الأحزاب الكردية وحديث الساعة

دلكش مرعي

لقد أثير الكثير من الجدل حول مواقف وتوجهات الأحزاب الكردية منذ تأسيسها وإلى يومنا هذا ولم تنقطع وتيرة هذا الجدل والسؤال المطروح هنا هل هذه الأحزاب تمثل أو تعبر عن إهداف وتطلعات الشعب الكردي في سوريا أو هل أنتخبهم الشعب الكردي ليكونوا ممثلين عنه في الحقول السياسية المختلفة…. أعتقد إن الجواب ستأتي بالنفي لأن هذه الأحزاب بإرثها الفكري والسياسي والسلوكي المتخلف تنتمي بعظمها إلى فصيلة الأحزاب الشمولية التقليدية التي أنتشرت بكثرة في منطقة الشرق الأوسط في بدايات القرن الماضي وتنتمي إلى نفس الموروث الفكري والقيمي … 
فلو أخذنا البعث السوري على سبيل المثال كنموذج لتك الأحزاب فأن هذا الحزب لم ينتخبه الشعب السوري ليكون البعث قائداً له وللدولة بل فرض البعث نفسه عبر انقلاب عسكري وبقوة الدبابة والعسكر وفرض نفسه على رقاب الشعب السوري والكل يعلم بأن سلطة البعث لم تمثل يوماً تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والتقدم ولم تمثل إلا مصلحة فئة انتهازية طفيلية بيروقراطية أمنية قامعة مستبدة جثمت على صدر الشعب السوري منذ نصف قرن تكتم أنفاسه وتنهش وتسرق المال العام دون رقيب أو حسيب …. 
والسؤال المطروح هنا وفي هذا المجال كيف يكون الإنسان الحزبي في الوقت ذاته لصاً وطنياً ؟  أو قامعاً قاتلاً للشعب ووطنياً ؟ أن اللصوصية والقمع والقتل والأنا الموبوئة لا يمكن لها أن تجتمع أو تستقيم مع الوطنية وتخدمها اوتعبر عن مضمونها ….. علماً إن المسائل في هذا المجال تبقى نسبية فهناك دائماً شخصيات وطنية مخلصة تعمل داخل هذه الأحزاب ولكنها هي ليست صاحبة القرار……
 أما بالنسبة لحرية وحقوق الشعب الكردي فنحن نعتقد بأن رحيل الاستبداد لا يعني قطعاً رحيل إرثها الفكري والقيمي لأن الحاكم والمحكوم هم من نفس البنية الفكرية والقيمية ولأن شعار الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب هما ليستا العصا السحرية التي تحل بضربة منهما وبدفعة واحدة جميع القضايا العالقة والمستعصية التي عانى منها الشعب السوري بتكويناته المختلفة عبر عقود من الزمن … ولأن الديمقراطية هي نتيجة وحصيلة  لتطور وارتقاء وتغير في فكر الشعوب وارتقاء في نهجها وقيمها واعتراف بإنسانية الإنسان وحريته وحقوقه العامة والخاصة ودون تميز بين حقوق هذا الشعب أو ذاك ……… فالديمقراطية  حسب أحد المفكرين // لا تكون قابلة  حتى كترياق  للجسم المريض // …. 
كلمة أخيرة نقول إما أن توحد هذه الأحزاب الصف الكردي عبر عقد سياسي يخدم هذا الشعب وفي ظل سيادة القانون يخضع لها الحاكم والمحكوم أو ستتحول إلى قوى قامعة مستبدة وفاسدة مثل نظام البعث وستفشل وسترحل مع لعنة التاريخ

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…