الإنكليزية على التراث الأدبي والشعري والمسرحي وما شابه ؟! .. قد يقول قائل : ولكنها للصفوف الثلاث الأولى ؟! .. نعم وهذا لا ينفي مطلقا المأسسة من خلالها لتاريخ او شخصيات عابرة للمجموعات والأحزاب وبالتالي شعراء او كتاب متمرسون كانوا وأناس أفنوا حياتهم في خدمة اللغة الكردية ؟! .. أوليس من العار أن لا يحظى / مثلا / مير جلادت بك بدرخان ولو بتعريف بسيط، مع أنه واضع الألفباء اللاتينية للغة الكردية ؟! … هذا غيض من فيض واستهلالية الأدلجة لابل واولويتها المطلقة على اللغة كتأسيس قوموي صرف بعيدة وعابرة للأحزاب والمجموعات، أن الفكفكة ليست عملية سهلة كما آطار سيارة او كوابل دراجة هوائية وتجربة البريسترويكا وإعادة البناء تجربة ناصعة مع معرفتنا بحجم وثقل دولة عظمى حينذاك، وبعيدا عن التنظير : رغم الأجواء الإيجابية والرسائل المتبادلة عبر الإتصالات او حتى في اللقاءات المباشرة، وإظهار البعد الإستراتيجي لوحدة القرار الذي أتمناه جادا ألا تكون بروباغندا من ناحية، او تقسيم للإرث المزعوم او ما تبقى منه، ولا جرجرة للآخرين وإشراكها بالذي جرى لا بالقادم من مهام .. ما يثير القلق : هو ظاهرة نشر مقاطع فيديو تنسب إلى قادة قنديل والناطقين باسمهم في بقاعنا، وحجم الفوقية والاستهتار الممارس بحق الشعب الكردي في سوريا وتضحياته الجسام وتركيزهم – كمثال – على ملحمة كوباني، والثاني : التلخيص المعظم من قبل المركز الإعلامي لقسد – وايضا كمثال – بالتجاهل التام لكل النقاط الكردية – الكردية التي ذكرها السيد مظلوم عبدي بذاته .. وهنا سأستذكر حدثا موثقا تاريخيا والمنقول على لسان بعض المحيطين بالرئيس عبدالناصر بأنه حاول بشتى الوسائل إيصال رسالة إلى الشعب الكردي بإخراج القضية الكردية من – الوطن العربي – أي من سوريا والعراق، مع وعد منه بتقديم كل سبل الدعم بتفعيلها في كردستان تركيا وايران، ومهد لذلك باستقباله للقائد التاريخي للشعب الكردي مصطفى البرازاني  ومنح بث باللغة الكردية من إذاعة القاهرة، وعلى هديه، لابل وبتوجيه غير مباشر منه اوعز لمحامين مصريين بالدفاع عن قيادة وكوادر البارتي في الإقليم السوري، ومن ثم حذف بند الإعدام إلى فترات متفاوتة من الاعتقال مع نفي جبري للبعض، لابل ان عبد الحميد السراج الضابط الأمني المشهور، تدخل عند شخصيات كردية ووعدهم بتقديم كل الإمكانات الممكنة بشرط الإقرار بخرائط سوريا والعراق، وبرزت هذه الأمور بوضوح أكثر في كتاب الضابط الامني منذر موصللي وغيره ورغم كل الضغوط والتصرفات وحروب الإبادة، لم يستكن النضال القومي الكردي إلا في أواسط الثمانينيات وأخذت تتبلور كل تلك المطالبات وتظهر للعلن، وللأسف من أطر كردية غير سورية، هذه التصورات التي ينتقي منها الشوفينيون تلك الجمل في نفي وجودي للقضية، والتي تتجه وبمنهجية نحو التصفية . والسؤال هنا : هل التخبصات التي جرت – تجري هي ممنهجة ومستمرة منذ ذلك الوقت ؟ ام أنها ورغم كل هذه الكوارث مجرد البداية في هذا المشروع ولكنها مشفوعة ومترابطة مع مشروع سد أليسكو الذي سيوازي في مفعوله ضعف مخطط سد الفرات والغمر والتعريب ؟ هذا المخطط الذي مضى وتأسس وبدت قوات قنديل لها اشبه بملائكة السلام والحماية، نعم ! أن سياسة خفض التصعيد ومعها خفض القوة لم تمارس الآن فقط، بقدر ماهي بدت وببساطة شديدة سياسة واضحة ومبرمجة، ومعالمها فاقعة أيضا، وبكل أسف جميعهم يدرك ومثلما يقال في العامية ( القطيع بمجاميعه يذهبون إلى المسلخ مشيا على أقدامهم ) .. والمصيبة أن الغالبية كان تدرك بأنهم سيصلون ذات ساعة من ذات يوم إلى حائط مسدود، ولكن ! نشوة الرشاش والهامر والصواريخ وووو !  .. : كانت الصراحة متجلية وبمطلقيتها التي بانت في تحالفات المنظومة عبر حزب الإتحاد الديمقراطي، فيتكرم علينا السيد صالح مسلم ويقول : أن تحالفنا مع دول التحالف هو لمحاربة داعش والقضايا الاخرى بعدها ! متجاهلا جملة من العبثيات الممارسة، ومعها أكثر من عنوان ومفصل أيضا تدميري بحق الشعب الكردي وقضيته، وما مورس خلال هذه السنوات في مناطقنا من خطف للهيمنة وممارسة سياسية بأجندات واضحة، قادتها طبقة من كادرو تدرجت قوة مفاعيلهم من منتم لكردستان تركيا بدوا كحالة متقمصة كما عناصر النظام القرداحيين … و باختصار : حينما يكون العمق القومي هو مجرد هوس استيلائي، وتفاعلاته تصبح حاجزا او أداة مدمرة للخاصية القومية، ومعها الإفراط في الجدلية بين العلاقة الوطنية في أية جزء، على حساب ذات الخاص القومي، وحينها ببساطة يجب أن نقر لا فقط ان نعلم بأننا أصبحنا لقمة سائغة لأجندات وبكل صدق لا قومية، وعليه سأبقى اتمنى لو تتبعنا أبسط السبل الإحصائية، وعملنا جردة حساب مبسطة لمجمل ما قدمه الشعب الكردي في سوريا على أرض الاجزاء الأخرى وأي جزء استنزف وبمنهجية نضالات وتضحيات شعبنا في سوريا دما ومالا و … اجندة .. وشخصيا سأبقى اتمنى ألا يعتبر الآخرون إن كانوا قد قدموا شيئا ما فلا يتمننوا علينا بها، لأن التعاضد القومي ومشاريعها هي اولى أوراق التوت التي اسقطوها براديغميا .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…