بيان بمناسبة الذكرى السادسة عشر ة لانطلاق تيار مستقبل كردستان سوريا

بعد مرور ستة عشر عاماً على انطلاق تيار مستقبل كردستان سوريا ، وتسع سنوات على اندلاع الثورة السورية وتسارع الاحداث والمتغيرات ودخولها الى منطقة التعقيد ، وعدم توافق الدول النافذة اقليمياً ودولياً في الوضع السوري على ايجاد تسوية انقاذية ، رغم ان التيار قد لعب دورا بارزاً –في الثورة – مع تنسيقيات الشباب في المنطقة الكردية الى ان وصلت في مراحلها الاخيرة الى بروز نقاط استناد وبؤر للثورة المضادة ، لابد من وقفة مع الذات ، والاستفادة من التجارب البعيدة والقريبة في حياة الثورات والشعوب ، بما يمكنها من ادراك نقاط الفشل والنجاح ، والعمل على انتاج خطاب عقلاني لا يتلاعب بمشاعر الكرد السوريين كي يتمكن الكرد من نقل الخطى الى الامام ، والسير بثقة ومعرفة نحو انهاء المقتلة السورية ، وتجاوز خطاب الكراهية والاقصاء ، وردود فعل الاتهام بالانفصال –رغم ان الانفصال حق مشروع –والوصول الى درجة من الاعتراف المتبادل بالوجود ، والحقوق ، والنهوض بالدولة الديمقراطية والعلمانية ،بما يحقق المواطنة المتساوية ،وقيام المؤسسات ، وحكم القانون ،وتطبيق العدالة الانتقالية .
ان تيار مستقبل كردستان سوريا يعلن بهذه المناسبة اكثر من أي وقت مضى ، عن رفض ارتهان القرار السياسي الكردي السوري الى اطراف خارجية وتبعيته الايديولوجية لتلك الاطراف ، وسقوط كل رهانات الحسم ، والاستمرار في الدفاع عن مشروعه الديمقراطي ولن تستطيع العقليات المعلّبة والمسيّجة بدوائر الخوف والوهم ، والمثبطة للعزوم والههم ان تنال من فعل النهوض ومشروع التغيير وقيام المؤسسات ، لقناعته بانه لا ديمقراطية ممكنة دون احزاب ديمقراطية ، ولذلك يعمل بكل شفافية ووضوح من اجل تحقيق المشاركة، والمساواة ، والممارسة الديمقراطية سواء تجاه اعضائه او تجاه الاخرين ، رغم ان استمرار المعارك الهامشية ، والهروب من الاستحقاقات ، وامتلاك الحقائق ، وتوزيع صكوك الغفران ، وطمس الشخصية الكردية السورية ، وفقدان قرارها الوطني ، وسيادة العقل “الاستبدادي ” الكردي ، الذي يدير ويتحكم بالمجتمع ، بما هو عقل عتيق ، و غير متسق مع الواقع ومتطلباته الوطنية والوقائع والدلات العنيدة التي خلقتها الثورة السورية ،-بما هي ثورة وفعل على الذات قبل الاخر – هي السمة الطاغية على المشهد السياسي الكردي السوري.
وقد كان تيار مستقبل كردستان سباقاً في تحليل طبيعة المجتمع الكردي السوري ، واظهار دينامياته المضمرة ، اضافة الى اظهار البعد “الماضوي” في تفاعلاته السياسية والاجتماعية ، حيث كان ذلك المحدد الاكثر وضوحاً ورسوخاً مما يحدث في المجتمع السياسي الكردي ، ورغم صحة اغلب مواقفه وقراءته للأوضاع والسياسات الا ان ذلك لم يمنح التيار فعل التأثير في مجريات الحدث السوري وتبوأ مواقع قيادية فيه ، بفعل تضافر عوامل موضوعية عديدة ، معقدة ومتشابكة ، والتمزقات التي حصلت داخل تنظيمات التيار ، مما دفع لتداعيات الوضع الكردي لابل السوري ان يذهب لمصلحة بعض القوى المدعومة من اطراف خارجية ، او المعارضة السورية التي لم تختلف كثيراً لا في بنيتها ولا في تفكيرها عن النظام الاسدي ، والتي حاولت حيازة مواقع الهيمنة والاستئثار على احوال الثورة وقطف ثمارها وحيازة اموالها ، ولذلك كان موقفها عدائيا تجاه الكرد وخاصة قواها الديمقراطية التي تم اقصائها وابعادها عن المشهد السياسي السوري العام بعد سيطرة قوى التطرف والاسلام السياسي ، والمرتهنة لأجندة تركيا والنظام السوري في اتهامها الكرد “بالانفصاليين” ، دون ان نرى من المعارضة السورية موقفا جريئا وصريحا تجاه حقوق الشعب الكردي ومظالمه السابقة .
يؤكد تيار مستقبل كردستان سوريا بهذه المناسبة على ان الاشكال التنظيمية الموجودة حالياً لم يعد ممكناً لها ان تؤدي دوراً ايجابياً وان الاطر والاحزاب الكردية القائمة لا بد ان تلتقي من دون ادعاء تمثيل الكرد السوريين ، بل من اجل تثبيت القضية الكردية في ابعادها الوطنية والقومية والديمقراطية بالاستناد الى عاملين اساسيين الاول استقلالية القرار الكردي السوري وعدم ارتهانه لأية جهة خارجية والثاني مواجهة الاستحقاقات التي يتم فرضها من قبل روسيا وايران وتركيا والاستمرار بالنضال من اجل الحرية والديمقراطية والعلمانية وصولا الى دولة المواطنة المتساوية ، والتي تكفل للجميع حقوقاً متساوية افراداً ومكونات قومية او اثنية ، والاعتراف بها عبر الدستور الذي يتم صياغته في جنيف .
ان طموح التيار في سوريا الجديدة يتجسد في ان تكون دولة متعددة القوميات والاديان ، سوريا الفيدرالية ، سورية تطبق وتحترم حقوق الانسان اضافة الى حقوق الشباب والمرأة وتطلعاتهم في غد كريم وحياة امنة ومستقرة ، ولن يدخر التيار جهداً في العمل على توسيع تمدده التنظيمي والذي يحصل بالفعل بأشكال وادوات مختلفة بالرغم من كل العوائق والتحديات .
ان وجود تيار مستقبل كردستان سوريا في المجلس الوطني الكردي لا يثنيه عن القول بأن المجلس بحاجة الى مراجعة فكرية وسياسية وتنظيمية بعد سنوات على عقد مؤتمره الثالث ، وانه بحاجة الى عقد المؤتمر الذي تم “اقراره” مؤخراً بغية تجديد المجلس ، وضخ دماء جديدة في مكاتبه ومؤسساته ، وتجديد الثقة به .فالمجلس عبارة عن تحالف سياسي بين قوى مختلفة على اساس مشروع سياسي هو المشروع القومي الكردي بقيادة الزعيم مسعود بارزاني ، وهو ما تكافح من اجله كل القوى المنخرطة بالمجلس ، عبر انهاء الاستبداد واقامة نظام حكم ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات المتساوية لجميع المواطنين دون تمييز ، وبلورة رؤية مشتركة للحقوق القومية الكردية وتضمينها في الدستور الجديد .
اما في عفرين وسري كانيه وكري سبي فان تهجير الكرد ، ومنع عودتهم ، وبناء المستوطنات بهدف تغيير البنية الديمغرافية السكانية لازالت قائمة من قبل تركيا ومجموعاتها المسلحة “الجيش الوطني السوري “وبالتالي ينبغي عدم السكوت على ارتكاب هذه الجرائم ، وتوثيقها ، والتي تعد حسب القانون الدولي جرائم ضد الانسانية ، في حين السكوت عنها يعتبر “خيانة” وتواطأً ومشاركة فيها بجميع تبعاتها واثارها ، وبهذه المناسبة ، ندعو ابناء الشعب الكردي الى رص الصفوف والضغط على المجتمع الدولي ، لإخراج تركيا والمجموعات التابعة لها من عفرين وسري كانيه وكري سبي ، ومن كافة المناطق السورية الاخرى ، وتسليم المنطقة لسكانها الاصليين ، كما يدعو المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته الاخلاقية والقانونية ، في اجبار السلطة السورية على تنفيذ القرار 2254 وانهاء القتل والدمار، ووضع حد لتدخل روسيا وايران والميليشيات التابعة لهما ، كي يستطيع السوريون من بناء دولتهم المنشودة ، دولة ديمقراطية تعددية لامركزية على قاعدة المواطنة المتساوية وشرعة حقوق الانسان .
ان سياسة انكار الازمة لا بل اختلاقها كما حدث في القرار 119 القاضي برفع اسعار المشتقات النفطية ، والتنصل من مسؤولياتها كسلطة امر واقع تجاه المجتمع ، ووضع العراقيل في وجه المفاوضات الكردية ، هي السمة الابرز لسياسة ب ي د ، هذه السياسة التي ترافقت مع تفاقم الازمة الاقتصادية ، وارتفاع الاسعار، وفقدان الليرة السورية لقيمتها الشرائية امام الدولار ، نتيجة الانهيار الذي بدأت تشهده ، بسبب استمرار الطغمة-السلطة في سياستها التدميرية ، ورفضها الامتثال للحل السياسي وفق القرار الاممي 2254 وانهاء المقتلة السورية ، والمستمرة منذ تسعة اعوام وحتى الان وبهذه المناسبة يحي التيار مقاومة شعبنا ووقفاته الاحتجاجية العفوية ضد القرار 119 ودفاعه المشروع عن حقوقه الانسانية والمعيشية والديمقراطية .
المجد والخلود لشهداء كردستان وسوريا.
المجد والخلود لشهداء تيار مستقبل كردستان مشعل التمو و انور حفتارو ومصطفى خليل.
المجد والعلياء لرفيقة الدرب زاهدة رشكيلو
وكل عام وشعبنا ووطنا بخير
تيار مستقبل كردستان سوريا
الهيئة التنفيذية
قامشلو 29-5-2021

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…