اكرم حسين
في بوست له يشيد د. عبد الحكيم بشار بتجربة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وفوزه في الانتخابات النيابية في شنكال بدلا من مرشحي ب ك ك رغم العراقيل .
لاشك بان لفوز الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات النيابية الاخيرة دلالات كبيرة تستوجب التوقف عندها والاستفادة منها ..! لكن المقارنة مع كردستان سوريا فيه تجني على المجلس الوطني الكردي الذي لايملك من الموارد ما يساعده على تغيير الوقائع المدعومة امريكياً بحيث يتعذر على دولة كتركيا وعضوة في حلف الناتو تبديلها او نسفها ..!
فالراديكالية هنا لا تفيد لان السعي لاستعادة زمام المبادرة والقدرة على ترجيح الكفة يحتاج الى تحالفات واسعة ومعارضات صلبة، وبدرجة كبيرة ملاقاة توقعات الشارع الكردي بالحرية والحقوق الفردية والقومية وفي النهاية برضى امريكي ! …يرجح السيد عبد الحكيم تكرار نفس السيناريو فيقول :
((ومن المرجح جداً أن يتكرر نفس السيناريو في المناطق الكردية في سورية، وذلك إذا ما نجح المجلس الوطني الكردي ENKS في التفاعل الإيجابي مع حاضنته الشعبية، وأوضح للناس ماهية حزب العمال الكردستاني ودوره المعادي للقضية الكردية. )).
يستنطق النص القول : لم يتمكن المجلس الوطني الكردي – حتى الان- في التفاعل “الايجابي” مع حاضنته الشعبية ، ولذلك لم ينجح كما نجح الديمقراطي الكوردستاني في شنكال ..! اذاً سبب عدم نجاح المجلس يكمن في عدم ” التفاعل” وليس في الشروط الموضوعية والدولية التي فرضت شكلاً من اشكال سيطرة القوى العسكرية وتعقيدات تحالفاتها الداخلية والاقليمية ..! دون ان يوضح لنا كيف يمكن ان يتم هذا “التفاعل الايجابي “..؟ ما هي الاسس التي يمكن ان يقوم عليها ؟ ما المقصود بالحاضنة الشعبية ً ؟ وهل هناك مساحة متوفرة من حرية التعبير والعمل كوسط يتم عبره هذا “التفاعل “…الخ ؟ النتيجة هي ان المجلس الوطني الكردي قد فشل حتى الان في التفاعل “الايجابي” مع حاضنته الشعبية ؟ وبسبب التفاعل “السلبي” الذي مارسه مع تلك الحاضنة ، فشل المجلس بسبب ” غياب” هذا التفاعل “..!.
يعرف القاصي والداني بان المجلس لم يألوا جهداً في تعرية سياسات وتدخلات ب ك ك في شؤون كرد سوريا، وهذا ليس بخاف على كل ذي بصيرة، لا بل طالب مرارا وتكرارا ب”ادارة ” المنطقة من قبل الكرد السوريين …. ويتابع – حكيم – ليتأسف ويؤكد على ان هناك احزابا في المجلس ترى في ان ب ك ك قد قدم خدمات جليلة لكرد سوريا : (( ولكن مع الأسف فحتى اللحظة ثمة أحزاب في المجلس الوطني الكردي ترى في حزب العمال الكردستاني بأنه: ((حزب كردستاني مناضل قدّم آلاف الشهداء خدمةً للقضية الكردية وأنه قدّم خدمات جليلة لكرد سوريا ؟؟؟!!!))
هنا ..تظهر غايات النص امام انكشافه – رغم كل محاولات التورية والاخفاء والهندسة – في توجيه الاتهام “لبعض ” احزاب المجلس الوطني الكردي التي ترى في ب ك ك حزباً كردستانياً ……الخ دون ذكر اسمائها- كي يبقي سيف الاتهام مشرعاً في وجه كل من لا يعلن الحرب على ب ك ك …!
لكن الاساس في كل ذلك هو رفض المفاوضات الكردية بين المجلس الوطني الكردي واحزاب الوحدة الوطنية – والمتوقفة – لأسباب ليس هنا مجال ذكرها ، فـ ب ك ك هو حزب “معادي” للقضية الكردية، وهو ما يمنع حدوث اية تفاهمات او اتفاقات مؤقتة او دائمة تحت اية مبررات كانت ، وهذا يتطلب تفعيل مسار المواجهة كخيار استراتيجي للمجلس الوطني الكردي واسقاط ب ك ك – لأنه حزب معادي-
ان ادراك ماهية الاحداث والمسار العام لها والبحث عن الاستراتيجيات من خلالها امر مهم واساسي ، كي لا يبني المرء اوهاماً على الرغبات التي لن يقبلها الواقع اطلاقاً ، لأنه رهان خاطئ – وهو ما لا يريد ان يسمعه السيد عبد الحكيم بشار – وقد يكون هناك اخرون- لكنه يجب ان يسمع ويقال – في كل الاحوال – فقد كنا نقول في بداية الثورة- واعتقد كان معنا في ذلك – بان النظام سيسقط ، وسيسقط معه ب ي د لكن الواقع الميداني الذي مر بمراحل عدة اجهض هذا الخيار ، ومكّن هذه الاطراف من البقاء والاستمرار بحيث لم يعد سقوطهما الان بالأمر السهل ، وبالتالي فالتفاعل “الايجابي” الذي يقترحه “السيد” لا يكفي ، لان الواقع تحكمه موازين القوى بمعناها الشامل ، وبالتالي نحن بحاجة الى خطط وسيناريوهات بديلة لتعديل او تغيير هذه الموازيين كي ننتقل من مرحلة الى اخرى . فما يُطْرح ” اقرب الى سلوكيات دراويش التكايا في مواجهة تلاميذ ميكافيللي ” على حد تعبير د. حازم نهار.
ان ما يخطئ فيه صديقنا الموقر هو التقدير الغير صائب لقوة ب ك ك وخبرته الطويلة في العمل العسكري وقوة داعميه الاقليميين والدوليين وسياساته التي تعتمد على النفس الطويل في كل الازمات والحروب التي خاضها .
ان نقطة الانطلاق في تقييم المجلس ، لا يكمن في عدم “التفاعل” المشار اليه ، بل في عدم الاقتناع بان الحقل الرئيسي الذي يجب الاهتمام به هو الحقل السياسي النقدي وبناء مؤسسات وطنية تضمن المشاركة الديمقراطية في القرار . فعلى الرغم من كل التضحيات والخسائر التي قدمها المجلس – وهي كبيرة – في سبيل تغيير هذا الواقع فان ” ادارة” ب ي د هي السيناريو السيء المقبول من بين كل السيناريوهات السيئة الاخرى ، التي ساهمت المعارضة السورية في بلورة الكثير منها ، ولا يمكن دحض هذا السيناريو عبر اليات الانكار.
اتهام احزاب المجلس الوطني الكردي ، والغمز من صدقيتها بشكل غير مباشر سواء عن حسن نية او سوئها قول ينطوي على كيدية وانقسام غير مرئي ضمن دائرة القرار السياسي، ومحاولة لإطلاقه الى العلن بقولٍ شديدِ الوضوح والتبسيط ، وباليات ميكانيكية ، من دون ملاحظة الاثر الذي قد يستتبعه هذا القول ، وموجبات مواجهته ، لأنه قولٌ صادم لكل الاحزاب التي اختارت طريق المشروع القومي بقيادة الزعيم الكردي مسعود بارزاني ، وتصدت لكل انواع الخطر.
من حق السيد عبد الحكيم بشار ان ينظر بريبة الى من لا يواليه ، لكن من حق الاخرين ايضاً ان ينظروا اليه كما يشاءون . فالناس لم يعودوا ديكوراً او تكملة عدد ، ولن ينجح مشروع التغيير في كردستان سوريا طالما بقيت هذه الاتهامات ، وهذه النظرة الى الاخر، وسيتحول كل شيء الى اطلال …!
لكل فرد او حزب ان يعلن معارضته لـ ب ك ك وان يسعى الى انهائه . لكن ليس من الجائز ان يُتَّهمْ كل من لا يواظب على شتم ب ك ك او أي طرف اخر، قبل كل وجبة وبعدها ، بالعمالة والتخوين ..!