الجنرال

منال الحسيني – ألمانيا 
هذا اللقب الذي أهدته أمريكا ليكون عربون وفاء لخدماته لها، إنه قائد قوات سوريا الديمقراطية فرهاد عبدي شاهين و الذي يعرف بأسماء حركية عدة منها شاهين جيلو و مظلوم عبدي و مظلوم كوباني ، و لأننا سذج كانت لكلمة الجنرال وقع آخر على آذاننا بنكهة أمريكية هذه المرة، مع أن مصطلح  القائد العام للقوات المسلحة يملك نفس المعنى و أحيانا أرفع بمعناه العسكري في بعض الدول .
هذا اللقب الذي تضخم و انتفخ كالبالون و خرج عن إطاره الواقعي بفعل الإعلام الموجه حتى بات أكبر من حجمه، إنه الرمز و صاحب المعجزات أغوى ليس عامة الشعب فحسب، بل الكتّاب و المثقفين و السياسيين المخضرمين الذين  أخذوا يتغزلون به و يتغنون  “ببطولاته” في عفرين و تل ابيض و سركانيه و  يوجهون نداءات عبر المواقع الإلكترونية و السوشال ميديا يطالبونه بوضع حدٍ للانتهاكات التي تمارسها قواته بحق الشعب المغلوب على أمره و كأنه يسوع المسيح مخلصهم  متناسين أنه قائد هذه القوات، التي لا تتحرك إلا بأمره .
لو قمنا بإحصاء كمية و نوع الانتهاكات التي حدثت قبل تسلم صاحبه قيادة قوات سوريا الديمقراطية و بعد تسلمه زمام السلطة في ” روجافا ” لرأينا أن عدد القصر المختطفين في تزايد  حتى باتت تطال الأطفال ذوي الثلاث سنوات و الأربع سنوات و الست سنوات ؛ خمسون يومأً و أطفال عائلة د.لازكين ايبو في المعتقل على سبيل المثال عائلة كاملة تُختطف دون ذنب من قبل قواته، فقط لإن ابناً لهم كان موظفا مدنياً في مجلس منبج العسكري ترأس لجنة لمكافحة الفساد وقدم استقالته واختفى عن الأنظار بعدما هُدد بالقتل حسب روايته، فيما إذا كانت صحيحة أو لا ما ذنب عائلته لتعتقل كل هذه المدة قال تعالى: “ولا تزر وازرة وزر أخرى ” و عندما طالبت والدة المتهم في هذه العائلة بمعرفة مصير أولادها و أحفادها و زوجها المختطفين عبر فيديو نشر على الفيسبوك البارحة صباحاً تم إلقاء القبض عليها في نفس اليوم ليلا ًو هي عائلة كوبانية أي من مسقط رأس الجنرال!!
و لو ألقينا نظرة على حال الشعب الكردي حصراً قبل و بعد وصول صاحب الجلالة لسدة الحكم : هل الأوضاع الأمنية و الاقتصادية و التعليمية أفضل مما كانت عليه أم أتعس ؟! الشعب الباقي على أرضه و الصامد قسراً يتضور جوعاً و رفاق الجنرال و من يدور في فلك حزبه أصيبوا بالتخمة من المال الحرام، أما غالبية الشعب  الكردي فَشُرٍدَ في كل أصقاع العالم .
ثم ماذا عن وضع اتفاق الوحدة بين الأطراف الكردية في عهده، هل طرأ أي  تقدم في هذا المضمار رغم وجود الضامن الدولي، أليست هي نفس السياسة التي يتبعها حزب الاتحاد الديمقراطي pyd من أول يوم من ادعائه و اظهار رغبته في الوحدة و اشراك جميع الأحزاب في إدارة المناطق الكردية في سوريا كتلك الاتفاقيات التي  كان يوقعها في هولير و دهوك في كردستان العراق و يمارس الانتهاكات بحق أعضاء هذه الأحزاب و يقوم بحرق و احتلال مقراتها في كردستان سوريا، أليست هي نفس السياسة التي تطالب بالوحدة عندما يكون الحزب الواحد الأوحد في زاوية ضيقة إما خوفاً من التهديدات التركية أو أحد منافسيها أو تحت ضغط راعية الاتفاق الولايات المتحدة مستغلة بذلك الوقت و التجييش الاعلامي لكسب الجماهير و الحصول على الدعم من أطراف أخرى ؟!
برأيي لقب الجنرال ثوب فضفاض ممزق و مرقع ألبسته أمريكا لتخدم مصالحها في سوريا وستخلعه حالما ينتهي دوره.
الجنرال أو القائد هو من يحقق انتصارات لبلاده و يحمي شعبه من الأعداء، لا أن يزج بهم في السجون أو يجعلهم وقوداً لمعارك عبثية أو جنودا تحت الطلب في لعبة شطرنج دولية. القائد الحق هو من يفكر مثل مهاتما غاندي حيث قال: “رفضت دائما لعب الشطرنج لأني لا أريد أن أقتل جيشي و جنودي و كل ما هو على أرض الشطرنج لكي يحيا الملك .”. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…