زيارة وفد من الائتلاف الى اقليم كردستان

م . بنكو 
مبدئياً علينا ان نقتنع بأن اي تحرك سياسي مبني على المصالح. إذا اقتنعنا بذلك سيكون من السهل معرفة النوايا الصريحة و الخفية لزيارة وفد الائتلاف السوري بقيادة نصر الحريري و استقبلهم ممثلية المجلس الوطني الكردي في العاصمة هولير.
زيارة وفد الائتلاف جاءت نتيجة تراكم الخلافات في وجهات النظر بينهم و بين المجلس الوطني الكردي  بالإضافة الى البرود الحاصل في علاقاته مع المجلس الوطني الكردي على خلفية الجرائم التي ترتكبها الفصائل المسلحة التابعة للائتلاف في المناطق الكردية المحتلة، ففي الآونة الاخيرة ازادت هوة الخلاف بين الائتلاف و بين المجلس الوطني الكردي نتيجة ضغوطات الشارع الكردي على المجلس و تجاوز المجلس سقف الائتلاف في بياناته المنددة بالأعمال الاجرامية لتلك الفصائل المرتزقة.
يمكن ان نستنتج من ذلك بأن زيارة نصر الحريري مع وفده الى الاقليم  في هذه المرحلة جاءت لسببين رئيسيين: السبب الاول هو ان الائتلاف الوطني ينظر الى المجلس ككيان مهزوز و ضعيف و غير قادر على اتخاذ قرارات مصيرية، لان المجلس تراجع مرات عديدة عن تهديداته للمعارضة و خاصة الائتلاف، كثيراً ما ذكر المجلس الوطني الكردي في تصريحاته (سيكون لنا موقف آخر أو لن نبقى بدون موقف) لكنه ابتلع تهديداته رغم عدم استجابة الائتلاف و المعارضة لمطالبه الحقة (مثال، عندما طالب بتغيير الزعبي الذي اهان المجلس و الاقليم معاً، يومها كانت تصريحات قيادات المجلس نارية و قالوا بانهم لن يعملوا بقيادة الزعبي بعد تصريحاته و رغم بقاء الزعبي استمر المجلس و بلع تهديده)  كما ان الائتلاف الوطني قد خبر وزن المجلس و توصل الى قناعة  بان قرار المجلس الوطني الكردي مرهون بقرار بعض قياداته و قرار اقليم كردستان، لذلك زيارة الاقليم هي زيارة بروتوكولية لترتيب الأجواء و محاولة لتبرير تقاعسهم في الدفاع عن المدنيين في المناطق المحتلة و عدم تفعيلهم للجنة المشتركة بينهم و بين المجلس الوطني الكردي و التي كانت مهامها إنهاء الانتهاكات بحق المدنيين و العودة الآمنة للمهجرين الى مناطقهم.
السبب الآخر هو القناعة التامة لدى الائتلاف بأن المجلس الوطني الكردي هو آخر اوراق شرعيته بعدما انسحبت معظم القوى و التجمعات العلمانية منه، كتجمع الديمقراطيين و تيار المواطنة و غيرهم  الكثير من الشخصيات فلم يبقى ضمن هذا الهيكل سوى الاخوان و مجموعات اخرى تابعة للاخوان و لكن بمسميات اخرى بالاضافة الى شخصيات داعشية حليقة الذقن، لذلك فالائتلاف مقتنع تماماً بأن خروج المجلس الوطني الكردي يعني خسارته لآخر أوراق شرعيته التي بالأساس فقدت الكثير من أوراقها الاخرى بعدما صارت جزء من جزء من المعارضة كما في الهيئة العليا للمفاوضات، إضافة للحراك السياسي الحالي المدعوم من بعض الدول العربية والمتوجه نحو بناء كيان سياسي معارض جديد بديل.
للسببين المذكورين أعلاه، نجد بأن الائتلاف يتحرك للحفاظ على وجوده و حسب مصالحه، فبدلاً من التهجم اللامبرر على قيادة إقليم كردستان من قبل البعض، علينا ان نستغل الزيارة لمصلحة شعبنا و ذلك بمطالبتهم بلجم كلابهم الشاردة التي ترتكب ابشع الجرائم بحق أهلنا في عفرين و بقية المناطق المحتلة. كما على قيادة المجلس اللعب معهم بنفس اساليبهم كأن يوجه البعض من الشباب الى القيام باحتجاجات و وقفات أمام مقر إقامتهم و رفع لافتات تندد بالجرائم التي ترتكبها الفصائل المرتزقة و ان تكون بشكل سلمي و مدني يليق بمكانة الإقليم، كما ينبغي ان يلمح المجلس لهم بشيء من التهديد لتحسين وضع أهلنا في المناطق المحتلة و عودة المهجرين. عدا ذلك من اتهامات بالعمالة و غيرها ليست سوى ردود افعال عاطفية متأثرة بإعلام الآبوجية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…