ديريك وحلم العودة المستدام بعض من وهن الذاكرة

 وليد حاج عبدالقادر / دبي 
خاص لموقع ولاتي مه

إلى الراحل تاج الدين قدري ابو منال 
تيقنت مرارا وانا استعيد شريط الذكريات الى ذلك اليوم الحزيراني من سنة ١٩٧٢ عندما تأملت جدران غرف بيتنا في ديريك وأسطحها، لابل حتى الحيطان المسيجة وتلك الحنفية المنتصبة كشلال وسط الحوش بأنني أودع حيزا صميميا من الذاكرة ولكنها بصورها، لابل وبشتلات النرجس المتيبسة وشجرة التوت كانت تعانق أخرى للإجاص وشريطي الكهرباء بعدادها وتلكما الفاصمتين الكلاسيكيتين وشرارات التماس أحيانا تولعها نارا، تيقنت بأن هذه الذكريات هيهات ان تمحيها عاديات الزمن مهما بلغت من العمر عتيا، ذلك البيت وبالرغم من عديد المرات وذهابي الى ديرك !! إلا أنها كانت لعوامل التوتر وذبذبات القلب و .. ايضا خوفي ان يكون صاحبها الجديد قد عبث بها ليؤشكلها بما تناسبه ..
 امور كثيرة تلخبطت في ذهنيتي وانا اتابع الأخبار عن داريا وبقايا صور لجزيرا بوتا ارسلها لي صديق وصور تحتفظ بها ذاكرتي عن مدينة الإرث والتراث وعبث الجميع بها … جادلت قريبا وانا اتكلم له عن ديرك .. سينما محمدي ميرو، آشي آڤي، خانيين شرابيا، جوكا آشي آڤي، بخجي محميدي شمي، بخجين تري، دارين سبيندارا، ووووو . رد علي ببساطة : يبدو انك لست بديركي ؟! اين نحن من كل هذا ؟! / كهنيا عسكري يي / أصبحت ساحة، وكانيا ميرا ومعها ياژنا بحاجة الى علماء آثار، ومعها / كاني هچيري / و كڤري حارو / وعليك الا تنسى بخجي رزقو نرمو وربعها فقد بلعتهم طوابق العمران !! … صدقوني من يوم أمس بدأت أشعر بهزيان الذاكرة واتمنى ان يكون الزهايمر !! .. أيعقل بأن الصور ستتآكل في ذهنيتنا هكذا وبكاسحات القلع من الجذور ؟! أو كانوا العرب قديما ووقوفهم على الأطلال فيها رقة تلاحم الإنساني ببيئته ؟! .. نعم هم اهل داريا ويقبلون أضرحة القبور وحجارة بيوتاتهم يأسا لربما لن يرونها، وهم !! نعم أولئك البائسين في بوتا وقد عبثوا بقدسية قبر / مرقد مم وژين … وباسم التحديث أفرغوها من عبق العشق وسيرورة حب هلامي ماكان ابدا في الأرض وانما في الأعالي يعانق قبة السماء، وانا !!، نعم وانا وانتم !! لابل وانا كنت غافلا بعدها في ذلك اليوم الحزيراني وتاهت عني ان : الثم حجارتك ديرك قبلة استذكرها في غربة تهنا بها كما تاهت فينا اياماتها …
الله يرحمك سيدايي ملا محمدي خليفة !! كم اشتقت لدروسك وطريقتك في حفظنا لها !! لا عقيدة قومية ولا مادية ظيالكتيكية ولا فكر القائد الخالد ولا فلسفة ثورة او كتاب ابيض احمر اخضر ولا المادية التاريخية رغم عشقي لها ولا فلسفة العم هوشي منه ولا سروك اوجلان .. نعم سيدايي خليفة : ألف سر أ ب سر أ ت سر أ وهكذا دواليك الى أن كنت توصلنا الى / روح و رواني مي حبيب دي سا بتلبيسا رقيب … / فأبيات لأحمدي خاني وسيابوش وكم قصيدة متفرقة وكنت تصر علينا أن نختم موليدا كورمانجي ايضا … وهذا كله يارعاكم الله كانت في أوائل الستينات !! … شخصيا بعشق الفلسفة بس مو فلسفة القادة وإنما على شاكلة كونفوشيوس و خاني ومن قبله الجزيري … مما يقال بأن الجزيري منبوذ من دائرة الرقابة التكنوديمقراطية ؟! عجبا هل هذا الخبر صحيح ؟! واذا كان صحيحا شو هو التهمة ؟! …
  …..
اهل ديريك الطيبين يتذكرون / خالتا قمري / جيدا وأقسم بأنني قبل ما أسمع بالمرحوم / اسماعيلي دين / بس عامودا بصراحة كنت سمعان بها !! ني سه على حد قول دمر / طاشنا / وبالعودة الى قمري رحمة الله عليها فوالله منها سمعت ب / خورسي / و / تتنا خورسي / قبل ما يفعلها الراحل اسماعيلي دين وياخذ بيد رئيس دورية الريجي الذي قدم الى القرية بعناصره يبحث عن / تتنا قاجاغ / ويصعد به التلة وهو يؤكد له بأنه سيدله على / كه لك جال .. كورتك / ولما صعد به التلة قال له .. أترى ذلك الجبل ؟ أجاب رئيس الدورية : نعم … قال له كل هذا ال / تتن / من هناك !! ..و عجبي انا العجاب كل ال / خمسة وعشرين مليون ومقد مساحة العراق ويمكن تكفي لخمسين كانتون وتاركينها كلها وملاحقينا على شنكال وقرقر قوق وبس هل ثلاث كانتونات ؟! .. ده مر طاش آبي والله لو مكمل عشرة في المية كنت بصمتلك !! كملها للعشرة وتعال احكي في وضعنا .. جوخ جوخ / مو انكليزي / تشك كور اده رم آبي
..
سأقتطع اليوم مقاطع من رسالة كنت قد أرسلتها لصديق / ص – ب / يوم الإثنين الواقع في 22-2 -2010 .. / .. لاشيء يسرّ الكاتب أو الناشط، أو أي ممتهن لأيّة مهنة، إلا وتجاوب الخيرين وتفهمهم للجهد الذي يبذله، أو بذله هذا الإنسان لقاء انتاج أو تشكّل هذا الشيء الذي قد يلمسه أو يراه ويقرأه … وحقيقة لا تحسّ بمدلولات مقولة ـ فولتير ـ إلا إذا مارسته عمليّا وفي لحظة تكون أنت فيه السائد … صديقي العزيز .. الغربة قاسية، والأقسى منها أنها قسرية، فيضحى العقل والمخ ـ وعذرا ك ـ ميموري ـ لابل وبكل صدق تتوقف الساعة الحركية والإجتماعية عندك، كما الوضع وحالة السجن .. صدقني ما أن خرجنا من الإعتقال، كثيرا ما كان يتبادر الى ذهننا والإستفسار من بعضهم عن أمر وقد حدث قبل الإعتقال بيوم او يومين، والمصيبة هم قد نسوا وأنت .. أنت وكأن الأمر قد حدث لتوّه .. وكذا الغربة !! .. أتصدّق ؟ !! .. لديّ أربعة أولاد، شابين وابنتين .. الشاب الكبير معي في دبي والباقون في سورية .. والنظام منذ انتفاضة قامشلو الباسلة وضعوني ثانية في  ـ البلاك ليست ـ يصطفلوا .. تزوجت ابنتي فذهب أخوها الى سورية .. جلب مجموعة من الصور وبكل صدق .. عرفته هو وابنتي العروس من لباسها وسألته من هي الأخرى وهذا الشاب .. أجابني : بابا ؟ !! ألا تعرف أولادك ؟!! ويا ترى !!! المسؤولية .. دينيا وأخلاقيا وتاريخيا !! من يتحملها ؟ ! 
…..
لتاجدين أبومنال وفي ذكرى رحيلك آهات تفرز آهات وهي الذكريات المثقلة أبدا بك ياالمدينة ! عاشقة كنت وأضحيت معشوقة .. ديريك ياالهادئة أنت كنت ورحابك بدروبها وفسحها، بيوتاتها كبسمات كوليلكي نيشاني التي كانت تأبى ألا أن تينع عندها – ميدانا نيشاني – حقل الرمي وشجيرات داوودي متو تتحدى بعنفوان أزيز جميع أشكال رصاصاتها .. 
تاجدين : 
حكايتك وديريك كما صباح دبي هذا اليوم ..  قطرات هذا المطر الصباحي في غربتي تحفز في دواخلي عنفوانها لتلك المزنات المؤرقة لنا كانت حينا والمبهجة أحيانا أكثر .. أجل تاجدين :
 هي ذاتها ديريك بأزقتها كانت، وفسحاتها وتلك ال – قشلة – المطلة على تلك الرابية – ومن حولها تلك الأسلاك الشائكة كانت و .. ذلك الملعب كان يابن عمتي وما خلت شقاوتها وضجيج كلامنا مع تلك الأقدام عارية كانت احيانا و .. بعض من روحية اجتهاد او براعة كنا نخالها .. صورة اختزنتها ذاكرتي لأكثر من خمسين سنة ولا ازال اتلمح منظر الدم وبأنفتك تغالب المك .. اجل وانفتك يابن عمتي رفيقي أصبحت، لا لا رفيقك أصبحت أنا و .. هي تلك البساطة كانت والبسمة انى كانت الظروف دمغة ثابتة انطبعت كجزء متمم لمحياك ..
تاجدين : 
هل تدري يا صديقي .. رفيقي .. يابن عمتي ! لما الذكريات تفرض سطوتها وفي أحايين كثيرة تخالها وزرا يثقل كاهلك ؟ . .. هي الغربة صديقي وكتلك المخطوطات المحفورة على صخور صلبة تتشبث بقاع الذاكرة لا يلزمها مطلقا سوى همسة، او زهرة، لابل هي قطرات المطر هذه التي وبسرعة الرعد تعيدني الى أياماتها ديريك ورؤوس الأعشاب لم تزل طرية وان نثرت اخضرارها كجزر ممزوجة بلون تربتها ..
نعم تاجدين :
هي مرثيتك تنتج ذاتها وأبت إلا ان تترافق وهذا الانين الداخلي – أقر – بان وطأة اثقالها بدفق حنينيتها والتوق لزيارة قبوركم والتنفس عميقا عساها بعض من بقايا انفاسكم وعبق الزهور التي تطفح من حولكم، اجل، صديقي ورفيقي هو انين الجسد وبقايا تلكم الذكريات تأبى السكون وتتمنى ان تصبح مثل ذات الكرة كانت فتتدحرج وتتدحرج الى حيث هي ديريك عشقي ومرثيتي .. مرثيتي وعشقي .. طوبى لسكناك ياالمقابر المحوطة لك مدينتي الجميلة .. طوبى للصليب وقد تشابك في مرثية الموت الهلال فنترحم مستذكرين الموتى وبكل لغاتنا ولهجاتنا .. 
تاجدين : 
سيبقى جرح رحيلك ألما يتدفق حنينا أدرك بأنني لن أنساها والغليل سيبقى أملا للحظة أقف على شاهدة قبرك وصديقك .. ابن خالك اخي هشيار .. لك الرحمة .. لكم الرحمة أبا منال ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…