غزو وإحتلال عفرين, الفاجعة الكوردية بهويتها العفرينية اليتيمة

م. نذير عجو- هولندا
غزو وإحتلال عفرين كانت ومازالت فاجعة كوردية كوردستانية بإمتياز وبكل ماتعنيه الكلمة من معنى, أولاً لإعتبار أن قاعدة غزوها وإحتلالها تم على أساس عدوانية الغازي والمحتل برؤيتهم لعفرين كمنطقة ذات هوية كوردية أصيلة أرضاً وشعباَ وبالتالي غزوها وأحتلالها هي إحدى بوابات تحقيق أهدافهم العدوانية إتجاه الكورد, وثانياً لحقيقة تجذر كوردية عفرين أرضاً وشعباً وأصالتها وإرتباطها بهويتها الكوردية الكوردستانية, والتي كانت ومازالت تدفعهم بالتفاعل روحاً وجسداً ومقدراتاً, مع أية فاجعة تلامس الشعب الكوردي أينما وجد على الخارطة الكوردستانية, تلك الخارطة التي قسمتها ووزعتها إرادة القوى الدولية المتحكمة مع بدايات القرن الماضي على خراط جغرافية دون إرادة الشعوب التي شملتها تلك الخرائط, 
حيث إتفاقية سايكس بيكو عام ١٩١٦ التي قسمت ووزعت كوردستان التاريخية على خرائط الدول التي أنشأتها الدول المتحكمة بجرة قلم على ورق !!! والتي عقبتها تحركات محلية ( غباء قادة كورد ) وإقليمية ( دهاء قادة ترك وفرس وعرب ) ودولية ( مصالح قادة دول إستعمارية ), فكانت معاهدة لوزان ١٩٢٣التي قضت على آمال الشعب الكوردي المؤجلة وفق معاهدة سيفر ١٩٢٠, حيث أن معاهدة لوزان كانت الضربة القاصمة للوجود الكوردي كشعب يعيش على أرضه التاريخة, حيث حرم من حقوقه المشروعة والمتعلقة بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وفق الدساتير والوثائق والمعاهدات الدولية الوضعية والسماوية, وإسوة  بغيرها من الشعوب الأقل منها نشأءةً وتاريخاً ووجوداً على أرضهم, وسُلم مصير الأجزاء الكوردستانية  كما رقبة الشعب الكوردي كشعب مجزأ لتك الخرائط الناشئة ( تركيا, إيران, العراق, سوريا ), ومنذ تلك المؤامرة ( الفاجعة ) كان العفرينيون بجينتهم وبسيرورتهم الكوردية الكوردستانية الغير منقطعة, سباقون في التضحية وتقديم دمائهم وأرواحهم وأملاكهم فداءاً لأية فاجعة من فواجع  الشعب الكوردي الأزلية والغير منتهية وفي أية بقعة كوردستانية, والوثائق والسجلات كما الذاكرة الكوردية شاهدة على ماذكر على التضحيات المادية والمعنوية وأعداد الضحايا والشهداء العفرينيين, إلا من لايهمهم التاريخ ووثائقه وسجلاته وغيّبتهم ذاكرتهم المثقوبة.
هذه المقدمة أنما أتت ضرورتها ربطاً لواقع ماتعرضت له عفرين في العقد الأخير من هذا الزمن حيث العزل والتجويع وصولاً للغزو والإحتلال ومارافقه من تغيرات ديموغرافية ممنهجة وجرائم ترتقي لمراتب الإبادة الجماعية على أساس الهوية الكوردية, ومن هذا المنطلق, تسلسل وتعمق جرح عفرين بين عفرين لما هو قبل الغزو والإحتلال وما بعد الإحتلال والغزو, حيث تُرك مصير عفرين ماقبل الغزو وحيداً ويتيماً كهوية عفرينية مناطقية معزولة عن عالمها الكوردي الكوردستاني, حيث إستفراد وعنجهية الإدارة الذاتية التي تتحكم بمفاصلها حزب الإتحاد الديمقراطي ب ي د ( الولد الشرعي لحزب العمال الكوردستاني ب ك ك ) والتي كانت متحكمة دون غيرها بمصير عفرين وأهلها وماأوصلت عفرين إليها, دون الوقوف عند مسؤولياتها القومية والسياسية والأخلاقية والإنسانية فيما يتعلق بمشاركة آخرين أو العفرينيين بذاتهم في أخذ القرارات المصيرية وما يتعلق بحياتهم, وبالتالي كانت المسؤولة المباشرة إتجاه ما آل إليه مصير عفرين لأنها كانت الوحيدة المتحكمة بقرارات الحرب والسلم المتعلقة بعفرين, أما فيما يتعلق فيما بعد الغزو والإحتلال فكانت مسؤولية الإدارة الذاتية مضاعفة لعدم مراجعتها لتجربتها الإستفرادية وعدم الإقرار والإعتراف بالفشل والهزيمة ذات الكلفة الكبيرة بشرياً ومادياً ونفسياً وكذلك بالإستمرار بنهجها الإستفرادي والإستبدادي والسيئ النتائج, والمتحكم بمصير ومستقبل الشعب الكوردي في الخارطة السورية, أما البقية الباقية من الحركة الكوردية  في الخارطة السورية ومسؤولياتهم إتجاه عفرين, فكانت بواقع  المتفرج أو المتعامي لابل بواقع الشامت لحال ومصير الإدارة الذاتية المتحكمة بعفرين لدرجة تصفيق وتبرير أو مشاركة بعضهم لما ذهبت إليه عفرين على يد الغزاة والمحتل التركي, وتم إختصار عفرين بصورة إدارتها الذاتية والمتحكين بها, وإلى حينه عفرين آخر مايمكن أن تكتب في أجنداتهم (هذا إن كانوا يعملون على أساس الاجندات),  أما باقي أطراف الحركة الكوردية على إمتداد تواجدها الكوردستاني على الخرائط الغير متكافئة عدلاً وحقوقاً, والتي يتواجد عليها الشعب الكوردي, فترجمت تلك القوى الكوردية صراعاتهم كما يقولون في رأس عفرين فكانت ومازالت عفرين ضحية الصراعات الدائمة بين القوى ذات التاثير على الساحة الكوردستانية (الحزب الديمقراطي الكوردستاني , حزب العمال الكوردستاني, وبدرجة أقل حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني) فكانت عفرين بقرة حلابة وصيد ثمين لطرف إستهلكت هنا وهناك لأجندات كثيرة دون أجندة المحافظة على سلام وأمن عفرين أو مقايضات تخدم خلاص عفرين من مأساتها (حوالي ١٥ ألف شهيد من أجل تحرير الرقة ودير الزور دون ثمن ملموس أو محسوس) , وتعامي ولا مبالاة لما يحدث في عفرين من طرف آخر من الحركة الكوردستانية ولادور للعفرينيين إلا لبعضهم كشهداء زور على المواقف البطولية لهذا الطرف أو ذاك, وآخرين كجنود تحت الطلب ومشاريع شهادة خدمة لمصالح هذا الطرف أو ذاك بعيداً عن الإلتفات لما يحدث في عفرين ومحاولات إنقاذها ضمن الإمكانيات المتاحة ولو بحدودها الدنيا .
وكما يقولون أن تصل متأخراً خيراً من أن لاتصل, والتي تعني مازالت عفرين حتى الآن تستصرخ ضمائر قادة الحركة الكوردية بأن ينظروا لمسؤولياتهم القومية والسياسية والأخلاقية في لعب دورهم في إنقاذ عفرين من مأساتها, ولو بكلمة مواساة أو بموقف ذي جرأة ودون مواربات في رؤوية الصورة الحقيقة لما حدث ويحدث في عفرين ونقلها دون خضوعها للمصالح الشخصية أو الحزبية لدهاليز أصحاب القرارات الحاسمة من الدول الكبرى, وكلٌ حسب موقعة من التأثير.
فعفرين بين خيارين لاثالث لهما, وهو إستمرار سكوت الكل عما يجري لها من جرائم ترتقي لجرائم الإبادة الجماعية للهوية الكوردي فيها ومن تغيرات ديموغرافية ممنهجة لتصبح واقعاً مستقبلياً كبقعة زائلة كانت تسمى عفرين و تُعرّف بخصوصيتها وبهويتها الكوردية الكوردستانية, أو الصحوة الكوردية الكوردسانية في لعب القوى الكوردية أدوارها في تغيير مسار مصير عفرين, والقفز عن واقع صراعاتها ومصالحها الحزبية وصولاً لنكران الذات مقابل إنقاذ جزء من الخارطة الكوردستانية وشعبها الاصيل, والتي يمكن إختصارها في وحدة المواقف إتجاه الغزو والعدوان التي تعرضت وتتعرض له عفرين والوقوف بجانبها كما كانت عفرين بجانب كل فاجعة يتعرض لها الكورد في كل زمان ومكان من كوردستان.
١٨-٠٣-٢٠٢١

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…