عماد شيخ حسن
دفعني الفضول و مجال الإختصاص و الاهتمام الى التثبت من مدى صحة ما تناولته أقلامٌ خلال الأيام القليلة الماضية حيال برنامج بأسم (جولات) تبثه قناة حلب اليوم الموالية لغاصبي عفرين، و تحديدا بالنسبة للحلقات المتعلقة منها بعفرين و قراها، حيث فكرة البرنامج و محتواه مبنيّة و بإختصار شديد على جولات ميدانية لمقدم البرنامج الى القرى و اجراء مقابلات مع قاطنيها .
رأى البعض بأن البرنامج ممنهج و يحمل في طياته غايات و مأرب سياسية خطيرة و يأتي تكملةً و دعما لمخطط التغيير الديموغرافي الممنهج و ممارسيه في عفرين، من خلال سعيه لتشويه و تزوير تاريخ المنطقة و أصالتها الكردية و تركيبتها السكانية الكردية الخالصة و ما الى ذلك.
الآن و بعد الموجز أعلاه و كرأي شخصي يستند الى العودة لبعض حلقات ذاك البرنامج أرى :
بصرف النظر عن تبعية القناة و أهلها و داعميهم و مموّليهم، و بغض النظر ايضا عن غاياتهم و مآربهم و أجنداتهم العامة منها و الخاصة من وراء البرنامج بالذات، رأيت في البرنامج جملة كبيرة من الايجابيات أضعاف أضعاف سلبياته و مآخذه و أخطاره. و لا أراني مبالغاً لو قلت بأنً ما يخدمنا به البرنامج كأهل عفرين يضاهي خدمات أحزابنا و ممثلينا و اعلامنا الكردي مجتمعة ، و أقول ذلك من باب الإشارة و التأكيد على ضآلة و قزمية و شحّ و سلبية ما تقدمه تلك الاحزاب و اولئك الممثلون و ذاك الاعلام الكردي أكثر من اشارتي الى اهمية برنامج جولات و خدماته.
من الطبيعي و المتوقع جدا، لا بل من المؤكد أخواتي و اخوتي الأفاضل أن يكون الاعلام المتواجد في عفرين تابعاً لمن يسيطرون على عفرين و خادما لأجنداتهم ، و لاسيما اذا ما علمنا بأن تركيا و استخباراتها و سائر بني الارتزاق خاصتها حريصون اشد الحرص على فصل و حجب عفرين و ما يجري فيها من فظائع و موبقات عن اعين و اعلام العالم و منظماته و سواها كسجن فولاذي التحصين..
و بالتالي و من خلال مشاهدة البرنامج و أبعاده و محتواه لا تفسير لدي سوى:
أما أن البرنامج و من ورائه يمارسون مهمتهم بغباء و لا ينتبهون الى انهم لقاء اشارتهم مثالا الى وجود العرب و التركمان الى جانب الكرد في عفرين و كذلك عبر عدم الاشارة و التركيز على الخصوصية الكردية للمنطقة، لا ينتبهون الى انهم لقاء ذلك يؤكدون في الوقت عينه على التهجير الحاصل في عفرين و الاعداد الهائلة للنازحين المتواجدين فيها، فبمثال بسيط نرى في حلقة قرية جوقة على ما أذكر أن احد مستوطني القرية يؤكد وجود اكثر من ثلاثمائة عائلة نازحة و مستوطنة فيها، و هذا كلام هام من الناحية التوثيقية، لأنه و كما يقال (و شهد شاهد من أهله)، بصرف النظر عن دقة المعلومة و خروج البعض فرضا للقول بأن العدد اكبر او اكثر من ذلك.
الى جانب ذلك هنالك و في لقاءات اخرى على سبيل المثال من من النازحين و المستوطنين انفسهم يتفوهون و بعفوية و ربما دون الانتباه الى ابعاد ما يقولونه ، يتفوهون بما يؤكد الهوية الكردية للمنطقة ، اقتبس ( نحن عاداتنا غير عادات القرية هون أو الكراد من ناحية الزواج و غيرو ) انتهى الاقتباس .
اضافة الى الكثير من الامثلة الاخرى التي تؤكد الهوية الكردية للمنطقة و تاريخها و اصالتها الكردية و كذلك التغيير الديموغرافي فيها .
إذا ..اما و كما قلت ان القناة تمارس مهمتها بغباء و هذا مستبعد تماما برأيي ، و إما أنهم ينظرون الى البرنامج كبرنامج ترفيهي لا يدخل بالنسبة لهم ضمن خانة بقية البرامج المؤدلجة للقناة و الهادفة الى خدمة اجندات و ايصال رسائل سياسية معينة .
من المحتمل ايضا أو لا شك بانهم يسعون عبر البرنامج الى إظهار و نقل واقع تجميلى أو صورة جميلة للمنطقة و العيش فيها ، في محاولة للتغطية على فضائحهم و جرائمهم التي فاحت روائحها لهول ما يجري .
اكتفي بهذا القدر و دمتم في حفظ المولى و رعايته .
المانيا ٢٥/٢/٢٠٢١