المضحك… المبكي, بين المنطوق والواقع

م. نذير عجو – هولندا

النظام السوري الإستبدادي الذي أثبت وحشيته المفرطة عبرعقود تسلطه على الخارطة السورية ورقاب السوريين ولاسيما في سيرورة الحرب الطاحنة على مدى أكثر من عقد من الزمن, كما المعارضة التي أثبتت في عوالمها وشر أعمالها أنها أكثر إستبداداُ ووحشية من النظام وأكثر منه عنصرية وتطرفاً وإرهاباً إتجاه الآخر المختلف, هاتان القوتان تتسابقان بالتباكي على تدخلات القوى الخارجية  وعلى الوحدة الجغرافية والبشرية السورية !!!, وكل منهما لايرى في سوريا المأمولة له, إلا مزرعة خاصة به, من يعيش على خارطتها يجب أن يكون عبداً مطيعاً لفكره وتوجهاته وعالمه وجبروته ولا مكان للقوانين والشرائع الإنسانية المؤمنة بالعدالة والمساواة والحقوق والعيش المشترك. 
وكذلك يتباكى السوريون بمجملهم على ما آلت إليه حالهم, والكل يبرئ ذاته من مسؤولية الحال لا بل يزداد إنغماساً في مستنقع اللاخلاص من إستدامة العداوات المنتجة للصراعات والحروب بين السوريين أنفسهم ومن خلال تلك الصراعات والحروب تتشرع وتفتح الأبواب أمام تدخّل الأطراف الأخرى من خارج الخارطة السورية في شأن هؤلاء السوريين, نتيجة إستمالة وإستغاثة وترحيب كل من الأطراف السورية المتحاربة للقوى الخارجية بغاية كسر عظم الآخر السوري.
ورغم ماتقدم, كلما إجتمع إثنين أو أكثر من السوريين لتشكيل جماعة أو حركة أو تجمع أو…. وحددوا مطالبهم, يكون الثابت في المطالب رفض التدخلات الخارجية بإستثناء الطرف الذي يحتضن هذا الطرف أو ذاك,!!! إضافة بالمناداة بوحدة سوريا أرضاً وشعباً !!!, ورغم اليقين بأنهم يقصدون الكورد إتهاماً في جزئية وحدة سوريا وكذلك بإستغاثة الكورد لأي قوى تحميهم من العداوة التاريخية للمحيطين بهم , واليقين أيضاً أن كل تصرفات وعداءات الأطراف السورية  لبعضهم من جهة ( النظام والمعارضات ) وعداء كلهم للكورد من جهة ثانية وبلا إستثناء, وكذلك إستمالتهم وإستغاثتهم وترحيبهم للخارج, هو الذي يُعمّق الشرخ ويدفع لزيادة وإستدامة عوامل الصراعات والحروب الأهلية,  وزيادة شروط تقسيم سوريا, الذي يُنبّهون له كثابت مطلبي منطوق .
والأنكى من هذا وذاك أن البعض من الكورد يضعوا ذاتهم وبنفسهم في قفص إتهامات السوريين للكورد لذلك التقسيم ويعلنوها ليلاً نهاراً أنهم بريئون من ذلك, وبأنهم حتى العظم مع وحدة سوريا, حتى ولو أبيدوا على هويتهم الكوردية وعن بكرة أبيهم على يد هؤلاء السوريين المنقسمين حكماً بين التزيّل للتركي أو الإيراني أو الروسي أو العلاني …..على حساب مايسمونه وحدة سوريا!!!.
والكورد بإعلانهم وطرحهم لذلك الثابت للسوريين ( وحدة سوريا الموحدة نطوقاً والمقسة واقعاً ), إنما يؤكدون رغم تعدادهم كشعب على أرضهم التاريخية والذي يفوق الأربعة ملايين, بان حقهم في تقرير مصيرهم لايتعدى إملاءات الآخر السوري عليهم وفي سقفها العالي قبولهم مواطنين في مستنقع اللامواطنة, وفي أنه لو قسّمت سوريا من قبل الآخرين من السوريين سيبقون هم سوريين حتى العظم بغض النظرعن إنكار وجودهم ككورد وصولاً إلى إبادتهم ( شعار هؤلاء الكورد الموت ولا التقسيم !!! ) , ذلك الإعلان الذي يوازي قبول وتبرير البعض الآخر من الكورد لعنجهيات ووحشيات تركيا لإبادة الشعب الكوردي على هويتهم أينما وجدوا, تحت مبرر حماية الأمن القومي التركي!!!.
وهنا يأتي التناقض الفاضح بين المنطوق والواقع الحقيقي المعمول به, وتَغيب أو تُغّيب بديهية أن من يريد وحدة سوريا, عليه أن لا يجلس في حضن التركي أو الإيراني أو الروسي أو غيره من مغتصبي السيادة السورية, ومن ناحية ثانية من يريد خارطة سورية موحدة عليه أن يعترف بوجود وحق الآخر المختلف معه عقيدياً أو طائفياً أو عقائدياً أو أثنياً, وغير هذا وذاك, يمكن القول على سوريا الموحدة السلام ( التقسيم المحتوم ), أو العيش غصباً ضمن الخارطة السورية الموحدة بدوام الصراعات والحروب المستدامة إلى مالا نهاية, لامنتصر ولا سالم فيها.
وأخير لابد من القول :
أنه مازالت هناك فسحة ضيقة من الإبتعاد عن عالم الصراعات والحروب والتوحش الذي ينهش في الخارطة السورية وما على العقلاء القلائل إلا الإعلان الصريح عن خارطة طريق ترضي الكل ضمن الحقوق المشروعة وفق الوثائق والدساتير والقوانين التي أقرتها الدول والشرائع الإنسانية, دون أن ننسى الإقرار الواضح والصريح للسوريين بوجود قضية مهمة للكورد, كقضية أرض وشعب وبالتالي البحث عن مخرجات للعيش المشترك بين الفرقاء بعبارتها الصريحة ضمن الخارطة السورية في أقل تقديراتها والإبتعاد عن بيع العواطف والقفز على الوقائع المأساوية التاريخية منها والحاضرة, فلا أمان ولا إئتمان للأطراف لبعضها إلا بإقرارات وضمانات موثقة تحمي كل الأطراف من الفخاخ الممكنة والتي وقع الكورد مراراً فيها, عسى أن تكون تلك الفسحة الضيقة الكي الذي هو آخر الدواء . 
01-03-2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…