جدل حول الأطراف الكوردستانية – الجزء الأول

د. محمود عباس

حيثيات التهجم
ضمن متن مقالنا المنشور قبل أيام (كفاكم تعذيبا للشعب الكوردي) مثلما المقدمة، ومن على سطح السطور، ووراء الكلمة، لم نجامل على ما وددنا تبيانه للقراء، نقدنا الأطراف السياسية الأربعة الرئيسة، ذكرناهم بالأسماء، على منهجية التصحيح، وعلى النسق الذي كنا ننقده في السابق، وسنستمر كلما تطلبت الضرورة الوطنية الكوردستانية، أدرجها البعض طعن في المقدس، وتجريح للطوطم، فتفتحت قريحة عبدة الأصنام وكتاب البلاط، حصلنا وقراءنا على ردود اعتباطية، بعضها طالت ذاتنا الشخصية، متغاضين عن معالجة القضايا المثارة، أو تحليل مواضيع المقال.
  والغريب أنها جاءت من موالي كل الأطراف المعنية بالأمر، أدعوا المثالية والكمال لطرف وخونوا الطرف الأخر، وطالونا بالمقال لأننا لا ننحاز إلى صفوف تصعيد الخلافات وتوسيع الصراع. لم يزعجنا ترهاتهم، بل آلمنا تغييبهم للقضايا المثارة، بعضهم بالإيميلات، ومنهم بالمسنجر، إلى أحاديث بالهاتف، والأخيرة تخلله بعض المنطق، وتبادل الرؤيا. غيبوا جماليات النقد بالابتعاد عن كلية المتن وما عرضناه من الإشكاليات المعانية منها شعبنا، المهاجرين منهم خاصة، بينت لنا تخبطهم الفكري، وقلة الوعي السياسي، فلا عتب، لأن من مهمات حراس الأحزاب الكوردية والقوى المذكورة، ليس نشر الفكر الحر والتعامل الديمقراطي، بل إسكات صوت الشارع الكوردي.
  لا أمل في هؤلاء لأنهم خريجي مدارس الأحزاب الشمولية المتأثرة بمنهجية الأنظمة المحتلة لكوردستان، لذا ندعو الأخوة الكتاب ومثقفي وسائل التواصل الاجتماعي، ألا يسهو عن المآسي المؤلمة المعانية منها شعبنا الكوردي وأهلنا في مخيمات جنوب وغرب كوردستان.
 وللتوضيح فإن تملق الأقلام الملجومة إلى الجوانب المضرة، لم ولن- تساعد حكومة الإقليم، ولا قنديلهم ولا الإدارة الذاتية؛ ولن تردء تكرار أخطائهم، ولم يفيدونا، ولا القراء، وخسروا مصداقيتهم كنقاد، أو مدافعين عن القوى المعنية بالأمر، وبالتالي سقطوا في ضحالة التهجم، وكنا نتمنى أن نتلقى نقدا موضوعيا وليس تهجما سفيها، علهم يصححون ما سهونا عنه، ويعيدونا إلى جادة الصواب، ويساهموا في إثارة قضايا الهاربين من الظلم؛ المعانون في المخيمات، وهو المأمول عادة من النقاد الواعيين. 
لم ولن نتملق لأي طرف عند الخطأ، ولن نبيع الوطنيات لمكسب، أو وجاهة، ولن نسكت عليها، عندما نجد النقد، وطلب التصحيح، مفيد لشعبنا، ويضر أصحاب الفعل المشين. 
كيف يبتذل منهجية النقد:
ثلاثة انزياحات تهدم جماليات النقد، وتخرجها من سياقها، وتبعدها عن سمات الوعي، وتهمش رقي النقد كركن من أركان التطور والتطوير، وتلغي منها صفتها الحضارية، وترجح السلبيات على الإيجابيات.
1 عدم التمعن في المقال، وبناء النقد على قراءة اعتباطية أو سطحية، مبنية على العنوان وجمل متناثرة، قد تكون سببها اتخاذ موقف مسبق، أو مكلف بالرد من المتآذي.
2 إضافة مقولات ذاتية على الموضوع، وتلفيق الكاتب بما لم يقال، وبناء النقد والتهجم على أسسه، لتضييع القراء عن ماهية النص، وعن المعروض، والحقيقة المراد منهم معرفتها، وبالتالي تسيير ما يرغبه المعنيون لمفاهيمهم، والتغطية على أخطائهم، أو ما يريدون ترسيخه. 
3 التصلب في الفكر، وعدم القدرة على تناول المادة بالموضوعية، وضبابية رؤية القضايا المعقدة والجنح إلى المبسط؛ ولهذا يستخدم التهجم على شخص المعني بالأمر كبديل، وسيطرة العاطفة على الحكم، المؤدي إلى التفكير الانتقائي، مثلما فعلها حراس المعابد، وكل جهة عرض مقولات ذاتية ساذجة على لساننا. وعلى هذا الأساس قلل كتبة البلاط، أهمية القضايا التي طرحناها.
يتبع…
الولايات المتحدة الأمريكية
2/8/2021م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…