خالد بهلوي
أصدر الأمير مقداد مدحت بدرخان اول جريدة كردية (باللغتين الكردية والتركية) والتي طبعت في القاهرة عام 1898 اعتبر بمثابة منعطف تاريخي هام في تاريخ الشعب الكردي المعاصر، إذ تمكن القائمون على تحرير هذه الجريدة من إصـدار 31 عددا على مدى أربع سنوات
وتتالت بعدها الصحف والمجلات الكردية بالظهور وإن كانت بنسب وبفترات زمنية متفاوتة إضافة الى انتشار القنوات والفضائيات والاذاعات الكردية في عموم أرجاء كردستان.
يعتبر عيد الصحافة مناسبة لمطالبة الحكومات بضرورة الوفاء بتعهداتها تجاه حرية الصحافة. والصحفيين. أيضاً فرصة لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين تعرضوا للإهانة او الاعتقال او قدموا أرواحهم فداءً لرسالة القلم ولإعلاء كلمة الحق عن الشعوب المظلومة.
والذين ساهموا في إنقاذ حياة الناس بفضل ما يقدمونه من تقاريرعن الاحداث اليومية وخاصة عن قضايا الصحة العامة كوفيد 19 كمثال.
للأسف كثير من دول الشرق الاوسط، لازالت تمارَس الرقابة على الاعلام، وتُفرض عقوبات، وتعلَّق اصدار الصحف، وتُغلَق دور النشر، بينما يلقى الصحافيون والمحررون والناشرون ألوانا من المضايقات والاعتداءات والاعتقالات وحتى الاغتيالات في العديد من الحالات.
تأتي أهمية صحيفة بنووسه التي تصدر منذ عام 2012 كصحيفة وطنية مستقلة والتي قامت بدورها كأعلام حر في بناء مواطن مسلح بالمعرفة والعلم وترسيخ فكرة الانتماء الى الوطن إضافة الى القضايا المختلفة بعيدا عن الهيمنة الحزبية او النظرة الشوفينية المغلقة وساهمت بشكل فعال من اجل حقوق الكرد المشروعة.
ولا ننسى الرعاية والعناية الفائقة من المجموع المشارك والمساهم مع الطاقم الفني وبتصميم وتحديث مستمر برعاية واشراف الأخ الزميل/ خورشيد شوزي الذي لم يبخل بجهده ووقته ولم يشكو يوما من ضغط العمل وبمهنية عالية وبروح من المسؤولية والاحساس والشعور بأهمية القلم والكتابة في رصد ومتابعة وإيجاد الحلول ما أمكن لهموم وقضايا الشعب.
نجحت بينوسه نو بامتياز بالحفاظ على الاستقلالية المهنية في رصد الحالة اليومية المعاش رغم أجواء حالة اللا استقرار التي مرت بالمنطقة. وانقسام المجتمع الى طبقتين طبقة فقيره معدومة ومسحوقة. وطبقة تجار الحروب والأزمات.
ضمن هذا الواقع حافظ بينوسه على نهجه وخطه المستقل في كشف الحقائق والدفاع عن المظلومين والاشارة بكل جرأة الى المظالم التي وقعت على شعبنا بشكل ممنهج ومدروس من قبل المتنفذين والطغاة المهيمنين على القرار والحياة اليومية.
في عيد الصحافة لا بد ان نشير الى تراجع دور الكتاب والصحافة الورقية لأسباب: أهمها العامل الاقتصادي وحالة عدم الاستقرار النفسي للعاطلين عن العمل الباحثين عن لقمة العيش حيث يضطر هؤلاء إلى مشاهدة المباريات الرياضية وبرامج التلفزيون الترفيهية لنسيان هموهم ومتاعب الحياة.
ومن يجد عملا يعمل نهارا ويتبعه بعمل ليلي آخر لتامين متطلبات الحياة المتزايدة دون هوادة، فأين يجد وقته للقراءة أو كيف يفكر بشراء كتاب او مجله او صحيفة يومية لان سعره يكفي طعام يوم لأسرة متوسطة الأفراد.
إن ظهور الانترنيت والمحطات التلفزيونية والهيمنة الإعلامية والموجهة نحو هدف معين أغرقت سهراتنا بالبرامج الرخيصة والمبتذلة وابعد قارئنا دون إن يدري عن لذة القراءة الورقية ومتعة الانسجام مع الكاتب.
إضافة إلى توفر الكتب والصحف الالكترونية وأصبحت في تناول الجميع فخلال دقائق تستطيع الدخول إلى اي مكتبة واقتناء كتاب او صحيفة وتنسخه في حاسوبك
هذه الصعوبات إثرت على قدرة الكاتب بالكتابة، فإذا توفر للكاتب المال لطباعة كتاب او اصدار صحيفة ورقية فان النسخ تبقى في المكتبات دون بيع ويصبح الكاتب يبحث عن صديق ليهديه الكتاب او ليساهم معه في نشره وتوزيعه لتعميم الفائدة، ولأنها لم تعط الحياة السعيدة للفرد في بلداننا، يضطر الكاتب نفسه البحث عن سبيل آخر للعيش أو يأكل على موائد السلاطين فمن مدح السلطان عاش سعيدا. ومن حافظ على كرامته عاش فقيرا.