اللجنة الدستورية وغياب التوافقات السياسية والقانونية الاقليمية والدولية

شادي حاجي  
مع انطلاق اجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية المصغرة في يوم الأثنين 18 اكتوبر في جنيف، وبالرغم من اعلان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون عن التوصل إلى اتفاق في شأن منهجية عمل اللجنة مع رئيسي وفدي المعارضة والنظام بالاستناد إلى ثلاث ركائز أساسية تتمحور حول احترام الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية وتقديم نصوص المبادئ الدستورية الرئيسية قبل الاجتماعات أرى أنه وكما يبدوا أن مهمة اللجنة قائمة على فراغ نتيجة غياب التفاهمات والتوافقات السياسية والقانونية الحقيقية بين القوى الفاعلة الاقليمية والدولية في الأزمة السورية نظراً لغياب توفر الارادة الدولية والاقليمية الجدية لإنجاز الحل السياسي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 لأن التوافق الذي تم الإشارة إليه هو شكلي ولفظي غير مقترن بأي  إنفراج أو إنجاز عملي أو فعل سياسي في أي جانب من جوانب الأزمة السورية ( معارضة ونظام ) على الأرض وبالتالي لم يخرج عن مجال التصريحات الدبلوماسية فوق أن كونها لجنة لاتمثل مكونات الشعب بشكل دقيق وعادل وفق حجم وقوة ودور وحقوق كل مكون وخاصة المكون الكردي.
ومن ناحية اخرى ونتيجة للدور الروسي القوي في سوريا والدور الأوربي الضعيف والتردد الأمريكي وغياب الموقف الحاسم يبدوا أن الأمور تتجه نحو شرعنة وتأهيل النظام القائم والحيلولة دون إحداث تغييرات سياسية جذرية في البلاد لذلك قد تنحصر مهمة اللجنة الدستورية في تعديل الدستور الحالي على الأغلب وليس وضع دستور جديد شامل للبلاد لذلك ترى تهميش متعمد ومدروس لممثلي المجتمع المدني من لعب دورها في اللجنة الدستورية حتى أن مبعوث الأمم المتحدة السيد غير بيدرسون اجتمع ويجتمع مع رئيسي وفدي المعارضة والنظام ويطلب منهما أن يقدم كل منهما اقتراحه لما يود مناقشته في هذه الجولة ولايعير أي اهتمام جدي يذكر لوفد المجتمع المدني في اللجنة الدستورية .
أما بالنسبة للقضية الكردية وطموحات وتطلعات الشعب الكردي في سوريا فأعتقد أنه لايمكن تحقيقها من خلال ممثلي المجلس الوطني الكردي في اللجنة الدستورية سواء كانوا سياسيين أو قانونيين مع احترامنا لهم كأشخاص مناضلين ومدافعين عن القضية الكردية وهم محل احترامنا وتقديرنا مهما بلغت مستوى مؤهلاتهم ومهاراتهم وأي كان هؤلاء إلا من خلال العمل على تفعيل الوثائق الموقعة مع المعارضة وثيقة الائتلاف 2013 ووثيقة مؤتمر رياض 2 لعام2017  بشكل حقيقي وجدي وجعل ماجاء فيه من بنود من مسؤوليات ممثلي الائتلاف وهيئة التفاوض ومطالبها الأساسية لإدراجها في مذكراتها والأوراق التي تقدمها أو تطرحها على اللجنة الدستورية أو في المحافل والمؤتمرات التي تحضرها  لا أن تبقى ماتم التوافق عليه في تلك الوثائق من مسؤولية ممثلي المجلس الوطني الكردي وحدهم دون دعم وتأييد وموافقة ممثلي هيئة التفاوض في اللجنة الدستورية وغيرها في المحافل الدولية وإلا مافائدة تلك الوثائق  اذا بقيت في الأدراج منسية دون أن تترجم الى بنود في تلك المذكرات والأوراق التي تقدم وتناقش وأن تكون تلك الوثائق بمثابة الضمانات للمجلس تجاه ماهية وشكل وخيارات ورؤى وتصورات حل القضية الكردية التي أرى أنه من الصعوبة جداً تحقيقها إلا وفق التفاهمات والتوافقات السياسية الجارية والتي جرت وستجري بين الأطراف السياسية المشاركة  باللجنة الدستورية ومرجعيات تلك الأطراف الاقليمية والدولية خارج اللجنة الدستورية  من وراء الكواليس وتحت الطاولات والغرف المغلقة وتترك مسألة الجانب التقني لكتابة تلك المضامين التي سيتم التوافق عليها باللغة القانونية اللازمة من قبل ممثليها القانونيين  .
هنا لابد من أن نطرح هذا السؤال المهم :
هل المجلس الوطني الكردي وممثليه الذين يشاركون في اللجنة الدستورية وأخص بالذكر السياسيين منهم توصلوا الى مثل هذه التوافقات خارج اللجنة الدستورية مع شركائهم في الائتلاف وهيئة التفاوض أولاً ومع الدول الفاعلة في الأزمة السورية ثانياً   ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…