البارزاني في المعادلة العراقية

عزالدين ملا

كنا صغاراً وفي جلسات الكبار ومنهم والدي يقولون دخيل الـ لفّة الحمرا الذي يلبسه البارزاني على رأسه، هذا الحب وهذه اللهفة وهذا العشق لم يأتِ صدفة بل كانت ومازالت لشجاعة ووفاء وتضحية البارزاني لشعبه ونضاله الدؤوب في سبيل تحقيق الحق الكوردي في الحرية والإستقلال. أما اللفّة الموجودة على الرأس ليست هي ما يميز البارزاني، بل الوفاء والإخلاص والتضحية والمحبة والإيثار صفات صاحب اللفة, الذي يميزه ويحرج الآخرين لـ تنكيس رؤوسهم تقديراً لشهامته ولعدم إفراطه بحقوق شعبه.
شخصية الرئيس مسعود البارزاني وأخلاقه ومصداقيته جلب الثقة والاحترام والتقدير من جميع الدول الأوروبية والأميركية وحتى الدول الإقليمية وأيضاً في الداخل العراقي، والإنتخابات العراقية التي جرت في 10 تشرين الأول يؤكد ذلك، من خلال العدد الكبير من المقاعد الذي حصده حزبه الديمقراطي الكوردستاني وبجدارة دون كتلة أو مساندة بل على العكس حصل حزب الديمقراطي الكوردستاني على هذه المقاعد في خضم الهالة الإعلامية الضخمة المعادية من قبل أعداء الكورد وأدواتهم وميليشياتهم، صرفوا ملايين الدولارات وآلاف المرتزقة لكسر شوكة البارزاني, لكنهم إنكسروا في غيظهم. يلاحظ كلما ازدادت الهجمة ازداد البارزاني قوة وتوسعاً بين الكورد والأوساط العراقية وحتى الإقليمية والدولية.
طبعاً هذه القوة والتوسع نتيجة التفاف الشعب الكوردي حول نهج البارزاني وحامل هذا النهج الزعيم مسعود البارزاني، هو الذي إذا وعد شعبه أوفى، حتى لو جلب ذاك الوعد نتائج خطيرة عند وفائه، كما حصل إبان تمسكه بإجراء الإستفتاء في 25 أيلول عام 2017، وعدم تنازله عن هذا الوعد رغم رفض معظم الدول هذا القرار ومطالبته بالرجوع عنه، ولكن البارزاني تحمل تلك الضغوطات والتهديدات في سبيل وفائه لوعده الذي قطعه مع شعبه.
قوة البارزاني وحزبه البارتي يأتي من دفاعه المستميت عن حقوق شعب كوردستان، وتحمل كافة الضغوطات الداخلية من قبل أبناء جلدته الكورد بائعي الضمير والضغوطات الخارجية من قبل الدول الغاصبة لكوردستان. وعدم التعالي على بقية الأحزاب الكوردية أثناء فوزه بل على العكس بعد الانتهاء من العملية الانتخابية يتوجه إلى اللملمة ويطالب الجميع بالتكاتف وتوحيد الصفوف لتشكيل كتلة كوردية موحدة وذلك لفرض قوة موقف الكورد أثناء المطالبة بحقوق شعب إقليم كوردستان من الحكومة الإتحادية في بغداد. ونصح الزعيم مسعود البارزاني للفائزين من حزبه على العمل بجد ونشاط والمطالبة بحقوق جميع العراقيين وليس الكورد فقط، لأن البارزاني يفكر بمبدأ الإنسانية والتسامح وحب الآخرين. هذا وغير ذلك من أعماله العديدة التي لا تعد ولا تحصى، جعل من البارزاني شخصية فرض نفسه ليس على الكورد فقط بل على جميع القادة العراقيين وأيضاً الشعب العراقي. لذلك الحضور الكوردي في الحكومة العراقية له مصداقية وقوة وتوازن في العملية السياسية، والقادة العراقيين يدركون ذلك، هذا ما يجعلهم دوماً يسارعون إلى إرضاء البارزاني قبيل انتهاء العملية الانتخابية والبدء بتشكيل الحكومة، وبعد أن يصلوا الى مبتغاهم ينسحبون وينقلبون على وعودهم, وتبدأ الهجمات الإعلامية على شخصية البارزاني، رغم قناعتهم بمصداقية وإخلاص البارزاني. أما أخلاق البارزاني وحكمته وتسامحه يمتص كل تلك التفاهات الخارجة من النفوس الحاقدة، هذا ما يميز البارزاني ويفرض حضوره ويجبر الآخرين بالرضوخ وتنكيس رؤوسهم أمام عظمة وإنسانية الرئيس مسعود البارزاني.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…