المشروع الأمريكي في جعل قسد قوة وطنية على المحك

د.عبدالحكيم بشار

لقد راهنت أمريكا كثيراً على إمكانية فك ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي  PYD وتوابعه وأدواته كـ: “جوانين شوركر” أو تلك الجهات العسكرية العاملة ضمن صفوف قوات سورية الديمقراطية “قسد” عن قيادة حزب العمال الكردستاني PKKفي “قنديل” وجعلها بالتالي قوة وطنية سورية، إلاّ أن عملية فك الارتباط يبدو بعيدة المنال وليس من السهل إنجازها، وذلك باعتبار أن التبعية الأيديولوجية لـ: PKK يتم التأكيد عليها يوماً بعد يوم وكل مرة من خلال التصريحات الإعلامية الصادرة عن قادة PYD  أو قسد.
وحيث كان ذلك النمط من التفكير ورغبة الأطراف السياسية بفك الارتباط بين الطرفين قد دفعت أمريكا  إلى رعاية الحوار بين المجلس الوطني الكردي ENKS والاتحاد الديمقراطي PYD  مع ملحقاته تحت مسمى PYNK  إلاَّ أن ممارسات مليشيات PYD خلال فترة الحوار ومن ضمنها استشهاد الرفيق أمين العلي تحت التعذيب بطريقة وحشية والتي تعد عملية تصفيته عملاً إرهابياً بامتياز، ومن ثم التصريحات المتتالية لقادة PYD  وقسد، وآخرها تصريح المدعو محمود برخدان الذي أعلن فيه أن قسد سيقف إلى جانب مقاتلي PKK في أي صراع ضمن الحدود القانونية  والسيادية لإقليم كردستان العراق، والذي يؤكد فيه بشكلٍ لا لبس فيه تبعية قسد لقيادة PKK في قنديل، والذي قال صراحةً إن قسد لن تكون حيادية عند نشوب القتال، والطرف الذي ستقف بجانبه قوات قسد واضح وموقفها واضح بهذا الخصوص ولن تقف قوات قسد حيادية، أي بأن تلك القوات ستكون طرف والطرف الذي ستكون إلى جانبه هو الـ: pkk المصنف على لائحة الإرهاب أمريكياً وأوربياً.
وهو الأمر الذي يجعل الرهان الأمريكي بدون ضغط حقيقي وملموس خاسراً في إمكانية جعل PYD وقسد قوة وطنية سورية، كما  أن الـ:  PYD وملحقاته يستعملون كرد سورية لأجندات خارجية ليس لها علاقة بالقضية الكردية ولا بالقضية الوطنية السورية ككل، وأيضاً يُظهر حجم الضرر الذي تسبب به هذا الفصيل المعادي للكرد وحقوقه، إضافة إلى الضرر الذي ألحقه بالقضية الكردية ومحاولة عزلها وطنياً وربطها بأجندات خارجية مشبوهة.
أعتقد أنه آن الأوان للولايات المتحدة الأمريكية في أن تعيد النظر في دعمها لتلك الجهات تحت أي مسمى كان، وإذا كانت معنية فعلاً بالتخلص من سيطرة قادة قنديل على PYD وقسد، عليها أن تقوم بضغط ملموس وفاعل ووفق جدول زمني محدَّد، وذلك من أجل فك ارتباط حقيقي بين الفرع والأصل وإنهاء تلك العلاقة.
كما آن الأوان لكورد سوريا بأن ينتفضوا بوجه هذا التنظيم ويقولوا له كفى لممارساتكم الإرهابية، كفى لتحكم مجموعة من الجهلة بمصير أهالي مناطقنا التي فيها من أصحاب الخبرة والشهادات القادرين على إدارة أنفسهم بأفضل الطرق، كفى لسوقكم شبابنا كالنعام إلى مقاصل الموت خدمةً لأجندات قنديل والقوى التي تديرها، كفى لمقالع الأدلجة التي لا يتخرج منها إلاّ محدودي الأفق وفاقدي البصر والبصيرة، كفى لتدخلكم السافر في كل شؤون حياتنا، فنحن لسنا عساكر تحت الطلب لقادة قنديل وأهدافهم الهلامية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…