الكورد في غربي كوردستان.. والربع الأخير من العام الحالي.. تساؤلات واستحقاقات المصير

عزالدين ملا 
دخلنا الربع الأخير من العام 2021، ولم يدخل الأمل والطمأنينة إلى القلوب، بل على العكس زادت معاناة الشعب السوري عامة والكوردي خاصة رغم انخفاض العمليات العسكرية إلى ما دون 10% عن الأعوام السابقة، بالمقابل تراجع وتدهور الوضع المعيشي والإقتصادي بشكل خطير عن سابقها.
– إزدياد هجرة الكورد خلال هذا العام إلى خارج وطنهم.
– حالات الفقر والجوع بين المواطنين.
– الأعباء المالية مع تراجع قيمة الليرة السورية.
– الوضع التعليمي في أسوأ حالاته في المناطق الكوردية.
– عدم الوضوح في التعامل الأمريكي والسياسة الأمريكية في سوريا، وبالنسبة للحوار الكوردي الكوردي.
– عودة حرق المكاتب والاختطافات.
1-ما تحليلك لما يجري الآن على الساحة السورية عامة وفي المناطق الكوردية خاصة؟
2-أهالي عفرين يدفعون مبالغ طائلة للعودة إلى منطقة عفرين، أما في المناطق الأخرى يدفعون نفس المبلغ للهجرة ومغادرة الوطن؟
3-كيف تعلل زيادة الأعباء المالية والمعيشية للمواطنين؟
4-أين تتجه الحوار الكورد؟ ولماذا؟
5-الوضع التعليمي في تدهور مستمر؟ تحليلك ورأيك؟
الواقع المتأزم في البلاد يرخي بظلاله على أوجه حياة السكان
تحدث الأمين العام لحركة الإصلاح الكوردي وعضو هيئة رئاسة المجلس الوطني الكوردي- فيصل يوسف، بالقول: «تدولت القضية السورية بحيث ان معظم القوى السورية سواء من جهة النظام أو المعارضة لم يعد لها تأثير يذكر في مجرى الحدث السوري، حيث يستقوي النظام بدول اقليمية وروسيا للمحافظة على بقائه، ويستخدم العنف في مواجهة من تبقى من الفصائل المسلحة بغية استرداد سلطته على كامل الجغرافية السورية.
والمعارضة بدورها باتت اسيرة خلافاتها وتجاذبات الدول التي تحتضنها وهي تنطلق في خطاباتها وعلاقاتها وفقا لذلك دون ان تتمكن حتى الآن من إجراء مراجعة لعملها تكون مدخلا لممارسة سياسية تضع في أولوياتها سوريا أولا عبر النضال السياسي السلمي، وطرح برنامج يلتف حوله مختلف مكونات الشعب السوري. 
وعلى الصعيد الدولي فإن القرارات المتخذة حتى الآن حول السياسي في البلاد لم تنفذ، وتنتظر توافقات الدول المتدخّلة بالشأن السوري، وفي كل ما يجري فإن الشعب السوري يكبر معاناته يوماً بعد آخر، وهذا ما يستوجب على قوى المعارضة بذل المزيد للمرحلة القادمة، وأن  تأخذ في الإعتبار  تجربتها السابقة وتتعظ منها على أكثر من صعيد وتدفع بإتجاه تطبيق القرارات الدولية من منطلقات مصلحة البلاد العليا.
وعلى الصعيد الكردي فإن وحدة الموقف الكردي تعدُّ عاملاً رئيسياً في الشراكة مع باقي السوريين، والعمل معا لصياغة سورية دولة ديمقراطية تعبر عن مصالح كل أبنائها، وتعترف بحقوق الشعب الكردي والقوميات الأخرى، لكن وعلى الرغم من رعاية الجانب الأمريكي للمفاوضات التي جرت العام المنصرم مع حزب pyd  وتالياً أحزاب pynk لحل الخلافات القائمة لكنه لم يتم التوصل لإتفاقية على أرضية اتفاقية دهوك بسبب قضايا خلافية يقع على عاتق الطرف الآخر حلها، وافساح المجال لشراكة حقيقية تفضي لخدمة أبناء المنطقة، وتعمل بناء على مواقف وقرارات المرجعية الكردية المنشودة التي ستمثل الشعب الكردي في سوريا حيثما تقتضي الحاجة لذلك. 
عموماً المجلس الوطني الكردي يلتزم باستمرار المفاوضات برعاية أمريكية والتزامها بوثيقة الضمانات بمنع الإنتهاكات بحق المجلس وضمان تنفيذ أي اتفاق يوقع مستقبلا».      
يتابع يوسف: «مع الاسف إن الواقع المتأزم في البلاد يرخي بظلاله على أوجه حياة السكان حيث ترتفع الاسعار وتتدنى مستوى الخدمات الصحية وغيرها، والشعب الكردي يتعرّض بدوره لذلك، علاوة لما يلاقيه في عفرين وسري كانييه من انتهاكات فظيعة، وما يحدث فيها من تغيير ديمغرافي كل ذلك جعل من مشروع الهجرة للخارج طاغيا على أذهان الناس للهروب من المعاناة، وما يتعرضون له من اجحاف وغبن دون رادع من القوى الدولية التي تتصرف بوحي من مصالحها، وبدورنا نطالب أمريكا وروسيا العمل بإتفاقاتهم مع تركيا وإلزامها بالمحافظة على سلامة وأمن المواطنين في مناطق السيطرة التركية والمجموعات السورية  المسلحة التابعة لها، وضمان العودة الآمنة للاجئين والنازحين». 
يضيف يوسف: «اقتصاد البلاد يتدهور يوميًا، والعملة السورية تنهار أمام العملات الأجنبية بسبب الوضع المتأزم واصرار النظام على الحل الأمني، وهذا يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين حيث أصبح نسبة ٨٠% تحت خط الفقر وفق تقارير المنظمات الدولية هذا بشكل عام، وفي مناطقنا أيضا حيث كان حرياً بإدارة (pyd ) أن تشارك مختلف مكونات المنطقة في الإدارة ورفع العقبات أمام وحدة الموقف الكردي الذي يشكل عاملا رئيسيا للاستقرار والدفاع عن حقوق الشعب الكردي والعمل على رفع مستوى معيشته في منطقة تمتلك من الموارد ما يكفي لذلك إلا ان نزعة التحزب والتفرد من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي حال دون تحقيق ذلك ووصل الأمر بالناس وبمختلف شرائحهم وانتماءاتهم إلى حد البحث للهجرة وهذا يثير الخوف من إفراغ المنطقة من سكانها، ما يستدعي الوقوف عندها مليا وعمل ما يلزم من أجل بقاء المواطن وتوفير مستلزماته الحياتية».  
يردف يوسف: « الحوار بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية متوقف منذ عدة اشهر، وننتظر الراعي الأمريكي للإلتزام بوقف الإنتهاكات التي تحدث بحق المجلس من قبل مسلحي الطرف الآخر، وقد أعلمنا الجانب الأمريكي بمواقفتنا على استمرار المفاوضات أن تم العمل بوثيقة الضمانات التي وقعها الجانب الأمريكي وقائد قسد السيد مظلوم عبدي، والتي تؤكد حرية العمل السياسي للمجلس وعدم التعرُّض له من قبل مسلحي  pyd ، وفي هذا السياق فان المجلس يؤكد على ضرورة وحدة الموقف الكردي ويعتبره مسألة استراتيجية». 
يختم يوسف: «طالبنا كمجلس ولا نزال بمنهاج تعليمي معترف به، وذلك من خلال الحوارات التي جرت مع الجانب الأمريكي والسيد مظلوم عبدي على هامش المفاوضات التي جرت مع pynk، وأكدنا بإيجاد  المخارج من خلال التواصل مع المنظمات الدولية المعنية، لكننا لم نتوصل لتوافق مع الأسف وهذه قضية تهم عموم الناس حيث هاجر عدد ليس بقليل بسبب التعليم وقسم يلجأ للدورات والطرق الأخرى من أجل تعليم وتدريس أبنائهم.  
نعتقد بأن ثمة قضايا مرتبطة بإحتياجات ومصالح الناس ولاعلاقة لها بالمصالح الحزبية ما يتطلب إيجاد حل عاجل لها والتعليم في المقدمة».
التحركات الأخيرة التي تحدث ما وراء الكواليس تثير الإهتمام
تحدث الكاتب والسياسي، عبدالحكيم محمد، بالقول: «بعد مرور كل هذه السنوات وفشل كل المساعي في حل المسألة السورية حلا سلميا، وكل التدخُّلات الدولية والإقليمية في المنطقة مازال مصير الشعب السوري مجهولاً، ولكن الأحداث والتحرُّكات الأخيرة التي تحدث ما وراء الكواليس تثير الاهتمام، وربما نستطيع أن نقول أنّ المرحلة السياسية بدأت بالفعل. وقد بانت التحركات للعيان، رغم كل المساعي وكل هذا التدمير والتشتت والتشرذم وتحول الكثير من السوريين (المعارضين) إلى مرتزقة للدولة التركية التي أدعت مساعدة السوريين، إلا أنها كانت جزءاً أساسيا من كل هذه المؤامرة إذا صح التعبير، وهذه الأوضاع المأساوية واحتلالها لجزء كبير من الأراضي السورية عامة والكوردية خاصة، لم ينعم الشعب السوري بأي قسط من الراحة والطمأنينة، ولكن أستطيع أن أقول إن اللقاءات والتصريحات والزيارات الأخيرة لكل من الأمريكان والروس وتركيا تظهر للقاصي والداني أن هناك إتفاقات مضمرة بينهم على حساب الدولة السورية، وهذه الإتفاقات ستنتهي بحل ولو جزئي لسوريا، وسنرى خلال الأشهر القادمة ما تخبئها هذه الإتفاقات أو هذه الدول المتنازعة على الكعكة السورية. وبكل تأكيد شرق الفرات والمناطق الكوردية جزء لا يتجزأ من هذه النزاعات والإتفاقات على حدٍ سواء، وهناك تأويلان فقط للحل أو لنتائج هذه اللقاءات التي تحدث: 1ـ تسليم المنطقة الكوردية جزئياً لروسيا ومن خلالها للنظام السوري. 2ـ دعم الإدارة الموجودة في شرق الفرات وتطويرها وجعلها شبه إقليم فيدرالي من قبل أمريكا».
يتابع محمد: «ما نلاحظه في هذه الأيام الجارية أن تواصل مساعد وزير الخارجية السيد جوي هود والمندوب ديفيد براونشتاين مع كلٍ من المجلس الكوردي وقسد، وأيضاً مع بعض المكوّنات الأخرى في المنطقة يدلُّ على إيجاد حلول للمنطقة، كما أن تأكيد الأمريكان على بقائهم في المنطقة واستمرار الحوار الكوردي الكوردي وإنهائه بالتفاهم والتوصل إلى توحيد الصفوف الكوردية يدل على دعم الأمريكان للمنطقة وتسليمها للكورد عمليا، ومشاركة جميع المكونات في تطوير هذه الإدارة نظريا».
يضيف محمد: «طبعًا الظروف التي يمر بها الشعب الكوردي وسياسة التهجير والاقتصاد المزري وسياسات حزب الإتحاد الديمقراطي ومن خلفهم ب  ك ك جعلوا من الهجرة الهدف الأسمى للشباب والعائلات أيضاً، ونلاحظ هذا بشكل واضح، أما بخصوص عودة أهالي عفرين فهي خطوة جبارة وممتازة، ويجب أن يتم عودتهم لبيوتهم وليحافظوا على ممتلكاتهم المسلوبة من المرتزقة والجندرمة التركية، وما تقول به ب ي د على لسان بعض قياداتها بأنه لا يجوز عودتهم إلى منازلهم فهذا بحد ذاته جريمة بحق القضية الكوردية وأهالي عفرين. ب ي د تريد أن تتاجر بهم في المخيمات المستهلكة والمميتة كالسجون، لذلك لا تريد أن يعودوا إلى عفرين. وثمن العودة أيضا مكلف فالطريق معبد بالحواجز والأتاوات من قبل الطرفين، لهذا يتم دفع مبالغ طائلة من قبل أهالي عفرين ليعودوا إلى بيوتهم».
بخصوص الوضع الاقتصادي للمنطقة يقول محمد : «فهو متدهور ويتجه إلى حالة مأساوية، وكل ذلك بسبب فشل هذه الإدارة في تقييم الوضع. وعدم دراسة الاقتصاد بشكل أكاديمي، وتنفيذ  قرارات بالية وقاتلة تؤدي إلى تجويع الشعب فقط، وهمّ هذه الإدارة جمع المال، ولا أحد يعلم إلى أين يذهب أو كيف يتم تصريفه. والفساد المتفشي في جسد الإدارة دمرت المنطقة، وبات الوضع صعبا جدا، ولم يعد يستطيع المواطن أن يتدبر أموره المادية أو أن يُطعم أولاده، ووضع الرجل الغير المناسب في المكان الغير المناسب، حيث بات يدير المنطقة ثلة من الأميين والغرباء».
يردف محمد: «مرت أكثر من سنة على الحوار الكوردي الكوردي والعيون الكوردية تراقب بشغف، ولكن مع الأسف الشديد لم تصل إلى نهاية سعيدة، بالعكس تصرفات أحزاب ب ي ن ك وبعض قيادات ب ي د مخزية وتتجه إلى إفشال الحوار لا بل إلى تدمير المنطقة. فكل ما يحدث لم نر حزباً من أحزاب( ب ي ن ك) تحرك أو دافع عن الحق أو القضية الكوردية، ورغم ذلك مازال المجلس مصراً لتحقيق هذا الحوار وإصرار أمريكا أيضا بإستمرار الحوار يجعلنا نشعر ببعض التفائل. وبحسب اللقاءات الأخيرة بين المجلس ومساعد وزير الخارجية السيد جوي والسيد برونشتاين وكذلك بينهم وبين قسد تم التأكيد على استمرار الحوار واستئنافه قريبا. وهذا ما سيحصل، لأن المنطقة لن تستقر بدون التفاهم الكوردي الكوردي، وإدارة المنطقة من قبل أهلها وإبعاد الغرباء منها. وأي فشل للحوار سيكون سببه ب ي د والأحزاب التابعة له لأنه كلما إقترب التفاهم قامت ب ي د بدفع مجهوليها للقيام بالتخريب والحرق والتعذيب وووو لمكاتب المجلس الكوردي واختطاف أعضائه وسجنهم في سجون مخفية لا أحد يعلم بمكانهم».
يؤكد محمد: « أن تغيير المنهاج  التربوي التعليمي بهذا الشكل المفاجئ من قبل الإدارة كان خطأ فادحاً. لأن تغيير أي منهاج يتطلب دراسة جدية وأكاديمية وبالتدريج، وتجهيز كادر ملائم وأكاديمي، لهذا الوضع التربوي والتعليمي في المنطقة مقلق جداً، وفي تدهور مستمر، أنا لست ضد التعليم باللغة الكوردية، ولكن بهذا الشكل غير المقبول لا أحد يوافق على التعليم الكوردي، فلو عملت الإدارة بشكل تدريجي وأكاديمي لكانت قد أنهت المنهاج بشكل كامل لغاية هذه السنة، وكان الطلاب سيستفيدون كثيرا ويتعلمون لغتهم وتاريخهم ووو، ولكن إلى الآن ليس هناك كادر تدريسي جيد، ولا يستطيع المعلمين أن يعلموا التلاميذ، أما من الناحية التربوية فهي فاشلة جداً لأنهم اهتموا فقط بالتعليم، ولم يعيروا التربية اهتماماً. والنقطة الحساسة في مسألة التعليم هي منع الإدارة التعليم بمنهاج النظام للشهادات الكفاءة والبكلوريا، فكان الحرى بها لو سمحت للطلاب بدراسة منهاج النظام لأصحاب هذه الشهادات بشكل حر ليستطيعوا الإلتحاق إلى الجامعات السورية، وأقول بكل شفافية أنه رغم كل شيء فقد تطورت لغتنا في هذه السنوات بسبب الحرية في التعليم والكتابة والقراءة باللغة الكوردية».
من يبقى خارج معادلة الحل السياسي يبقى خارج اللعبة
تحدث الناشط السياسي، عبدالوهاب خليل، بالقول: «عشر سنوات مضت ومازال الجرح السوري باقياً كما هو ولم يندمل، بعد كل ما تعرّض له هذا الشعب من قتل ونزوح وإعتقال، وبعد أن أصبح مثالاً  لترعيب شعوب أخرى وفي دول ثانية من قبل سلطاتهم، حيث عملت الدول اللاعبة وبمنهجية منظمة في إيصال الحال إلى ماهو عليه، وبعد أن أصبحت سورية وطناً مقسماً بين عدة سلطات، وبعد أن أصبحنا نملك مجتمع منقلب على نفسه، تحاول الآن هذه المحاور ومن خلال أذرعها في المنطقة في إيجاد الحلول التي تناسب حجم مقاس مصالحها وأجنداتها. حيث لا يخفى على أحد الوضع الإقتصادي والذي يصنف كارثياً في مقياس الإقتصاد، ومدى حجم المعضلة المادية الحقيقية التي يعاني منها الشعب السوري بشكل عام وكوردستان سوريا بشكل خاص. ولتسليط الضوء على واقعنا الكوردي سنشاهد الفارق الكبير الذي قسم المجتمع إلى قسمين، وإنعدام للطبقة المتوسطة وأصحاب الدخل المحدود». 
يتابع خليل: «حيث بات واضحاً وبشكل ظاهري مدى المعاناة وحجمها على المواطن ودخله المادي، وإتساع الهوة بين وارده وبين احتياجاته الشرائية من سلع ومواد أولية وتمونية، وفي ظل السنوات السابقة لمسنا العجز في إدارة الأزمة الإقتصادية، وأيضاً الفشل في خلق السبل لتحسين هذا الواقع من خلال مشاريع استهلاكية لصالح القطاع العام، وإعفاء البضائع التي تعتبر القوت الاساسي من الضرائب والجمركة، ناهيك عن غياب المشاريع الأخرى مثل البيوت الزراعية البلاستيكية والمداجن والمسامك وغيرها، رغم أننا نملك عوامل النجاح لكافة المشاريع من خلال توفر التربة وتوفر المناخ المناسب لذلك. مما أدى إلى تفشي ظاهرة الهجرة وبشكل خاص بين فئة الشباب الذي وجد نفسه أمام خيارات صعبة، لذلك كان الإختيار للطريق الاسهل وهو النزوح والهجرة، وبالتالي اصبحنا أمام حالة مرضية مجتمعية وهي ما تسمى في علم الإجتماع بالعجز المجتمعي، إذا ماعلمنا حجم الخسائر التي تعود على المجتمع إثر تلك الهجرة ناهيك عن حالة التغيير الديموغرافي الناتجة عن ذلك». 
يضيف خليل: «كما أن تهميش طبقة الشباب وعدم فسح المجال أمامهم في الإنخراط في العملية السياسية والمؤسسات المجتمعية يعتبر من أهم الأسباب التي تشجع على الهجرة مع الفشل في خلق الأجواء والأساليب لتوفير فرص العمل التي تناسب تطلعاتهم، لذلك ومن خلال سردنا للواقع المعاشي وللواقع العسكري وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع سنصل ومن خلال هذا الباب إلى ضرورة إيجاد الحلول، وخلق البدائل للحفاظ على ما تبقى، وتصحيح البوصلة ووجهتها، ولا يخفى بأن المصلحة الدولية اصبحت الآن تعمل في إيجاد الحلول لتحافظ على ما قامت بكسبه من خلال أذرعها والمحسوبة عليها على أرض الواقع، فكانت المبادرة الأمريكية وبضوء أخضر فرنسي الداعية إلى الحوار والتقارب بين الأطراف الكوردية رغبة منها في تشكيل التوافق الكوردي، وبالتالي المرجعية القادرة على الإنخراط في الحوار مع باقي الأطر، وتشكيل جسم جديد بصيغة ديمقراطية ووطنية، قادرة على لعب دور المحاور مع النظام القائم في دمشق، بإشراف روسي وما بعد بروكسل ليس كما قبله، ومن خلال متابعتنا للحوار الكوردي ومراحله سنصل دوما إلى نتيجة وهي التأخر في الحركة، ولها أيضاً اسبابها الخارجية، وهنا أقصد الدول نفسها الداعية إلى الحوار ومحاولتها إيجاد التوقيت المناسب مع طموحها وسياستها. وأيضا الاسباب الداخلية والتي تتعلق بالكورد، حيث إنعدام الثقة والحروب الإعلامية، وأساليب المتبعة في الإعتقال، والحرب الخاصة التي يمارسها العدو كانت لها الحجم الأكبر في تأخر النجاح لهذا الحوار، وبالمقابل عدم الإصغاء إلى صوت الشارع وما يريده هذا الشعب، حيث تعتبر نقاط الإختلاف الباقية هي نقاط وبنود تتعلق بالشعب نفسه، من ضرورة تعديل العقد الإجتماعي، وضرورة إيجاد آلية تعليم تحظى بإعتراف رسمي سواء من قبل الدولة السورية أو من المنظمات الدولية المعنية، بالإضافة إلى مسألة التجنيد وضرورة تهيئة الأجواء لعودة الشباب أو الإحتفاظ بمن تبقى لخوض مرحلة الإنتخابات التي تلي التوافق الكوردي، بما أننا أمام مرحلة حساسة ومصيرية للشعب الكوردي كان لابد للحراك الكوردي وبجميع طبقاته التحرك بشكل ديناميكي اسرع، وفهم وإدراك السياسة الدولية، ومحاولة كسب تقاربها مع مصلحة الكورد، والتحركات الأخيرة واللقاءات التي حصلت هي خير مؤشر على ذلك».
 يردف خليل: «عفرين ووضعها الراهن عبر الموازين والإتفاقيات الدولية ونزوح الكورد منها، بعد الصمت الدولي حيال ذلك جعل من عودة العفرينين إلى ديارهم أولوية وضرورة حتمية. في حال تم ذلك بمراقبة واشراف دولي حتى لا تصبح من الماضي، وليبقى الكورد في ديارهم وعلى أرضهم التاريخية رغم ما تعرضت لها هذه الأرض، لذلك إنتفاضة العودة وبضمانات دولية هي مسؤولية الحراك الكوردي، ويتحمل الجميع هذا الواجب الوطني والاخلاقي، كما يتحمل المجتمع الدولي هذا الواجب، وعلينا جميعاً الدفع في هذا الاتجاه، والإسراع في إنجاح الحوار، وخلق الأجواء المناسبة والإبتعاد عن الخلافات الثانوية بغية الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية الكبرى. المرحلة القادمة هي مرحلة الحل السياسي وفقاً للرؤية الدولية وللدول اللاعبة في المنطقة ومن يبقى خارج هذه المعادلة يبقى خارج اللعبة»
الخاتمة:
يتجه الوضع نحو الأسوأ، مما يدفع المواطنين إلى الهروب نحو الأفضل، لكل نتدارك كل ذلك فقط بحاجة إلى إرادة ومسؤولية وتكاتف، هكذا نقي الشعب المزيد من ويلات، لنكن على قدر المسؤولية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…