التصعيد التركي والرد الكردي

  بقلم : خالد كمال أحمد

مرة أخرى ومنذ عدة أيام انطلقت الجوقة الحاكمة التركية من مدنية وعسكرية (الحاكمة الفعلية) في تهديداتها بشن هجوم واسع على إقليم كردستان العراق بحجة تدمير معاقل حزب العمال الكردستاني PKK   وبالتحديد بعد الهجوم المنسوب إلى الأخيرة والذي وقع في ولاية شرناخ الواقعة في كردستان تركيا والذي أسفر عن مقتل أكثر من عشر جنود أتراك ، وبعد قيام النظام التركي بحشد الآلاف من جنوده بعتادهم الخفيف والثقيل على حدود كردستان العراق وبدؤه القصف المدفعي للقرى الحدودية في الإقليم الكردي وذلك حتى قبل موافقة البرلمان التركي وإعطاء الحكومة تفويضاً لمدة عام يسمح بشن أي هجوم عسكري حين الضرورة

، لتؤكد الطغمة العسكرية بأنها هي الحاكمة الفعلية في تركيا وإن حكومة اردوغان وقبلها من الحكومات ما هي إلا أدوات بزي مدني لتنفيذ سياسة جنرالات الجيش التركي المشبعين بعقلية عنصرية تركية طورانية مبنية على طمس معالم أي قومية غير تركية وهذه الطغمة ترتكز على هذه المفاهيم العنصرية الفاشية لتقديس العسكرتاريا في الأوساط القومية التركية لتبني سلتطها المستحكمة تماماً بتركيا في انغماس كلي في الفساد والنهب المنظم لمقدرات الدولة التركية بعيداً عن المحاسبة والمساءلة وهي لتستمر في هذه السيطرة وهذه الامتيازات لابد لها من دفع الأمور دائماً باتجاه التفجير والتصعيد بعيداً عن الحلول والوقوف أمام أسباب النزاع والتوتر الدائم ألا وهو عدم الاعتراف بهوية وحقوق الشعب الكردي في كردستان الشمالية والملحق بدون إرادته بالدولة التركية الحالية.
إن الذريعة التي يتخفى وراءها الجيش التركي للدخول إلى كردستان العراق وهي محاربة الـ PKK وتدمير معاقله هناك ، هذه الذريعة لم تعد تنطلي على أحد فكل المتابعين لمجريات الأمور في المنطقة يدركون إن المشكلة الكردية في كردستان الشمالية لن تحل عن طريق الحلول العسكرية وإن هذه القضية الواضحة المعالم لا يمكن طمسها وستبقى قضية ملتهبة دائماً تبقي المنطقة في صراع دائم لن ينتهي إلا بعد أن ينال الشعب الكردي في جميع أجزاء وطنه المقسم قسراً كافة حقوقه المشروعة ، ولقد أثبتت العشرات بل المئات من السنين ودون أي شك  إن الشعب الكردي شعب حي رغم كل المؤامرات والاجتياحات والغزوات وحملات التطهير العرقي وإن المنطقة لن تنعم أبداً بالاستقرار ما لم تحل هذه القضية بشكل عادل ومنصف.
إننا كأبناء الأمة الكردية ندرك تماماً – إن الهدف الحقيقي وراء هذه التهديدات والتمهيد النفسي والعسكري للهجوم الكامل على كردستان العراق من خلال قصفٍ للقرى الكردستانية الآمنة التي يدرك الجيش التركي قبل غيره خلوها من عناصر ومعاقل حزب العمال الكردستاني –  هو تدمير التجربة الكردستانية المتقدمة في كردستان العراق وبرأيهم القضاء تماماً على أي حلم أو أمل كردي لإقامة دولة كردستانية مستقلة والتي ستدفع الشعب الكردي في كردستان الشمالية والملحق قسراً بالدولة التركية الحالية – إلى متابعة ما قام به اخوتهم في الجزء الجنوبي وبالتالي تنتفي الحجة الدائمة والواجبة لسيطرة العسكر على الدولة التركية.
إن الرد الكردستاني على إي محاولة لتنفيذ التهديدات التركية سيكون حاسماً وسيأخذ أشكالاً متنوعة فهناك الرد العسكري القوي من بيشمركة كردستان الذي سيكون موجعاً جداً ولن يتوقف عند أي حدود ، هذا الرد الذي سيحول ارض كردستان كما فعلها أبطال الكورد في السابق إلى مقبرة للغزاة ، وما دام النظام التركي لم يكمل بعد ما هدد به فإن القيادة الكردستانية الحكيمة لم تغلق الأبواب أمام الحلول الدبلوماسية المبنية على فتح قنوات حوار لحل المشكلة سلمياً وبعيداً عن لغة التهديد والوعيد وهذه القيادة لم تبخل بأي جهد ومن خلال أكثر من جهة فاعلة فيها وذلك لتوضيح المسألة التالية : إن القيادة الكردستانية المنتخبة من قبل أبناء شعبها لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار و أن الإقليم الكردستاني لن يكون مصدر تهديد للجوار وهي تتوقع أن تعامل بالمثل من قبل الجوار أما وان النظام التركي لا يحترم هذه القاعدة في التعامل بين الدول المتجاورة – خصوصاً وأن إقليم كردستان هو جزء من العراق الفيدرالي وهي دولة ذات سيادة – فإن كل الخيارات الكردستانية مفتوحة وهي ستأخذ جميع الأشكال لتحمي وتنقذ وبكل ما أوتيت من قوة تجربتها الكردستانية ولكون إقليم كردستان هو جزء من العراق الفيدرالي فإن واجب حماية إقليم كردستان يقع على عاتق الدولة العراقية أولاً وقبل غيرها وهذه المسألة كان أول من يجب أن يثيرها قبل الغير هؤلاء المتظاهرين بالغيرة على وحدة العراق من داخل العراق ومن خارجه والذين يتهمون زوراً الجانب الكردي بالسعي للانفصال فوحدة العراق ليست فقط في المطالبة بتوزيع الثروات الوطنية بالتساوي على كل العراق بل هي أيضاً الغيرة في حماية الأرض العراقية بالتساوي أيضاً وإن الصمت المطبق لهؤلاء أصحاب النزعات الكاذبة أصلاً في ادعائها الحرص على بقاء العراق موحداً يؤكدون الهواجس الكردية من أن هناك من يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإن هؤلاء الساسة وغير الساسة المتفرجين الواهمين أن الجيش التركي سيجهز على التجربة الكردستانية يدفعون أبناء الشعب الكردستاني للضغط أكثر على قيادته للإعلان عن دولة مستقلة ، هذا الشعب الذي صوت بشكل حر وبأكثر من 90% للمطالبة بإقامة دولته المستقلة ولكن حكمة القيادة الكردستانية استطاعت أن توضح لشعبها إن الأوان لم يحن بعد وإن مصلحة الكورد تكمن في البقاء ضمن العراق الفيدرالي وليس ذلك فقط بل عملت على ترجمة أقوالها أفعالا فاتجهت بعد تحرير العراق من الطاغية باتجاه بغداد وأصبحت عامل وحدة وتواصل بين الفرقاء العراقيين المتخاصمين في الجزء العربي من العراق الفيدرالي الجديد .

 
إن أي كوردي وفي أي جزء من كردستان  يملك إحساساً بالانتماء إلى هذه الأرض يقع عليه واجب الحفاظ على جزئها المحرر وهذا هو الشرف الحقيقي لأي كردي وعليه فالواجب يحتم علينا عدم تقديم الذرائع للمتربصين الذين يتحينون الفرصة المناسبة للقضاء على الحلم الكوردي الذي بدأ يتحقق وكذلك يجب أن نسمع النظام التركي إن أي مساس بالتجربة الكردستانية في كردستان العراق ستحول جميع أبناء الكورد كل في مكانه وبالطريقة المناسبة لظروفه مقاتلين موحدين في الهدف ، وهنا فإننا نخص أبناء جلدتنا في كردستان تركيا فأين هي الاحتجاجات والمسيرات الضخمة و أين هي الاعتصامات الكبيرة ، أو ليست كردستان المحررة من الظلم (كردستان العراق) هي الظهير الوحيد والحقيقي لنا نحن الكورد في كل مكان وهي بالتأكيد أهم وأغلى من روح أي واحد منا، أو ليس هذا الجزء من الوطن يدفع ثمن حريتكم أيضاً.


و إلى أبناء الكورد في دول الاغتراب نتوجه : إنكم كنتم دائماً صوت وطنكم إلى العالم فهذه كردستان تناديكم تنادي أبنائها فلبوا النداء واسمعوه إلى كل العالم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…