العقلية المتخلفة للعنصريين تكرس التقسيم في المنطقة .. هنيئا لك يا دكتور فيصل القاسم (!)

  جان كورد
10.10.2007

تابعت قبل ساعات قلائل برنامج “الاتجاه المعاكس” الذي يقدمه الدكتور فيصل القاسم في قناة الجزيرة أسبوعيا ويشاهده الكثير من خلق الله في شتى أنحاء المعمورة، سواء عن طريق التلفزيون مباشرة أو عن طريق الموقع الانترنتي للقناة…

الموضوع مثار الجدل كان : مشروع التقسيم في المنطقة… وطرفا الحوار: الكاتب الكوردي الأستاذ شيرزاد عادل اليزيدي والدكتور إبراهيم علوش الناشط في مجال مكافحة الصهيونية والعنصرية (!)…
بدأ الدكتور فيصل القاسم كعادته بطرح المسألة من وجهتي نظر متناقضتين، ولكنه كعادته أيضا يختار “الطرف الكوردي” دائما كحليف لأعداء الأمة العربية ، مع أن العالم العربي يعج بعملاء الامبريالية الأمريكية والصهيونية والاستعمار، من ملوك وأمراء ورؤساء وجنرالات وغيرهم ممن يعتبرون زعماء للأمة العربية… واعتبر هذا الصحافي الذي يدعي الموضوعية المهنية زعماء الكورد شراذما في خدمة الأجنبي… وهذا ما أزعجني حقا منذ بداية البرنامج لأن مقدم برنامج هام كهذا يجب أن يتحلى على الأقل بشيء من العدالة والموضوعية والواقعية السياسية، إلا أنني أجده أحيانا بلبلا ينشد الشهرة والثناء لدى مجموعة معينة دون غيرها في العالم العربي، وهي المجموعة التي يمكن وصفها دون تردد بالمجموعة العنصرية الخطيرة من المجموعات السياسية العربية المتطرفة… ومن عادته ان يمنح الفرصة  – طويلا – في البداية للممثل الكوميدي الأكثر تشددا تجاه العالم الحر الديموقراطي، من أمثال الدكتور إبراهيم علوش الذي يعتبر نفسه ناشطا ضد العنصرية (!) ولكن أكره الروائح العنصرية تصدر منه تجاه الكورد وكوردستان خاصة كلما ظهر على شاشة التلفزيون… ومع ذلك كله يبقى برنامج الدكتور فيصل القاسم  أحد أشد البرامج التلفزيونية العربية اثارة للاهتمام…
أظهر الدكتور إبراهيم علوش الذي بدا الحديث بهجوم قوي وجهه الحقيقي هذه المرة، إذا افتخر علنا بأنه يؤيد الإرهاب والإرهابيين في العراق، بل افتتح حديثه بمقارنة هؤلاء الذين يفجرون الأسواق العراقية ويقتلون مئات الأبرياء من العراقيين في كل عملية يقومون بها بالثائر الأممي الذائع الصيت (أرنستو تشي غيفارا)، وهذا يكفي لفهم عقلية رجل كهذا يسب ويشتم محادثه بأقذر الألفاظ ويعتبر قيادات الشعب الكوردي ، بل وقيادات الشعب العراقي جميعا، بأحذية الأمريكان، وهم يجهدون ليل نهار لتحقيق الأمن والاستقرار في بلادهم بهدف تقريب ساعة عودة القوات الأجنبية إلى بلادها، في ذات الوقت الذي يتوسل فيه قادة الفلسطينيين البيت الأبيض الأمريكي للتوسط في نزاعهم مع الاسرائيليين…
وحقيقة – رغم احترامي الكبير للأستاذ شيرزاد عادل اليزيدي واعجابي الشديد بتواضعه وهدوئه وقدرته على رد كل سهام مؤيد الإرهابيين هذا – ما كنت أبقى لحظة في مجلس حوار مع هكذا شخص ينزل إلى الدرك الأسفل من أسلوب الخطاب، وكان على الدكتور فيصل القاسم تأديبه أو تهديده على الأقل، لا الاكتفاء بمعاملة الطرفين ذات المعاملة… فالبادىء بالهجوم معروف، والأستاذ شيرزاد عادل اليزيدي الذي وصف البعثيين بالفاشيين، وهم كذلك، لم ينزل إلى ذلك المستوى المتدني في المخاطبة، وبخاصة فإن ملايين الناس من مختلف المشارب والمستويات السياسية والعلمية تتابع البرنامج… إن توجيه عبارات بذيئة من ناشط ضد الصهيونية والعنصرية بحجم الدكتور إبراهيم علوش مثل “خسئت!” و “إخرس!” إنما تعكس حقيقة مستواه الخلقي… هذا الذي يتحدث عن مجازر في كوردستان بحق العرب والتركمان وعن “تطهير عرقي!” يمارسه الكورد، وينكر مجازر المقبور صدام حسين ومحاكمات الأنفال، بل يعتبر صدام حسين المجرم بحق الإنسانية شهيدا للعروبة والإسلام، كما ينكر جرائم الأنفال ومأساة حلبجة الشهيدة ، يريد إظهار نفسه كمعارض للتقسيم في المنطقة، وإظهار الكورد كآلة بيد المستعمرين للتقسيم والتجزئة، وفي الحقيقة فإنه يمثل شريحة واسعة من المثقفين العرب الذين لم يفيقوا بعد من صدمة سقوط وزوال حكم الدكتاتورية البعثية، ويبحثون في دجى الليل الطويل عن أي شيء كان ليحاربوا به، حتى الإرهاب والإرهابيين، وهذا ما يقوي من نعرات التقسيم في المنطقة ولا يخفف من وطأة مشاؤيعها وأخطارها…
إن هذا الحقد الكريه لناشط في مجال مكافحة العنصرية (!) على شعب مظلوم كالشعب الكوردي ليس إلآ قاسما مشتركا للعديد من المحاورين العنصريين العرب الذين لايدعون مناسبة إلا ويهاجمون فيها قادة الكورد ويشتمونهم بأدنى التعابير التي تلقوها وتعلموها في مدرسة البعث المتدنية ثقافيا والمتخلفة حضاريا… ويا ويلهم! كيف يتهمون الكورد بالعمالة ويتناسون أجدادهم الذين رحبوا في برقية مطولة لمجمع الصهيانة في ألمانيا مرحبين بقيام دولة يهودية في فلسطين، ووضعوا أياديهم في أيادي الانجليز ليحصلوا منهم على الحجاز والعراق والأردن؟ كيف يستطيع هؤلاء تجاهل ونكران التاريخ الواضح المعالم والأحداث العظام، وإن نسوا تلك الأحداث البعيدة عنهم فكيف ينسون تحالف زعمائهم أثناء حرب الكويت مع الأمريكان والانجليز ضد الغزو الصدامي…؟

أود أن انوه هنا ثانية إلى ان الأستاذ شيرزاد – الكوردستاني قلبا وروحا- قد اكد على رغبة الشعب الكوردي في العيش المشترك مع الشعوب الأخرى في العراق، وأوضح في نفس الوقت حق الأمة الكوردية في ممارسة حقها في تقرير المصير، وحدد بأن الفيدرالية في كوردستان العراق هي التعبير الحالي الواقعي لممارسة هذا الحق، وذكر بأن الدستور الكوردستاني في العراق قد أقر ذلك، وكل هذا يجري وفق مواد دستورية عراقية، إلا أن الدكتور إبراهيم علوش العنصري حتى العظم كان يريد الاثارة والحرب بذريعة أنه ضد التقسيم وضد مختلف القيادات العراقية الحالية… وهكذا أشخاص يساهمون من خلال قناة الجزيرة وغيرها في تسريع عملية التصادم بين القوميات التي تجد نفسها ذات حقوق يمكن الوصول إليها عن طريق الحوار وبين أنصار الإرهاب الذين لايهمهم شيء سوى تعكير الأجواء لظنهم بأن الصيد في الماء العكر أسهل، والمستقبل سيرينا أن معظمهم جزء من آلة الهدم والدمار والتقسيم وليسوا أعداءه، مهما حملوا من رايات عروبية – إسلامية براقة، ومهما كشروا عن أنيابهم الحادة وتلفظوا بتهديداتهم القاسية تجاه الكورد كالتي اطلقها هذا العنصري الحاقد على مرأى ومسمع المتابعين للبرنامج…
مثل هذه القضايا الساخنة لاتناقش بمثل هذه العصبية البعيدة كل البعد عن الأخلاق الشرقية الدمثة، ولكن يبدو أن القائمين على البرنامج لايريدون سوى الاثارة حتى ولو كانت على حساب شعوب المنطقة وكرامة الناس… وهذا سيء لقناة الجزيرة ولايمكن التصفيق له من قبل أي عاقل في المنطقة… ماذا لو كان والد الأستاذ شيرزاد عادل اليزيدي في مكان ولده في مواجهة خصم يتدنى في اختيار ألفاظه بهذا الشكل التافه، وأعني في مواجهة الدكتور صاحب يافطة “مكافحة الصهيونية والعنصرية!”؟؟؟ أعتقد بأنه كان سيضع حدا لذلك التدني اللاأخلاقي الذي قام به الدكتور إبراهيم علوش الذي أعلن تأييده الصريح للإرهابيين وفلول البعثيين العراقيين وهدد الكورد تهديدا مباشرا في أشهر قناة عربية واستصغر قيادات الكورد وأهان محادثه المؤدب والواعي والهادىء دون سبب عدة مرات…
فهنيئا يا دكتور فيصل القاسم على اختيارك لمثل هؤلاء الذين يخجل المرء من رؤيتك إلى جوارهم وهم يتشدقون بالكلمات الكبيرة في ساحة الوطنية المزعومة ويستطيعون بفضل برنامجك إظهار ولائهم للإرهاب والإرهابيين بصراحة والتأكيد على موالاتهم لمجرمين بحق الإنسانية مثل زمرة صدام حسين البعثية العفلقية البائدة…

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…